logo
العالم
خاص

الصواريخ قبل النووي.. لماذا عاد خيار التصعيد ضد إيران إلى الطاولة؟

إطلاق تجريبي لصاروخ إيرانيالمصدر: أ ف ب-أرشيفية

بدأ ملف إيران يعود إلى مركز النقاش الأمني، خلال الأسابيع الأخيرة، في العواصم الغربية بزخم لافت.

لكن هذه المرة بات التركيز منصبًا على البرنامج الصاروخي، كونه المساحة التي يتحرك فيها النظام الإيراني بحرية شبه كاملة، وبكلفة سياسية أقل مما كان عليه الحال في الملف النووي.

هذا التحول يأتي نتيجة تراكم تقارير استخباراتية غربية تشير إلى أن طهران استثمرت الفترة التي تلت الجولة السابقة من المواجهة مع إسرائيل خلال يوليو/تموز الماضي في إعادة ترتيب بنيتها الصاروخية، على مستوى التوزيع، والتمويه، وسلاسل الإمداد.

ووفق ما أفادت مصادر غربية "إرم نيوز"، فإن "هذه العملية الإيرانية هي مسار محسوب يهدف إلى رفع كلفة أي استهداف مستقبلي".

أخبار ذات علاقة

بنيامين نتنياهو

نتنياهو: أنشطة إيران النووية ستخضع للنقاش مع ترامب

مراجعة سلوك طهران

وفي الولايات المتحدة، بات التعامل مع الملف الحالي كجزء من مراجعة أوسع لسلوك النظام الإيراني، بحسب ما أكد عليه مصدر دبلوماسي أمريكي رفيع.

وقال المصدر، إن "ما يقلق الإدارة حاليًا هو أن البرنامج الصاروخي أصبح المساحة التي تختبر فيها طهران حدود الصبر الدولي، مستفيدة من غياب اتفاقات ملزمة أو آليات رقابة فعلية".

وذهب المصدر نفسه أبعد من ذلك، إذ أوضح أن "النقاش داخل واشنطن دخل طوراً أكثر تشددًا حول ما إذا كان تجاهل مسار البرنامج الصاروخي الإيراني سيؤدي خلال فترة قصيرة، إلى واقع يصعب احتواؤه من دون استخدام القوة".

ويضيف أن "التجربة السابقة أظهرت أن النظام الإيراني لا يغيّر سلوكه تحت الضغط السياسي أو الاقتصادي فقط، وإنما حين يشعر بأن كلفة الاستمرار أعلى من كلفة التراجع.

بينما تشير تقارير استخباراتية غربية حديثة إلى رصد نشاط غير معتاد مرتبط بالقوة الجو–فضائية التابعة للحرس الثوري الإيراني، ما دفع إلى رفع مستوى المراقبة التقنية والعملياتية خلال الأيام الماضية.

وبحسب التقارير، فإن هذا النشاط تجاوز الأنماط المعروفة، سواء من حيث حجم التحركات أو تزامنها، وشمل وحدات الطائرات المسيّرة، والصواريخ، وأنظمة الدفاع الجوي.

وتأتي هذه التحركات في وقت تشير فيه تقديرات إسرائيلية إلى أن إيران بدأت فعليًا إعادة بناء منشآت مرتبطة بإنتاج الصواريخ الباليستية، إلى جانب ترميم أنظمة الدفاع الجوي التي تضررت خلال الحرب التي استمرت 12 يومًا في تموز الماضي.

وتعتبر هذه الجهود، وفق القراءة الإسرائيلية، أكثر إلحاحًا من مسألة تخصيب اليورانيوم في المرحلة الراهنة، لما تحمله من تأثير مباشر على ميزان الردع.

كما تشير هذه التقديرات إلى أن طهران تعمل على استعادة قدرتها على الإنتاج بوتيرة أعلى، مع تحسين توزيع الأصول العسكرية لتقليل قابلية الاستهداف.

وتُظهر المتابعة أن وتيرة هذه الجهود لا توحي بتسارع فوري يفرض تحركًا عسكريًا خلال أسابيع، لكنها تحمل مخاطر جدية إذا تُركت دون معالجة خلال العام المقبل.

خيارات عسكرية

وفي هذا الإطار، يستعد الجانب الإسرائيلي لعرض مجموعة من الخيارات العسكرية على الإدارة الأمريكية خلال اللقاء المرتقب بين رئيس الوزراء الإسرائيلي والرئيس الأمريكي في أواخر الشهر الجاري.

ووفق مصادر "إرم نيوز"، فإن "هذه الخيارات تتراوح بين دعم أمريكي محدود، ومشاركة أوسع في حال تقرر تنفيذ ضربة جديدة تستهدف البرنامج الصاروخي أو النووي الإيراني".

وترى الحكومة الإسرائيلية، أن توسيع البرنامج الصاروخي لا يشكل تهديدًا لإسرائيل فقط، إنما يمتد ليطال الاستقرار الإقليمي والمصالح الأمريكية، وهو ما يُستخدم كحجة مركزية في محاولة إقناع واشنطن بتبني موقف أكثر صرامة.

وحول اللقاء المرتقب بين بنيامين نتنياهو وترامب، يؤكد الدبلوماسي الأمريكي أن "الاجتماع سيتناول تقديرًا استخباراتيًا مفصلًا حول ما تعتبره إسرائيل تسارعًا خطيرًا في البرنامج الصاروخي".

وأضاف أن "الإدارة الأمريكية ستناقش أيضاً إمكانية إذا كان هناك مسار مُتبقٍ لانتزاع التزامات إيرانية محددة، قابل للقياس والمراقبة. إذا لم تظهر مثل هذه الإمكانية، فإن هامش المناورة الأمريكية سيضيق بشكل كبير".

أمّا في الاتحاد الأوروبي، فقد تحوّل البرنامج الصاروخي الإيراني إلى عبء سياسي متنامٍ، مع تراجع القدرة الأوروبية على تبرير خطاب التهدئة في ظل استمرار تطوير الصواريخ، وفق ما أفادت مصادر دبلوماسية أوروبية لـ"إرم نيوز".

وأضافت المصادر: "نواجه اليوم صعوبة متزايدة في تبرير الفصل بين الملفات. البرنامج الصاروخي ينعكس مباشرة على أمن المنطقة، وعلى مصداقية أي التزام إيراني مستقبلي".

وتشير المصادر، إلى أن "عواصم أوروبية باتت تعتبر أن الصمت الطويل لم يعد سياسة قابلة للاستمرار، لأن نتائجه باتت ملموسة على الأرض".

والموقف الأوروبي، وإن ظلّ أقل اندفاعًا من واشنطن، إلا أنه يعكس تحولًا مهمًا؛ حيث لم يعد هناك استعداد لتوفير غطاء سياسي غير مشروط لسلوك إيراني يُنظر إليه كعامل زعزعة مستمر.

تغيير قواعد الاشتباك

من جانبه، يرى الباحث الأمريكي المتخصص في شؤون الاستراتيجيات العسكرية دانيال كراوس، أن "البرنامج الصاروخي الإيراني بات يعتبر كعامل ضغط مباشر على منظومة الردع في الشرق الأوسط".

ويشير كراوس خلال حديثه لـ"إرم نيوز"، إلى أن طهران "تتعامل مع الصواريخ كأداة سياسية قبل أن تكون عسكرية، تستخدمها لإعادة رسم خطوط الاشتباك من دون الانجرار إلى مواجهة شاملة، لكنها في الوقت نفسه ترفع منسوب المخاطر بشكل تراكمي".

ويضيف أن ما "يقلق واشنطن اليوم هو المنهجية التي يُدار بها البرنامج الصاروخي الإيراني، وهي منهجية قائمة على التقدم الصامت وتفادي الخطوط الحمراء العلنية".

ووفق تقديره، فإن هذا النمط يدفع إسرائيل إلى التفكير بأن نافذة التحرك تضيق، وأن أي تأخير إضافي سيجعل كلفة المواجهة أعلى، عسكريًا وسياسيًا.

أخبار ذات علاقة

المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي

طهران: البرنامج الصاروخي الإيراني ليس مطروحا للتفاوض

ضغط على أوروبا

من جهته، اعتبر المحلل الفرنسي المتخصص في الجيوبوليتيك لوران مارتان، أن "هناك تحولاً سيكون جلياً في الأيام المقبلة تجاه إيران وهو الذي يعكس شعورًا متناميًا بفقدان السيطرة على مسار كان يُفترض أن يبقى دبلوماسيًا".

وقال مارتان خلال حديثه لـ"إرم نيوز"، إن "الصبر الأوروبي استند لسنوات إلى فرضية أن الوقت يعمل لصالح خفض التصعيد، لكن الوقائع الحالية تشير إلى العكس".

وتابع أن "البرنامج الصاروخي الإيراني وضع الاتحاد الأوروبي في موقف دفاعي غير مريح، حيث بات مطالبًا بتفسير الفجوة بين خطاب التهدئة والواقع الأمني المتدهور".

وبرأيه، فإن "استمرار هذا التناقض يضعف قدرة أوروبا على لعب أي دور موازن، ويدفعها تدريجيًا إلى الاصطفاف خلف مقاربات أكثر تشددًا، حتى لو لم تكن مقتنعة تمامًا بخيار القوة".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC