في خطوة تاريخية تعكس مزيجًا من التجديد والحذر، اختارت ساناي تاكايتشي، رئيسة الوزراء اليابانية الجديدة، وأول امرأة تتولى رئاسة الحزب الليبرالي الديمقراطي الياباني (LDP)، تارو آسو نائبًا لرئيس الحزب، في قرار يهدف إلى ترسيخ الاستقرار داخل الحزب وإعادة ترتيب صفوفه بعد سلسلة من الخسائر الانتخابية والانقسامات الداخلية.
يُعد آسو، الذي شغل سابقًا منصب رئيس الوزراء، من أبرز الشخصيات المخضرمة في الحزب، ويمتلك نفوذًا واسعًا بين الأجنحة المتنافسة، حيث كان لدعمه دور حاسم في فوز تاكايتشي في انتخابات رئاسة الحزب في أكتوبر 2025؛ ما يجعل تعيينه بمنصب نائب الرئيس بمثابة رد للجميل ورسالة وحدة في آن واحد.
وبحسب "آسيا تايمز"، فإن اختيار آسو يمنح القيادة الجديدة غطاءً سياسيًا واقتصاديًا، ويُطمئن الفصائل التقليدية في الحزب، خاصة أن تاكايتشي، رغم خطابها الإصلاحي، تُعرف بتوجهاتها اليمينية المحافظة.
تحالف محافظ بملامح وسطية
يشير تعيين آسو إلى توجه أكثر محافظة في قيادة الحزب، لكن تاكايتشي سعت خلال حملتها إلى إضفاء طابع وسطي على مواقفها من أجل توسيع قاعدة الدعم.
من جهته، يمثل آسو عنصر توازن داخل الإدارة الجديدة، إذ يُعرف بواقعيته السياسية وخبرته في إدارة الملفات الاقتصادية والمالية الحساسة.
ومن المتوقع أن يلعب دورًا محوريًا في صياغة السياسات المالية للحزب، خصوصًا مع ميول تاكايتشي إلى سياسات مالية معتدلة والتعامل الحذر مع توجهات البنك المركزي الياباني.
في الوقت ذاته، يعكس وجود آسو ونائبه في الأمانة العامة محاولة مدروسة لتوحيد مختلف أجنحة الحزب، وإعادة تعزيز فصيل آسو الذي لطالما كان ركيزة أساسية في توازن القوى داخل الحزب الليبرالي الديمقراطي.
استقرار داخلي ورسائل خارجية
يأتي هذا التحالف في وقت يشهد فيه الحزب الحاكم توترات داخلية وتحديات سياسية ومالية متزايدة، أبرزها تراجع التحالف مع حزب "كوميتو" وشعور متنامٍ بالاستياء الشعبي من السياسات السابقة.
لذلك، يُنظر إلى خطوة تاكايتشي على أنها تحرك استراتيجي لضمان الدعم الداخلي واستمرار الاستقرار الحكومي.
على الصعيد الخارجي، يُتوقع أن يُسهم آسو بخبرته الدبلوماسية الواسعة في الحفاظ على توازن علاقات اليابان الإقليمية والدولية، رغم التوجهات المحافظة للقيادة الجديدة، فهو يمتلك شبكة علاقات تمتد من واشنطن إلى العواصم الآسيوية؛ ما يمنح الحكومة المقبلة فرصة لتبني نهج براغماتي يجمع بين الحزم السياسي والانفتاح الدبلوماسي.
في المحصلة، يمثل قرار تاكايتشي بتعيين آسو نائبًا لها تحالفًا بين الجيل الجديد والقيادة المخضرمة، ويعكس سعيها لبناء توازن دقيق بين التجديد والاستمرارية.
كما أنها محاولة لتثبيت موقعها كأول امرأة تقترب من رئاسة الوزراء، في وقت تسعى فيه اليابان إلى استعادة ثقة الداخل والحفاظ على مكانتها في مشهد دولي متغير.