مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان
قبل ساعاتٍ من شن الهجوم البري على غزة، طرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رؤيته لمستقبل إسرائيل، مستقبل يصفه بـ"سوبر-سبارطة" في قلب الشرق الأوسط، فيما كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية، أن هذه الرؤية تقوم على مجتمعٍ أكثر عسكرة. دولة جزئيًا مكتفية ذاتيًا اقتصاديًا، تعتمد على الإنتاج المحلي وعلى خيارات تجارية محدودة، ما أثار مخاوف واسعة داخل إسرائيل من الانزلاق نحو عزلة دولية كاملة.
وفي اليوم نفسه، مع تقدم الدبابات الإسرائيلية نحو قلب غزة، نشرت لجنة تحقيق أممية تقريرًا دامغًا يؤكد أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة، بينما كانت المفوضية الأوروبية تناقش إمكانية تعليق أجزاء من اتفاقية التجارة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي، وازداد عدد الدول التي أعلنت عن اعتزامها الاعتراف بفلسطين، إلى جانب تزايد التهديدات بمقاطعة إسرائيل في مسابقة يوروفيجن.
وبحسب مصادر موثوقة، فإن هذه التطورات انعكست سريعًا على الأسواق المالية، حيث شهدت بورصة تل أبيب تراجعًا حادًا وسجلت قيمة الشيكل انخفاضًا أمام الدولار.
بعض المحللين الذين استحضروا التاريخ القديم، يرون في مقارنة نتنياهو بـ"الإسبارطانيين" خيالًا رومانسيًا بعيدًا عن الواقع؛ فالصحفي المخضرم بن كاسبيت كتب في صحيفة "معاريف": "الإسبارطيون قُتلوا وانتهوا.. نتنياهو لا يريد أن نكون نحن كذلك".
ومن جانبهم، عبَّر النقابيون والاقتصاديون عن قلقهم العميق من السياسات الحالية، معتبرين أن محاولة السيطرة على غزة بالكامل تهدد الاقتصاد الإسرائيلي وقدرته على البقاء ضمن مجموعة الدول المتقدمة، وقدَّر 80 اقتصاديًا بارزًا الخسائر المحتملة بمليارات الشيكلات، محذرين من أن التمادي في الحرب قد يقود إسرائيل إلى عزلة اقتصادية وسياسية.
وفي خطابه، حمّل نتنياهو جهاتٍ خارجيةً مسؤولية تزايد العزلة الإسرائيلية، مشيرًا إلى الصين وقطر، بالإضافة إلى الضغوط السياسية والاجتماعية في أوروبا الغربية، وأثارت تصريحاته انتقاداتٍ واسعةً واعتبرها البعض محاولة لتبرئة سياساته والتهرب من المسؤولية، خصوصًا في ظل تهم الفساد الموجهة إليه.
ويرى مراقبون أن الدعم الأمريكي، سواء من إدارة بايدن المترددة أم إدارة ترامب السابقة، ساعد نتنياهو على البقاء في السلطة رغم الضغوط الداخلية والخارجية، فيما أظهرت التطورات السياسية الداخلية صعود التيارات الدينية واليمينية المتطرفة، وتراجع النخب العلمانية والتقنية القديمة، وهذا التحالف السياسي يسعى إلى تعزيز "عقلية الحصار"، لتأمين مسار التوسع في الأراضي الفلسطينية، حتى لو كلَّفها ذلك الاقتصاد والعلاقات الدولية.
وبينما يرى بعض الصحفيين والناشطين أن إسرائيل تخوض حربًا دينية للبقاء، يحذر النقاد من أن استمرار سياسات نتنياهو سيجعل الدولة منبوذة دوليًا، مع اقتصادٍ هشٍّ ومجتمع مستنزف، حيث تتحول الحرب من أداة دفاع إلى وسيلة للحفاظ على السلطة الشخصية.