يرى تقرير حديث أن العالم يواجه اليوم خطرًا نوويًا أشد من ذلك الذي شهدته أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، عندما كانت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي تشنان حربًا نووية.
ويحذّر تقرير لصحيفة "التايمز" البريطانية من أن فقدان التوازن الدولي قد يؤدي إلى ظهور 40 دولة نووية إضافية، أي خمسة أضعاف العدد الحالي، إذا خرجت التنافسات العالمية والإقليمية عن السيطرة.
وقبل سبعة عقود لم تكن سوى الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، ثم فرنسا وبريطانيا، الدول التي تمتلك أسحلة نووية، لتشهد العقود التالية تسارعًا في الانتشار النووي، من أعمال إرنست رذرفورد وفريدريك سودي في الفيزياء النووية، مرورًا بمشروع مانهاتن، إلى الحرب الباردة، وصولًا إلى انهيار الاتحاد السوفيتي الذي أدى إلى انتشار جديد.
وتنقل الصحيفة البريطانية عن المؤرخ الأمريكي، سيرهي بلوخي، قوله "نحن في وضع أسوأ اليوم، لأن هناك المزيد من السائقين على الطريق النووي السريع، وهم يقودون دون تشغيل مصابيح سياراتهم".
وانضمت الصين، وإسرائيل، والهند، وباكستان، وكوريا الشمالية إلى النادي النووي، وتسعى دول أخرى للانضمام، دون الالتزام بالقواعد الدولية، مع تحذيرات دولية من ظهور 40 دولية نووية خلال أقل من عشرين عامًا، وتوقعات بخروج التنافس العالمي والإقليمي عن السيطرة.
وبعد أزمة الصواريخ الكوبية، أنشأ القادة الأمريكيون والسوفييتون آليات للسيطرة مثل المعاهدات والخطوط الساخنة واتفاقيات الحد من التسلح، مدفوعين بالخوف من الدمار المتبادل المؤكد، الذي كان قوة للسلام.
لكن اليوم، يرى بلوخي أن الخوف عاد ليؤجج الصراع بدلًا من تهدئته، وأضاف أنه "مع زوال اتفاقيات الحرب الباردة وانطلاق سباق تسلح جديد غير منظم، عاد الخوف مهيئًا هذه المرة لتأجيج سباق تسلح سيتحول في أحسن الأحوال إلى إهدار هائل للأموال والموارد، وفي أسوأ الأحوال قد يؤدي إلى مواجهة نووية".
وتبرز وفق تقرير "التايمز" تهديدات الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، المتكررة باستخدام الترسانة النووية إذا تدخل الناتو في أوكرانيا، ففي فبراير 2022، حذر زعيم الكرملين الغرب من عواقب "لم يشهدوا مثلها في تاريخهم".
ويعتقد بلوخي أن هذا الخوف أطال أمد الحرب، إذ امتنع الغرب عن تدخل أكبر، ما يمثل "استرضاء تقليديًا" يزيد من شهية الخصم، لافتًا إلى أن جزءًا من المشكلة يعود إلى مذكرة بودابست 1994، حيث تخلّت أوكرانيا عن ترسانتها النووية، الثالثة عالميًا آنذاك، مقابل ضمانات أمريكية وبريطانية وروسية لحماية سيادتها.
"كانت قصة نجاح من منظور منع الانتشار، لكنها خلقت فراغًا أمنيًا"، بحسب بلوخي الذي يرى أن ذلك سمح لروسيا بالهجوم بعد 28 عامًا، لتنشب أكبر حرب في أوروبا منذ 1945.
وتغيّرت طبيعة الحرب أيضًا، إذ تُشن لأول مرة هجمات على منشآت نووية مدنية مثل تشيرنوبيل وزابوريجيا، أكبر محطة نووية في أوروبا.
ووفق "التايمز" ترى دول مثل إيران في أوكرانيا دليلًا على أهمية الرادع النووي، فقد تلقت طهران ضربة هائلة من أمريكا وإسرائيل في يونيو/ حزيران الماضي، وهي الحرب التي بعثت برسالة أن الأسلحة النووية ضمان السيادة، والعوائق التكنولوجية انخفضت حتى لدول فقيرة مثل كوريا الشمالية.
بالنسبة لإيران، يرى بلوخي أن امتلاكها قنبلة "أمر سيء"، لكنه أفضل من حرب شاملة كالعراق 2003، الناتجة عن خوف غير مبرر من أسلحة الرئيس السابق صدام حسين، وقال "نحاول منعهم بكل الوسائل، لكن دون حرب".