logo
العالم

"وساطة بوتين".. هل تملك موسكو مفاتيح التفاوض بين تل أبيب وطهران؟

"وساطة بوتين".. هل تملك موسكو مفاتيح التفاوض بين تل أبيب وطهران؟
الرئيس الروسي فلاديمير بوتينالمصدر: رويترز
15 يونيو 2025، 11:44 ص

بينما كانت الصواريخ تحلّق فوق طهران، كانت هواتف الكرملين تنشط على طرف آخر من الأزمة، في محاولة روسية واضحة لإعادة ضبط البوصلة نحو طاولة المفاوضات.

وفي مشهد يعكس تعقيد اللحظة وتعدد اتجاهات النار، بادر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالاتصال بكل من الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حاثًا على حل القضايا النووية العالقة عبر الوسائل السياسية.

أخبار ذات علاقة

جسر منطقة بريانسك

اختراق داخلي.. كيف تعيد التطبيقات رسم "خرائط الخطر" في روسيا؟

ففي بيانين منفصلين أصدرهما الكرملين، جاء أن بوتين أكد لبزشكيان وقوف روسيا ضد الانتهاكات الإسرائيلية لميثاق الأمم المتحدة، وقدم تعازيه في ضحايا الضربات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع نووية وقيادات عسكرية رفيعة، من بينها قائد الحرس الثوري وقائد القوات الجوية والفضائية.

وعلى الجانب الآخر، أبلغ بوتين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن القضايا المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني لا يمكن حلها إلا من خلال الحوار الدبلوماسي، مشددًا على أهمية العودة إلى المحادثات، ما يعني - ضمنيًا - أن موسكو ترفض منطق الضربات الوقائية أو الخيارات العسكرية.

وفي ظل هذا التصعيد، وسعي موسكو لتقديم نفسها كوسيط قادر على التواصل مع الجانبين، يظل السؤال مطروحًا: هل يملك الكرملين بالفعل أوراق التأثير الكافية لوقف الانحدار نحو مواجهة مباشرة بين إيران وإسرائيل؟

أكد الخبراء أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يسعى للعب دور دبلوماسي في تهدئة التوترات المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني، مستغلًا اتصالاته الأخيرة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي ورئيس البرلمان الإيراني، إلا أن فرص نجاح موسكو كوسيط تظل محدودة بسبب انحيازها لطهران وتقاربها الاستراتيجي معها، مقابل برود في علاقتها مع إسرائيل.

وأضاف الخبراء في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز" أن الملف النووي ليس إلا ذريعة لصراع أوسع يهدف إلى كبح النفوذ الروسي والصيني في المنطقة، معتبرين أن موسكو قد تلعب دورًا جزئيًا كضامن تقني لمنع تصنيع القنبلة النووية، لكنها ستواجه تحديات كبيرة في تحقيق وساطة شاملة، خاصة في ظل اصطفاف إسرائيل والغرب ضد إيران، والتعقيدات الجيوسياسية الأوسع التي تحكم المعادلة.

بداية، قال رامي القليوبي، الأستاذ الزائر بكلية الاستشراق في المدرسة العليا للاقتصاد بموسكو، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عرض خلال اتصاله الهاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الوساطة في النزاع القائم.

وأوضح القليوبي أن روسيا لا تملك صفة الحياد اللازمة للقيام بدور الوسيط الحقيقي، مشيرًا إلى أن انحياز موسكو لطهران بات واضحًا، خاصة بعد إدانتها للهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران.

وأضاف أن العلاقات الروسية-الإيرانية شهدت تقاربًا كبيرًا، تُوِّج بتوقيع اتفاقية شراكة استراتيجية خلال زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى موسكو في يناير الماضي، في ظل غياب اتفاقيات مماثلة مع الجانب الإسرائيلي.

وأشار إلى أن تلك الاتفاقية تنص على التعاون والدفاع المشترك، ما يعزز من مكانة روسيا كشريك استراتيجي لطهران، في حين تشهد العلاقات الروسية-الإسرائيلية حالة من الفتور نتيجة انحياز تل أبيب لأوكرانيا واستضافتها معارضين روسًا بارزين.

ورأى القليوبي أن غياب شرط الحياد يجعل من الصعب على موسكو لعب دور الوسيط في تسوية شاملة بين طهران وتل أبيب، لكنه لم يستبعد إمكانية اضطلاعها بدور جزئي، لا سيما في ملفات إنسانية مثل تقليل استهداف المدنيين خلال الضربات الجوية الإيرانية، بالنظر إلى وجود نسبة كبيرة من الإسرائيليين من أصول روسية ويحملون جنسيات مزدوجة.

وأضاف الأستاذ بالمدرسة العليا للاقتصاد بموسكو أن موسكو سبق أن طرحت مبادرات للإفراج عن رهائن إسرائيليين مزدوجي الجنسية احتجزتهم حماس، ما يؤكد قدرتها على لعب أدوار إنسانية جزئية.

آثار غارة إيرانية على إسرائيل

وأكد أن تحسن العلاقات بين موسكو وواشنطن مؤخرًا قد يفتح المجال أمام روسيا للوساطة أو نقل الرسائل بين طهران وواشنطن، موضحًا أن الولايات المتحدة تظل اللاعب الرئيس في توازنات الشرق الأوسط، فيما تُعد إسرائيل - حسب وصفه - "حصان طروادة أمريكي-غربي" في المنطقة.

من جانبه، قال آصف ملحم، مدير مركز GSM للدراسات، إن روسيا تدرك جيدًا أن إيران لا تمتلك الإمكانيات التكنولوجية لصناعة القنابل النووية، مؤكدًا أن البرنامج النووي الإيراني يُستخدم ذريعة لاستهداف طهران.

وأضاف ملحم لـ"إرم نيوز" أن عملية "طوفان الأقصى" لم تكن ناتجة عن خرق أمني، بل جاءت نتيجة تضليل استخباراتي مباشر، جرى تسهيله أمريكيًا وإسرائيليًا لإعادة تشكيل الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن التصريحات التي تلت العملية ركزت على نية إعادة رسم خريطة المنطقة.

وأوضح أن روسيا تدرك تسلسل المخطط الذي يستهدف أولًا حماس، ثم حزب الله، فالنظام السوري، وصولًا إلى إيران، معتبرًا أن هذه التطورات تُستخدم لكبح تمدد النفوذ الروسي والصيني في المنطقة.

أخبار ذات علاقة

الوفد التفاوضي الإيراني في صورة أرشيفية

بعد إسقاطها ورقة المفاوضات.. هل قررت إيران شنّ "حرب استنزاف" على إسرائيل؟

ورأى ملحم أن استهداف إيران لا يتعلق بالملف النووي بحد ذاته، بل بعرقلة المحور الأوراسي الجديد الذي تقوده موسكو وبكين، مشيرًا إلى أن إسرائيل تؤدي دور رأس الحربة في المشروع الأميركي، وسط محاولات تركية للتوسع عبر جنوب القوقاز نحو آسيا الوسطى.

وأشار مدير مركز GSM للدراسات إلى أن نقل المفاوضات إلى تركيا جاء في إطار مساعي موسكو لتحييد أنقرة عن أي نزاع مستقبلي، مضيفًا أن أول نصيحة ستقدمها روسيا لطهران هي العودة إلى المفاوضات، لتكتسب موقفًا قانونيًا وأخلاقيًا أمام المجتمع الدولي.

وشدد على ضرورة توقف القادة الإيرانيين عن التصريحات التحريضية تجاه إسرائيل، مؤكدًا أن روسيا تستطيع التدخل كضامن لعدم تصنيع إيران قنابل نووية، سواء عبر نقل اليورانيوم عالي التخصيب إلى أراضيها أو من خلال الرقابة المباشرة لفرق التفتيش الروسية والدولية.

وأشار ملحم إلى أن موسكو ستنصح طهران بتجنب استهداف القواعد الأمريكية في الخليج، حفاظًا على استقرار المنطقة ومصالح الدول الكبرى، مؤكدًا أن فشل روسيا في الوصول إلى تفاهم مع إسرائيل ليس مرتبطًا بالنووي فقط، بل بخلافات أعمق تتعلق بالسيادة والارتباط بالغرب.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC