logo
العالم العربي

هآرتس: نتنياهو تلاعب بترامب بلا ثمن سياسي بعد استهداف الدوحة

ترامب ونتنياهو المصدر: رويترز

اعتبرت صحيفة  هآرتس الإسرائيلية في تقرير حديث حول التطورات السياسية والدبلوماسية بعد استهداف إسرائيل قيادة  حماس في الدوحة الأسبوع الماضي، أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نجح في "السخرية" من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دون أن يتحمل أي تبعات مباشرة.

وفقًا للتقرير، كانت الغارة مثالًا واضحًا على قدرة نتنياهو على تجاوز حدود التحالف التقليدي مع واشنطن، مستفيدًا من موقف ترامب المتساهل والمتردد في فرض أي ضغط فعّال. 

فقد حاول الجانبان بناء رواية متماسكة حول معرفة ترامب مسبقًا بالضربة، لكن مكتب نتنياهو اختار لغة غامضة في تصريحاته العلنية، ما أدى إلى تضارب واضح بين نفي ترامب العلني وتسريبات المسؤولين الإسرائيليين، التي أشارت إلى أن رئيس الوزراء أبلغ ترامب قبل نحو 50 دقيقة من تنفيذ الضربة، بحسب تقرير الصحفي باراك رافيد في موقع "أكسيوس".

أخبار ذات علاقة

إيال زامير في غزة

يشكلون 1 % من سكان غزة.. هل وضعت إسرائيل خطة لمنع فرار مقاتلي حماس؟ (فيديو إرم)

وترى الصحيفة أن هذه التسريبات كشفت ضعف الإدارة الأمريكية في حماية مصالحها في المنطقة، معتبرة أن البيت الأبيض "فشل باستمرار في الدفاع عن مصالحه عندما تتقاطع مع احتياجات نتنياهو السياسية"، ما أتاح لرئيس الوزراء الإسرائيلي مساحة كبيرة للتحكم في مجريات الأحداث، حتى في الملفات الحساسة المتعلقة بالرهائن وإدارة النزاع مع حماس.

الضربة الفاشلة وتداعياتها

يشير التقرير إلى أن الغارة التي احتفل بها نتنياهو لم تحقق أهدافها الاستراتيجية، إذ لم تستهدف القيادة الرئيسية لحماس، وأثّرت سلبًا على مفاوضات إطلاق الرهائن، بينما أثارت موجة من الإدانة الدولية، وعززت دعم العالم العربي لقطر. 

وأكدت الصحيفة أن قادة الأمن والمخابرات الإسرائيليين أبدوا تحفظاتهم على العملية، لكن نتنياهو أصر على المضي قدمًا، متخذًا قرارًا منفردًا أدى إلى توسيع نطاق الحرب مع بدء الغزو البري لغزة، مخالفًا نصائح الصفوف المهنية.

وترى هآرتس أن نتنياهو حاول تقديم الغارة على أنها "منسقة مع ترامب"، مستخدمًا ما وصفته الصحيفة بـ"ختم الموافقة الرئاسي" لتحويل فشل العملية إلى نجاح إعلامي، بينما ترامب اكتفى بالسماح بهذا السلوك دون أي تدخل مباشر.

أخبار ذات علاقة

بنيامين نتنياهو

نتنياهو يحذر حماس: أي مساس بالرهائن سيقابل بتصعيد سريع

وتعتبر الصحيفة أن هذه الديناميكية تعكس نهجًا متكررًا منذ بداية ولاية ترامب الثانية، حيث منح نتنياهو حرية التحرك في غزة حتى على حساب وقف إطلاق النار واتفاقيات الأسرى، مستندًا إلى وعود غير محققة من رئيس الوزراء بحل سريع لأزمة حماس.

سياسة ترامب المتساهلة وتأثيرها الإقليمي

وتؤكد الصحيفة أن موقف ترامب ليس مجرد حادثة منفردة، بل نهج مستمر يعكس رغبة الرئيس الأمريكي في تجنب الصدام المباشر مع نتنياهو، خصوصًا أن الأخير يحظى بمكانة كبيرة لدى شريحة واسعة من الجمهوريين.

وترى هآرتس أن هذا التوجه أعطى إسرائيل الضوء الأخضر لتوسيع الحرب، ما يزيد من مخاطر استمرار النزاع، ويؤثر سلبًا على حياة الرهائن، ويقلل فرص التوصل إلى أي اتفاق سلام مستدام.

وتشير الصحيفة إلى أن ترامب اكتفى في الأسابيع الأخيرة بالإدلاء بتصريحات عامة حول ضرورة إنهاء الحرب، دون تنفيذ أي ضغط ملموس على نتنياهو، حتى بعد تحذيرات جماعات الإغاثة من نقص الغذاء والدواء في غزة، ما يعكس تناقضًا بين الموقف العلني للرئيس الأمريكي وغياب أي استراتيجية واضحة على الأرض.

تبعات على العلاقات الدولية

وتضيف هآرتس أن هذه الديناميكية قد تؤدي إلى تداعيات واسعة على السياسة الإقليمية. فالجمعية العامة للأمم المتحدة تستعد للاعتراف الرمزي بالدولة الفلسطينية، ما يثير حفيظة إسرائيل ويدفع قادة اليمين للتهديد بضم أجزاء من الضفة الغربية، وهو ما قد يقوض العلاقات التي أنشأتها إسرائيل مع بعض جيرانها العرب من خلال اتفاقيات "إبراهيم"، ويؤجل أو يحجب إمكانية تطبيع العلاقات مع السعودية، التي يعتبرها ترامب "الجائزة الكبرى" ضمن إنجازاته الدبلوماسية.

أخبار ذات علاقة

آليات عسكرية إسرائيلية عند الحدود مع غزة

الرهائن يعيدون رسم قواعد الاشتباك.. تفاصيل اللحظات الأولى لعملية "عربات جدعون 2"

ويرى إيلان غولدنبرغ، خبير سياسة الشرق الأوسط في إدارتي أوباما وبايدن، أن ترامب كان بإمكانه استثمار وقف إطلاق النار الذي تفاوض عليه نهاية 2024 كقاعدة لإنهاء الحرب، لكن نهجه المتساهل منح نتنياهو "شيكًا مفتوحًا" لمواصلة الحرب بلا قيود.

وأضاف أن استمرار هذه السياسات سيؤدي إلى المزيد من التصعيد، مع استمرار معاناة المدنيين الفلسطينيين، وتراجع فرص إطلاق الرهائن، وتآكل أي آمال أمريكية في إحراز تقدم دبلوماسي في المنطقة.

وتخلص هآرتس إلى أن نهج ترامب المتساهل مع نتنياهو يعكس أزمة استراتيجية أمريكية في الشرق الأوسط، حيث يمنح رئيس وزراء إسرائيل حرية مطلقة في اتخاذ قرارات التصعيد، بينما تبقى الولايات المتحدة متفرجة إلى حد كبير، ما يفاقم النزاع في غزة ويضعف موقع واشنطن كلاعب فاعل في إدارة الأزمات الإقليمية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC