مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان
تستضيف واشنطن قمة غير مسبوقة، يوم الخميس، تجمع قادة دول آسيا الوسطى الخمس: كازاخستان، وقيرغيزستان، وطاجيكستان، وتركمانستان، وأوزبكستان، في لقاء يُعد الأول من نوعه بهذا المستوى، يُجسد ذروة عقدٍ من العمل الدبلوماسي في إطار صيغة "5+1" (C5+1)، وهي آلية تمثل محورا أساسيا في السياسة الأمريكية تجاه هذه المنطقة الحيوية بعد انسحابها من أفغانستان.
وبحسب مجلة " The Diplomat"، فإن مجموعة "C5+1" تأسست عام 2015 كمنصة حوار وتنسيق بين الولايات المتحدة والدول الخمس في آسيا الوسطى، بهدف تعزيز التعاون الإقليمي، ودعم الاستقرار السياسي، ومواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية المشتركة.
على مدار عقدٍ كامل، اتخذت هذه المجموعة شكل اجتماعات منتظمة لوزراء الخارجية، ركزت على قضايا الطاقة، والأمن، ومكافحة الإرهاب، والتنمية المستدامة، وتغير المناخ.
لكن مع مرور الوقت، تحولت الآلية من مجرد قناة دبلوماسية إلى أداةٍ استراتيجية تمكّن واشنطن من الحفاظ على حضورها في منطقةٍ تتقاطع فيها المصالح الروسية والصينية والإيرانية.
وبعد انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان عام 2021، وجدت الولايات المتحدة في آسيا الوسطى بوابةً بديلة لحماية مصالحها الأمنية وضمان نفوذها في قلب أوراسيا.
توازن النفوذ بين القوى الكبرى
تأتي أهمية هذه القمة في لحظةٍ تتزايد فيها المنافسة الجيوسياسية على المنطقة. فروسيا، التي تهيمن تقليديا على المجال الأمني والاقتصادي لآسيا الوسطى، تواجه تراجعا في نفوذها بسبب انشغالها بالحرب في أوكرانيا وتداعيات العقوبات الغربية.
في المقابل، توسّع الصين حضورها الاقتصادي عبر مبادرة "الحزام والطريق"؛ ما يمنحها نفوذا متناميا على البنية التحتية والتجارة الإقليمية.
في هذا السياق، تسعى واشنطن إلى تقديم نفسها كشريكٍ ثالثٍ يمنح دول آسيا الوسطى هامشًا أوسع من الاستقلالية والخيارات.
ومن خلال مبادرات اقتصادية وتمويل مشروعات البنية التحتية والطاقة النظيفة، تأمل الولايات المتحدة في موازنة النفوذين الروسي والصيني، مع تأكيدها على احترام سيادة الدول وعدم فرض نماذج سياسية خارجية.
تحديات داخلية وآفاق التعاون
رغم النجاحات الرمزية، تواجه صيغة "C5+1" تحدياتٍ عميقة تتعلق بضعف التكامل الاقتصادي بين دول المنطقة، وتباين توجهاتها السياسية بين انفتاحٍ محدود واستبدادٍ متجذر.
كما أن غياب بنية مؤسسية قوية يجعل التعاون عرضة للتقلبات السياسية. ومع ذلك، تمثل القمة الحالية فرصة لإعادة صياغة العلاقة بين واشنطن وآسيا الوسطى على أساسٍ أكثر استدامة، من خلال إطلاق مشروعات ملموسة في مجالات الأمن الحدودي، والتحول الأخضر، وربط شبكات النقل والطاقة.
قمة واشنطن 2025 ليست مجرد احتفالٍ بمرور عشر سنوات على تأسيس مجموعة "5+1"، بل محطة مفصلية في إعادة تعريف علاقة الولايات المتحدة بآسيا الوسطى.
فبينما تسعى واشنطن لتثبيت حضورها في منطقة تتنازعها القوى الكبرى، تبحث العواصم الخمس عن شراكةٍ تمنحها التوازن دون الارتهان لأي طرف.
وستحدد النتائج النهائية لهذه القمة ما إذا كانت صيغة "C5+1" ستتحول إلى إطارٍ فعّال لصياغة مستقبلٍ أكثر استقلالية واستقرارًا للمنطقة، أم ستبقى مجرد منتدى رمزي في لعبة النفوذ الكبرى بين واشنطن وبكين وموسكو.