logo
العالم

لماذا تجاهلت رواندا والكونغو الديمقراطية جهود ترامب لاستئناف القتال؟

عناصر من الجيش الكونغوليالمصدر: رويترز

في ديسمبر 2025، شهد البيت الأبيض توقيع اتفاقيات سلام بين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، برعاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بهدف إنهاء عقود من النزاع في شرق الكونغو.

ورغم هذا الإنجاز الدبلوماسي، سرعان ما شهدت المنطقة تصاعدًا في أعمال العنف، ما أثار تساؤلات حول فعالية الاتفاقيات والقدرة على فرض الاستقرار في جنوب كيفو، بحسب موقع "بزنس إنسايدر أفريقيا".

وقّع الرئيس الأمريكي ترامب على اتفاقيات واشنطن مع كل من بول كاغامي وفيليكس تشيسكيدي، والتي هدفت إلى إنهاء الأعمال العدائية التي استمرت لأكثر من 30 عامًا. 

تضمنت الاتفاقيات هدنة دائمة ونزع سلاح الجماعات غير الحكومية، وعودة اللاجئين إلى ديارهم، وتحقيق العدالة ضد المسؤولين عن الفظائع، وإطار عمل للتنمية الاقتصادية المشتركة.

أخبار ذات علاقة

مؤتمر السلام الذي استضافه ترامب لزعيمي الكونغو ورواندا

رواندا تتهم الكونغو وبوروندي بـ"انتهاكات متعمدة" لعملية السلام

ومع ذلك، لم يتم إدراج متمردي حركة إم23 في الاتفاق، رغم كونهم الطرف الفاعل الرئيس في استمرار النزاع؛ وبذلك، بقيت آلية التنفيذ غير شاملة، مما خلق ثغرة استغلتها الحركة لاستعادة مواقع استراتيجية في المنطقة.

متمردو إم 23 يعيدون إشعال الصراع

في الأسبوع الذي تلا توقيع الاتفاق، كشف مكتب الأمم المتحدة عن نزوح أكثر من 200 ألف شخص من شرق الكونغو الديمقراطية، مع سقوط 74 قتيلًا وإصابة 83 آخرين، معظمهم من المدنيين. 

سيطر متمردو إم 23 على بلدة أوفيرا، قرب الحدود مع بوروندي، بعد اجتياح سابق لغوما وبوكافو، ما منحهم قاعدة عسكرية وإدارية إقليمية هامة على ضفاف بحيرة تنجانيقا.

أفاد الجيش الكونغولي بأنه لن يتدخل لحماية المدنيين، بينما اتهمت رواندا القوات الكونغولية بانتهاك الهدنة، معتبرة وجودها في شرق الكونغو مجرد "إجراء دفاعي". 

أخبار ذات علاقة

جنود معتقلون من القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية.

بين الكونغو وبوروندي ورواندا.. سقوط أوفيرا ينذر باندلاع حرب إقليمية

وفي المقابل، وجهت الحكومة الكونغولية اتهامات مماثلة للقوات الرواندية؛ حيث تؤكد هذه التبادلات أن الثقة بين الطرفين ما زالت محدودة، وأن الاتفاقيات معرضة للانهيار عند أول صدام ميداني.

كما تؤكد تصريحات لورانس كانيوكا، المتحدث باسم حركة إم 23، أن الحركة نجحت في تعزيز سيطرتها على أوفيرا، ما يشير إلى أن المتمردين يملكون القدرة على تحدي الاتفاقيات وإعادة ترتيب خريطة النفوذ على الأرض.

الذهب والمعادن وراء التجاوزات

يشير المحللون إلى أن النزاعات المتجددة ليست فقط مسألة أمنية، بل تحمل أبعادًا اقتصادية استراتيجية. مناطق جنوب كيفو الغنية بالمعادن النادرة والثروات الطبيعية تمثل حافزًا رئيسيًا للمتمردين والحكومات على حد سواء. 

هذا الأمر يزيد من صعوبة فرض السلام المستدام، ويجعل أي اتفاق يعتمد على ضمان التوازن العسكري والسياسي والاقتصادي، وليس فقط على التزامات رسمية.

كما أن تجاهل الإدارة الأمريكية التفاوض المباشر مع حركة إم 23 ساهم في هشاشة الاتفاق؛ فغياب المشاركة الكاملة لكل الأطراف المسلحة يعني أن أي انتهاك أو استغلال للأوضاع المحلية سيؤدي إلى تجدد القتال، كما حدث في أوفيرا. 

أخبار ذات علاقة

علم جمهورية بوروندي

"موقف عدواني".. بوروندي تدين هجمات رواندا على أراضيها

ويضيف ذلك بعدًا إضافيًا لتعقيد جهود تنفيذ السلام، خاصة مع استمرار التوترات الحدودية بين رواندا والكونغو.

سلام هش في قلب أفريقيا الوسطى

على الرغم من أن اتفاقيات واشنطن تمثل خطوة تاريخية نحو إنهاء صراع دام لعقود، فإن عودة العنف بسرعة تعكس هشاشة الحلول الدبلوماسية في غياب التزام كامل من جميع الأطراف.

متمردو حركة 23 مارس، والنزاعات الحدودية، والاحتياطيات المعدنية الثمينة في المنطقة، كلها عوامل تجعل من تنفيذ الاتفاق صعبًا، وتجعل واشنطن أمام تحدٍ حقيقي في الضغط على رواندا والكونغو الديمقراطية لتحقيق السلام الفعلي.

تُظهر الأزمة الحالية أن السلام في شرق الكونغو لن يتحقق عبر توقيع الاتفاقيات فحسب، بل يحتاج إلى إدارة دقيقة للثقة بين الأطراف، وإشراك كل الفاعلين، وتقديم ضمانات ملموسة لحماية المدنيين، وإشراف دولي فعال على التنفيذ؛ وإلا، فإن الاتفاق سيظل مجرد نص على الورق، بينما تستمر الحرب على الأرض.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC