أثار الحكم الذي أصدرته محكمة الجنايات في تشاد، والقاضي بسجن رئيس حزب "المحوّلون" والمعارض البارز ساكسيه ماسرا لمدة 20 عاماً، إلى جانب تغريمه مليار فرنك أفريقي، تساؤلات عديدة حول دلالات القرار، وتداعياته على المشهد السياسي في البلاد.
وجاء هذا الحكم بعد محاكمة انطلقت، مطلع أغسطس/آب الجاري، وُجهت خلالها لماسرا عدة تهم، أبرزها نشر رسائل ذات طابع عنصري وتحريضي، والتواطؤ في ارتكاب جرائم قتل، والتحريض على التمرد، بالإضافة إلى المشاركة في أعمال عنف دامية أسفرت عن مقتل 76 شخصًا في منطقة مانداكاو جنوب البلاد.
أزمة سياسية مرشحة للتصعيد
ويأتي هذا التطور في وقت كان فيه الادعاء العام قد طالب، في الثامن من أغسطس، بعقوبة أشد تصل إلى 25 عامًا بحق ماسرا و58 متهماً آخرين، إلى جانب غرامة جماعية قدرها 5 مليارات فرنك أفريقي لصالح الدولة، مع تجميد ممتلكاتهم.
وفي تعليق على الحكم، اعتبر المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية، محمد إدريس، أن "هذا القرار سيسهم، فعليًا، في تعميق الأزمة السياسية داخل البلاد، ويهدد بالانزلاق نحو الفوضى والعنف، خاصة أن حزب المحوّلون لن يقف مكتوف الأيدي إزاء حكم من شأنه أن يُقوّض، بشكل كبير، المسيرة السياسية لماسرا، وينهي طموحاته".
وأضاف إدريس في تصريح لـ"إرم نيوز" أن "الترقب يسود، حالياً، بشأن رد فعل حزب المحوّلون، وما إذا كان سيعلن عن احتجاجات أو تظاهرات واسعة رفضًا للحكم، خاصة في ظل حالة من الاستقرار السياسي الهش، ما قد يؤدي إلى انهيار هذا الاستقرار تمامًا".
وأكد أن "الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي إنتو يبعث من خلال هذا الحكم برسالة تحدّ واضحة للمعارضة، التي تعاني من ضعف غير مسبوق، ما يجعله في موقع قوة أمام خصومه السياسيين".
خيارات المعارضة محدودة
يُذكر أن ساكسيه ماسرا كان قد شغل في السابق مناصب اقتصادية رفيعة في بنك التنمية الأفريقي، إلى جانب مناصب أخرى داخل تشاد، قبل أن يتحول إلى أحد أبرز المعارضين لحكم عائلة ديبي، الذي استمر لعقود في البلاد.
وعاد ماسرا إلى تشاد، في العام 2024، بموجب اتفاقات كينشاسا، التي أنهت فترة نفيه السياسي، وفي إطار الترتيبات الانتقالية تم تعيينه لاحقًا رئيسًا للوزراء.
من جانبه، قال المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية، محمد الحاج عثمان، إن "خيارات ماسرا وحزب "المحوّلون" تبدو محدودة للغاية في مواجهة هذا الحكم، خاصة في ظل إحكام الرئيس ديبي قبضته على السلطة وعلى الشارع من خلال إجراءات أمنية مشددة تهدف إلى منع أي تظاهرات جديدة".
وأضاف عثمان في تصريح لـ"إرم نيوز" أن "ماسرا معروف بمواقفه المعارضة وانتقاداته الحادة للرئيس ديبي، إلا أن ميزان القوة يميل بوضوح لصالح الرئيس، الذي يبدو أقوى من خصومه السياسيين في الوقت الراهن".
وأوضح أن "ماسرا كان قد وجه اتهامات غير مسبوقة لحكومة ديبي، من بينها اتهامها بممارسة الفصل العنصري، وهو ما ساهم، بشكل مباشر، في فتح الطريق أمام محاكمته".