logo
العالم

قضية الغواصات تنفجر من جديد.. اتهامات لنتنياهو بإخفاء صفقات الأسلحة

رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهوالمصدر: جيروزاليم بوست

فيما تتواصل تداعيات حرب غزة وتتصاعد الانتقادات داخل إسرائيل بشأن إدارة المعارك وأمن الحدود، يعود اسم بنيامين نتنياهو مجددا إلى واجهة الجدل، ليس فقط بصفته رئيس الوزراء، بل كرمز لنهج يخلط بين الحسابات الأمنية والمصالح السياسية والشخصية.

وأعادت التسريبات الأخيرة من لجنة "غرونيس" – المكلفة بالتحقيق في ما يُعرف بـ"قضية الغواصات" – في الأيام الماضية تسليط الضوء على واحد من أعقد ملفات الفساد المرتبطة بصفقات أسلحة، والتي كان يُعتقد أن وهجها خفت أمام ضجيج الحرب الراهنة، وفق صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.

أكدت اللجنة، التي وسّعت نطاق مراجعاتها منتصف سبتمبر، أن نتنياهو ومقرّبيه قيّدوا وصول الحكومة ومجلس الأمن القومي لمعلومات جوهرية خلال مفاوضات شراء الغواصات والسفن الحربية، وأنهم سعوا لإخفاء محاضر الاجتماعات وتقديم تقارير "انتقائية" للوزراء.

وتزامن ذلك مع خطاب لنتنياهو في تل أبيب عُرف إعلاميا بـ"خطاب سبارطة"، شدّد فيه على "إزالة العقبات البيروقراطية" وتسهيل صفقات التسلّح، مبرّرًا ذلك بالحاجة إلى تقليل اعتماد إسرائيل على الخارج في تأمين أسلحتها. 

أخبار ذات علاقة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

تحويل إسرائيل إلى "سوبر-سبارطة".. ماذا يريد نتنياهو؟

لكن الخطاب بدا، في نظر معارضيه، إشارة واضحة إلى مسار قد يفتح الباب لصفقات ضخمة بعيدًا عن الرقابة البرلمانية والإدارية، شبيهة بما حدث في قضية الغواصات.

ومع تصاعد التوتر على الحدود الجنوبية واستمرار العمليات البرية في غزة، تمضي الحكومة في تخصيص عشرات المليارات من الشواكل لشراء معدات عسكرية، وسط إشراف محدود من الكنيست، الذي تعطل جزء من أعماله بفعل الخلافات السياسية. 

ويرى خبراء أن هذه البيئة توفر أرضا خصبة لتمرير عقود مشبوهة، فيما تُحذّر لجنة غرونيس من تكرار أخطاء الماضي تحت غطاء "متطلبات الحرب".

وفي موازاة ذلك، تشهد المؤسسة العسكرية أزمة داخلية أخرى؛ إذ دفع قرار المحكمة العليا بوقف زيادات المعاشات التقاعدية لضباط الجيش المئات منهم لإبلاغ دوائر شؤون الأفراد بنيتهم التقاعد قبل نهاية العام، خوفًا من تغيّر شروط الخدمة.

وتتزامن الأزمة مع نقص في القوى العاملة داخل الجيش؛ ما يفاقم هشاشته في وقت تحتاج فيه الجبهات إلى تعزيزات مستمرة.

أخبار ذات علاقة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

في اجتماع طارئ.. نتنياهو يُناقش خيارات الرد على الاعترافات بدولة فلسطين

لا تنحصر الإشكالات في أبعاد مالية أو صفقات تسليح مثيرة للجدل؛ إذ تكشف الحرب الراهنة عن أزمة أعمق تتعلق بصلب العقيدة القتالية والبنية الاستخباراتية للجيش الإسرائيلي. 

هذا البعد يُبرزه بوضوح العمل الوثائقي الجديد الذي تبثه القناة 13 تحت عنوان "ماذا حدث للجيش الإسرائيلي؟"، والذي يُعد شهادة مقلقة على تآكل قدرات القوات البرية منذ الانتفاضة الثانية وحتى مأساة السابع من أكتوبر. 

ومن بين أبرز المشاركين في السلسلة العميد (احتياط) غاي هازوت، صاحب كتاب "جيش التكنولوجيا الفائقة وجيش الفرسان"، الذي حذّر قبل عام من انهيار العمود الفقري للقوة البرية إذا استمر تركيز المؤسسة العسكرية على الاستخبارات والقوة الجوية على حساب الوحدات الميدانية.

يذكّر الوثائقي بأن إخفاقات 7 أكتوبر لم تكن وليدة الصدفة، بل نتيجة سنوات من السياسات التي اختزلت الردع في التكنولوجيا، وأهملت تدريب وتجهيز القوات على الأرض. 

ويحمّل أسنهايم – معدّ السلسلة – القيادة السياسية، وعلى رأسها نتنياهو، مسؤولية تجاهل التحذيرات المتكررة من الشاباك والمخابرات العسكرية حول تصاعد الخطر في غزة، لصالح أجندات أخرى، بينها معارك مع القضاء وإصلاحات مثيرة للجدل.

أخبار ذات علاقة

لماذا منع نتنياهو اغتيال نصر الله ؟

صدمة في تل أبيب.. لماذا أوقف نتنياهو اغتيال "نصر الله" قبل عام من العملية؟

هذه الصورة المعقّدة تضع إسرائيل اليوم أمام سؤالين حاسمين: هل تمضي الحكومة في منح الأولوية لصفقات أسلحة سريعة وغير خاضعة للرقابة، مستندة إلى مناخ الحرب؟

أم تُستخلص الدروس من فشل أكتوبر، وتُرسَّخ آليات شفافة لإدارة الأمن والموارد، بعيدا عن الحسابات الضيقة؟

في الوقت الراهن، يبدو أن نتنياهو يراهن على تثبيت سردية تربط "إزالة العقبات" بتعزيز الردع القومي، بينما يرى معارضوه أن تلك العقبات لم تُنشأ عبثا، بل لحماية الأمن القومي من اختلاط المصالح الشخصية بالقرارات المصيرية.

وبينما يواصل الإعلام وصانعو الوثائقيات كشف طبقات ما جرى قبل الهجوم على مستوطنات غلاف غزة، تبرز فجوة جوهرية في المشهد: غياب لجنة تحقيق حكومية رسمية؛ إذ لم تعد الأحداث التي هزّت إسرائيل منذ أكتوبر الماضي مجرد أزمة عسكرية؛ بل تحوّلت إلى اختبار شامل لنزاهة النظام السياسي الإسرائيلي وقدرته على مساءلة نفسه، لا سيما في فترة تتشابك فيها الحروب مع صفقات التسليح والمناورات السياسية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC