تواجه إسرائيل انتخابات الكنيست المقبلة وسط مخاوف متزايدة من أن يعزز فوز رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، توجهات استبدادية تهدد الديمقراطية، بحسب تحليل لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.
ويُنظر إلى نتنياهو، الذي يعاني من تراجع شعبيته، على أنه قد يلجأ إلى أساليب تخويفية لضمان بقائه في السلطة، مما يثير قلق المعسكر الليبرالي من تدخله في العملية الانتخابية.
وتشمل المخاطر التي يحذر منها المحللون إمكانية إلغاء الانتخابات أو تأجيلها بحجة "الحرب"، أو استخدام أساليب ترهيب ضد الناخبين العرب عبر نشر بلطجية أو كاميرات مراقبة في مراكز الاقتراع.
كما قد يوجه نتنياهو حملات دعائية سامة ضد منافسيه، أو يرفض قبول نتائج الانتخابات في حال خسارته، مستنداً إلى دعم شرطة وزير الأمن القومي المتطرف، إيتمار بن غفير، وجهاز الأمن العام (الشاباك) بقيادة ديفيد زيني، الموالي له.
لكن الخطر الأكبر، وفق "هآرتس" يكمن في فوز نتنياهو شرعياً، مما سيمنحه تفويضاً لاستكمال "انقلابه الاستبدادي"، كما يصفه منتقدوه، رغم أن استطلاعات الرأي تتوقع خسارة ائتلافه الحاكم، مع غضب شعبي من مسؤوليته عن هجوم 7 أكتوبر 2023 والتخلي عن الرهائن في غزة.
ومع ذلك، يمتلك نتنياهو ميزتين رئيسيتين، كما تضيف الصحيفة العبرية، الأولى تماسك ائتلافه الأيديولوجي المرتكز على "الكاهانية"، وهي أيديولوجية عنصرية تدعو إلى طرد العرب وتوسيع السيطرة الإسرائيلية. ويروّج رئيس الوزراء لحرب تدميرية في غزة، وضم تدريجي في الضفة الغربية، وإهمال المجتمع العربي، مع وعود بتسريع التهجير.
أما الميزة الثانية، بحسب الصحيفة، فهي هيمنة قضايا الأمن على النقاش العام، التي تفيد تاريخياً حزب الليكود بزعامته، خاصة مع أداء اقتصادي قوي مؤقت، حيث انخفضت قيمة الدولار والبطالة وأسعار المساكن.
فيما المعارضة، على النقيض، تعاني من انقسامات عميقة، فهي تضم يمينيين متشددين مثل نفتالي بينيت وأفيغدور ليبرمان، ومرشحين ضعفاء مثل بيني غانتس، ومؤيدين لحل الدولتين بشروط غامضة مثل يائير لابيد، إلى جانب أحزاب عربية يتجنبها الآخرون.
وهذا التشتت يسهّل على نتنياهو، الذي أثبت قدرته على شق صفوف خصومه على مدار 16 عاماً، عبر استغلال ضعفهم.
وتعتقد "هآرتس" أن كلّ ذلك سيؤدّي إلى فوز نتنياهو، الذي سيعني "تفكيك المؤسسات الليبرالية وتحويل إسرائيل إلى دولة دينية استبدادية"، كما لا تستبعد أن تؤدي عودته إلى الحكم إلى تنامي خطر الانهيار الاقتصادي المحتمل؛ بسبب تكاليف الحرب والعزلة الدولية التي لم تؤثر بعد على الناخبين.
وتخلُص الصحيفة إلى أن مواجهة "عودة نتنياهو"، تحتاج إلى "معارضة موحّدة تحت قيادة قويّة، وحملة تركّز على فساده، ودوره في هجرة العقول، واستسلامه للمتدينين المتطرفين"، مستدركة أنه بدون ذلك، قد يفاجئ رئيس الوزراء خصومه مجدداً ويحقق انتصارًا يعزز سيطرته، مهدداً "مستقبل الديمقراطية الإسرائيلي" وفق قراءتها.