logo
العالم

استراتيجية الإنهاك.. كيف غيّر المتشددون نهجهم لإسقاط باماكو اقتصاديا؟

عناصر من جماعة نصرة الإسلام والمسلمين المصدر: bbc

بعد مضي نحو ثلاثة أسابيع على شن ما يسمى بجماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة حصارا اقتصاديا على مالي بدأت الانعكاسات تظهر تدريجيا في باماكو، خاصة عقب قطع طرق الإمدادات بالوقود من السنغال وموريتانيا.

ويقدم مصدر مالي شهادته لـ"إرم نيوز"، لتوضيح انعكاسات استهداف المتطرفين طرق الإمداد الرئيسة، إذ عُطّلت إمدادات الوقود والغذاء إلى العاصمة باماكو، ما سبب ارتفاع الأسعار وتفاقم انعدام الأمن الغذائي.

 ونبه المصدر إلى أن مالي دولة غير ساحلية، حيث تعتمد على جيرانها عبر الطرقات البرية، للتزود بمختلف المنتجات التي تحتاجها من الوقود والبنزين والأسماك والفواكه والخضراوات.

ويحس حاليا السكان بتداعيات "الحصار الاقتصادي"، حيث تشهد باماكو انقطاعات متكررة للكهرباء، وتعيش المدينة دون هذه الطاقة لساعات طويلة يوميا، علما أن مالي تعتمد كليا على البنزين في توليد الكهرباء، وفق المصدر ذاته.

أخبار ذات علاقة

عناصر من جيش بوركينا فاسو في الساحل الأفريقي

بالسلاح والسياسة.. "نصرة الإسلام والمسلمين" تُربك حكومات الساحل الإفريقي

 ومنذ بداية سبتمبر تُقيم جماعة نصرة الإسلام والمسلمين النشطة في مالي، حواجز طرق بين الحين والآخر على المسالك الرئيسية المؤدية إلى باماكو.

وتستهدف هذه الحواجز بشكل رئيس منطقتي كايس ونيورو غرب البلاد، على الحدود مع السنغال وموريتانيا.

ومن خلال حرق حافلات، وتفتيش ركاب وابتزازهم، واحتجاز سائقي شاحنات سنغاليين رهائن أُطلق سراحهم بعد أربع وعشرين ساعة، يسعى المتطرفون إلى منع دخول الوقود إلى البلاد.

ففي نهاية هذا الأسبوع، هاجموا أكثر من 100 شاحنة صهريج قادمة من السنغال، وإن كانت تسافر تحت حراسة عسكرية، بينما ساد هدوء نسبي شمال مالي، باستثناء المنطقة المحيطة بكيدال وتينزاوتين حيث تتحمل جبهة تحرير أزواد مسؤولية الهجمات.

ويقول باحث في شؤون الساحل، فضل عدم الكشف عن هويته، إن وسط وغرب البلاد هما الآن هدف الجماعات المسلحة، وخاصة محور داكار-باماكو الذي يمر عبره ما بين 75% و80% من التجارة.

وللإشارة، فإن كايس ونيورو، اللتان يبلغ عدد سكانهما 130 ألفا، و50 ألف نسمة على التوالي، هما القوتان الاقتصاديتان الرئيسيتان في غرب مالي، فالمدينة الأولى تقع على مقربة من السنغال، والثانية تربط البلاد بموريتانيا.

أخبار ذات علاقة

عناصر من الجيش المالي

تبادُل معلومات استخباراتية.. مالي تطرق باب واشنطن لمحاربة المتشددين

 وتهدف الاستراتيجية المتطرفة الجديدة إلى "إضعاف المنطقة تدريجيًا"، ثاني أكبر مساهم في الناتج المحلي الإجمالي لمالي بعد العاصمة، عبر شنّ شكل من أشكال "الجهاد" الاقتصادي باستهداف محاور لوجستية حيوية، وفقًا لتقرير صادر عن معهد تمبكتو، وهو مركز أبحاث سلام مقره داكار.

أما هدفهم، فهو "زعزعة استقرار الاقتصاد المالي، بل وخنقه"، و"عزل العاصمة باماكو"، و"زيادة الضغط الاقتصادي على النظام المالي".

ويتابع التقرير: "باستهداف طرق الإمداد الرئيسة، يُعطّل المتطرفون إمدادات الوقود والغذاء الأساسية إلى باماكو، مما يُسبب ارتفاع الأسعار وتفاقم انعدام الأمن الغذائي".

ويتوافق هذا الخنق مع تغيير في استراتيجية الجماعات المسلحة.

ويتابع: "لقد أدركوا أن تنامي انعدام الأمن لا يُضعف النظام حقًا، فالجيش الحاكم يُدير المعركة بكفاءة إلى حد ما، ويُقلل من الهجمات، ويُخفي خسائر، والآن، لإسقاط النظام، تختار جماعة نصرة الإسلام والمسلمين الخنق الاقتصادي".

أخبار ذات علاقة

الجيش المالي يرسل تعزيزات لحماية طرق التجارة الاستراتيجية الحدودية

طرق مالي تحت النار.. جهاديون يضربون الاقتصاد والجيش على حد سواء

 في باماكو، نفت السلطات في البداية هذه المزاعم، وصرح العقيد المتحدث باسم الجيش سليمان ديمبيلي بأنها "حرب إعلامية" تُدبّرها وسائل إعلام أجنبية.

وأضاف أن المشكلة الحقيقية التي يواجهها سكان كايس حاليًا هي "موسم الأمطار، وليس أفعال الجماعات الإرهابية".

لكن لاحقًا أقرّ الجيش، الذي أرسل قواته إلى الطرق السريعة الغربية والجنوبية "لاستعادة النظام"، في بيان له بـ"تكثيف العمليات الإرهابية"، لا سيما في منطقة كايس. ووصف العقيد ديمبيلي هذه العمليات بأنها "الأنفاس الأخيرة لعدوٍّ مُحاصر" و "في حالة تراجع".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC