في تطور مثير يربك الإدارة الأمريكية، كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن اسم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورد مرارًا في ملفات قضية الملياردير الراحل جيفري إبستين، المتهم بالاتجار الجنسي، والذي توفي في ظروف غامضة داخل زنزانته عام 2019.
وقد أُبلغ ترامب بهذه المعلومات من قبل وزارة العدل منذ مايو/ أيار الماضي، ما يفتح الباب أمام تساؤلات قانونية حادة وأزمة سياسية محتملة داخل الحزب الجمهوري.
ووفقًا للتقرير، فإن وزارة العدل الأمريكية أبلغت ترامب بهذه المعلومة منذ شهر مايو/ أيار، ما فتح بابًا واسعًا للتكهنات السياسية والقانونية، وسط انقسام داخل الحزب الجمهوري وتصاعد الضغط على إدارة ترامب لنشر الوثائق القضائية المرتبطة بالقضية.
وذكرت محطة "بي.إف.إم" الفرنسية، أن ورود اسم ترامب في ملفات قضية إبستين، حتى دون توجيه اتهام مباشر، يحمل تبعات قانونية رمزية وسياسية فورية.
ووفقًا للمحطة الفرنسية، من الناحية القانونية، فإن مجرد ذكر اسمه قد يبرر فتح تحقيق تمهيدي من قبل الكونغرس أو لجان مختصة، خاصة مع مطالب متزايدة من الديمقراطيين وحتى بعض الجمهوريين لنشر الوثائق.
أما سياسيًا، فإن هذه التسريبات تضعف صورة ترامب كرجل "نظيف" أمام قاعدته المحافظة، التي طالما رفعت شعار الشفافية و"تجفيف المستنقع"، بحسب المحطة الفرنسية.
وأشارت إلى أن تزايد الشكوك داخل معسكر ترامب، واتهامه لمؤيديه بـ"الغباء"، يعكس مأزقًا داخليًا قد يربك إدارته، ويحول قضية إبستين من ملف هامشي إلى أزمة محورية، خصوصًا إذا اقترن اسمه برسائل أو أدلة أخرى تمس أخلاقيته أو مصداقيته.
وقد علق مدير الاتصالات في البيت الأبيض، ستيفن تشيونغ، على تقرير الصحيفة قائلًا: "ليس ذلك سوى امتداد للأكاذيب التي اختلقها الديمقراطيون والإعلام اليساري، تمامًا مثلما حدث في فضيحة 'روسيا غيت' الخاصة بأوباما"، في إشارة إلى الشبهات حول تواطؤ بين موسكو وترامب في انتخابات عام 2016.
أما وزيرة العدل بام بوندي، ونائب المدعي العام تود بلانش، فقد أصدرا بيانًا أكدا فيه: "لم تتضمن الملفات أي عنصر يبرر فتح تحقيق أوسع أو اتخاذ إجراءات قانونية".
ولطالما طالبت شخصيات مقربة من التيار الترامبي بنشر "القائمة السرية" المزعومة لعملاء إبستين، الذي كان صديقًا للمشاهير وأصحاب النفوذ، ومنهم ترامب نفسه.
لكن في 7 يوليو/ تموز، صرحت وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي "إف.بي.آي" أنه لا توجد أي أدلة على وجود قائمة مماثلة أو على ابتزاز شخصيات عامة، ما أثار موجة من الغضب على وسائل التواصل الاجتماعي بين أنصار ترامب.
وعادت العلاقة بين ترامب وإبستين إلى الواجهة بعد نشر "وول ستريت جورنال" رسالة وُصفت بـ"البذيئة" كتبها ترامب لإبستين عام 2003.
وردًا على ذلك، رفع ترامب دعوى تشهير ضد الصحيفة ومالكها روبرت مردوخ، كما استبعد البيت الأبيض الصحيفة من قائمة وسائل الإعلام المرافقة للرئيس في رحلته المقبلة إلى إسكتلندا.
ومنذ أسابيع، بدأ الغضب يتصاعد داخل القاعدة الشعبية للرئيس، التي ترفض التصديق بمذكرة صادرة عن إدارته مطلع يوليو/ تموز، تؤكد أن إبستين انتحر ولم يكن يحتفظ بأي "قائمة زبائن" تخص شبكة الاستغلال الجنسي المزعومة.
أنصار ترامب اتهموه بالتراجع عن وعود الشفافية التي أطلقها في حملته الانتخابية، وعبروا عن استيائهم من هذا "الانغلاق"، ليصفهم هو لاحقًا بـ"الحمقى" علنًا.
وفي دلالة على الانقسام المتزايد، نجح الديمقراطيون يوم الأربعاء في إقناع بعض الجمهوريين داخل اللجنة الفرعية لمجلس النواب بالتصويت لصالح مطالبة وزارة العدل بنشر ملفات القضية.
ورغم تصاعد المطالب بالكشف عن الحقيقة، تواصل الفضيحة شلّ عمل مجلس النواب الأمريكي، إذ يعمل رئيس المجلس الجمهوري، مايك جونسون، على منع أي تصويت حول مشروع قرار تقدم به أحد النواب الجمهوريين، يطالب بنشر الملفات القضائية المرتبطة بإبستين، ونتيجة لذلك، توقفت أعمال المجلس منذ أيام عدة.
وفي تعليق مقتضب حول القضية، قال ترامب يوم الثلاثاء إنه "لا يتابع الأمر عن كثب"، ثم انتقل خلال لقائه الصحفي في المكتب البيضاوي إلى مهاجمة باراك أوباما، الذي وصفه بـ"زعيم العصابة" المتهم بـ"الخيانة"، وهو أحد الأهداف المفضلة لدى ترامب في محاولته لإبعاد أنظار مؤيديه عن قضية إبستين.