تبنى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، استراتيجية إعلامية جديدة مستوحاة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تقوم على خوض معارك سياسية شعبوية، بهدف الظهور كزعيم يقف إلى جانب الناخبين، في وقت تتراجع شعبية ستارمر في استطلاعات الرأي.
الاستراتيجية التي وضعها مدير الاتصالات ديفيد دينسمور، تهدف لاختيار "المعارك الصحيحة"، التي يمكن الفوز بها لإظهار قيم الحكومة وأولوياتها أمام الجمهور.
وخلال الأيام الماضية أطلق الزعيم البريطاني معركة قانونية ضد المالك السابق لنادي تشيلسي لكرة القدم رومان أبراموفيتش، ووجّه انتقادات للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بشأن أسعار التذاكر، واستخدم قوة حكومة حزب العمال لتوجيه ضربة ضد خصومه اليمينيين من حزب الإصلاح.
طالما أراد نواب حزب العمال من رئيس الوزراء البريطاني، الذي يعاني من تراجع في استطلاعات الرأي ومعروف بأسلوبه التكنوقراطي الجاد، أن يتبنى نهجاً أكثر مواجهة، بعد مشاهدة ترامب يقود الأجندة الإخبارية الأمريكية من خلال معارك متواصلة مع خصومه تُظهر أنه يقاتل من أجل الناخبين، وكذلك من أجل بقائه السياسي.
قال النائب العمالي غرايم داوني، "تحتاج الحكومة لاختيار الخصوم المناسبين والمعارك الصحيحة التي نعلم أننا نستطيع الفوز فيها، وهذا يسمح بإحراز التقدم ولكنه أيضاً يُظهر للجمهور القيم التي نتمسك بها، والقضايا الأكثر أهمية بالنسبة لنا، والأولويات التي لدينا لتحسين البلاد".
يُعد خوض المعارك السياسية أحد محاور النهج الإعلامي الجديد الذي وضعه دينسمور، رئيس الاتصالات والمحرر السابق للصحف الشعبية، خلال اجتماع مجلس الوزراء الذي عقده ستارمر هذا الأسبوع.
ونقلت مجلة "بوليتيكو" عن أشخاص على دراية بالاستراتيجية، قولهم إن الأمر يتعلق باستخدام المعارك لصياغة القصص وإظهار للناخبين من تقاتل الحكومة من أجله.
وأضافت المجلة أن الخطة تتضمن أيضاً استخداماً أفضل للفيديو على نطاق أوسع من قنوات التواصل الاجتماعي، وإظهار كيف تؤثر السياسات الحكومية بشكل مباشر على الجمهور. وهي تأتي جنباً إلى جنب مع حملة لإشراك المؤثرين خارج فقاعة "وستمنستر" في خطة الاتصالات الحكومية.
استخدم ستارمر، في أكثر معاركه خطورة حتى الآن، منصته الرئيسية في مجلس العموم الأربعاء الماضي، للكشف عن أن الحكومة أصدرت ترخيصاً لتحويل مبلغ 2.5 مليار جنيه استرليني، من بيع نادي تشيلسي لكرة القدم في عام 2022، إلى منظمة إنسانية لأوكرانيا.
ورغم أن الأموال من الناحية القانونية لا تزال ملكاً للملياردير الروسي أبراموفيتش، لكنها مجمدة ومحتفظ بها في حساب مصرفي بريطاني منذ البيع.
وبقي الوزراء يماطلون في النزاع لمدة 3 سنوات، رغم ضغط النواب على الحكومة للمضي قدماً والاستيلاء على الأموال، إلا أن ستارمر قام بوضع القضية في الصدارة، حتى لو كانت التفاصيل القانونية الدقيقة تترك الكثير ليتم حله.
وفي نزاع آخر متعلق بكرة القدم، هاجم ستارمر بقوة الفيفا بشأن أسعار تذاكر كأس العالم المرتفعة.
وصاغ رئيس الوزراء المعركة بعبارات شخصية، قائلاً: "كشخص اعتاد الادخار لشراء تذاكر إنجلترا، أشجع الفيفا على بذل المزيد لجعل التذاكر في متناول الجميع حتى لا يفقد كأس العالم صلته بالمشجعين الحقيقيين الذين يجعلون اللعبة مميزة للغاية".
وعندما سُئل عما دفع ستارمر لإجراء تدخله غير المعتاد في منظمة خاصة، قال متحدثه السياسي: "كرة القدم أساسية في المملكة المتحدة وجزء من نسيجنا الاجتماعي".
ويضعه ذلك في الخندق نفسه مع عمدة مدينة نيويورك المنتخب زهران ممداني، (وهو أيضًا من مشجعي آرسنال، على الضفة الأخرى من الأطلسي.
وتعهّد ممداني بتعيين مسؤول لكأس العالم للضغط على الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) من أجل خفض أسعار التذاكر قبل بطولة 2026 التي ستستضيفها الولايات المتحدة.
وضمن النهج نفسه، وافق ستارمر على مراجعة حكومية للتدخل الأجنبي في السياسة، بعد إدانة ناثان جيل، الزعيم السابق لحزب الإصلاح في ويلز، بتلقي رشاوى من جهات موالية لروسيا.
وبقي ستارمر ووزراؤه يهاجمون حزب الإصلاح وزعيمه نايغل فاراج، بشأن الإدانة لأسابيع، لكنها المرة الأولى التي يستخدم فيها قوة الدولة لدعم الهجمات.
ويصر الوزراء على أن المراجعة لا تتعلق بحزب واحد، لكن الوزير الذي أطلقها في مجلس العموم لم يكن يفتقر إلى الخطاب الناري حول حزب الإصلاح.
وأيد نائب عمالي ثانٍ اقتباس صفحة من دليل ترامب، وقال "أعتقد أنها فكرة جيدة. لمحاربة الأشرار".
وحذّر وزراء من أن "المشكلة في نهج ترامب هي أنه ما لم تكن مجنوناً، فمن الصعب الذهاب إلى بعيد جداً".