مع إعلان إيران "عدم إلزامية" القيود المنصوص عليها في إطار الاتفاق النووي لعام 2015 (JCPOA) وقرار مجلس الأمن 2231، قالت مصادر دبلوماسية، لـ"إرم نيوز"، إن "طهران باتت في موقع تفاوضي أقوى من السابق"، على حد تعبيرها.
وجاء الإعلان الإيراني، السبت، في وقت تتزايد فيه التكهنات بشأن صعوبة استئناف المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة والدول الغربية.
ونوهت مصادر دبلوماسية إيرانية إلى أن "طهران حققت تقدماً فنياً في مجالات الطاقة النووية وتخصيب اليورانيوم، إضافة إلى توسيع قدراتها في مجالات الطاقة والصناعات الدفاعية".
وبحسب المصادر ، فإن "الجانب الإيراني سيدخل أي جولة تفاوض مقبلة بثقة أكبر، مستندًا إلى مكتسبات ميدانية وعلمية واقتصادية تجعل من الصعب ممارسة ضغوط أحادية عليه".

تحذير من الخسائر السياسية
وقال خبير العلاقات الدولية مهدي خراطیان، إن "انضمام روسيا والصين إلى إيران في الموقف القانوني الرافض لتفعيل آلية (سناب باك) يمثل تطورًا استراتيجيًا كبيرًا في ملف إيران النووي".
وأضاف خراطیان لـ"إرم نيوز": "إذا أدارت إيران هذه اللعبة بدقة، فستخرج منها مستفيدة، أما إذا وقعت في فخ الاصطفافات الوهمية، فستكون المتضررة".
وأشار الخبير إلى أن "الرسالة المشتركة بين الدول الثلاث أعلنت رسميًا أن جميع قرارات مجلس الأمن السابقة الصادرة تحت الفصل السابع (من 1696 إلى 1929) أُلغيت، وأنّ موضوع الملف النووي الإيراني لم يعد مطروحًا على جدول أعمال المجلس".
واعتبر خراطیان أن "الأهمية الأبرز في هذا التطور تكمن في مشاركة الصين الكاملة إلى جانب إيران وروسيا، بعد أن كانت هناك شكوك حول مدى استعدادها لمجاراة الموقف الإيراني"، مبينًا أن "هذه الخطوة تمثل تحولًا لافتًا في مقاربة بكين السياسية، وتكذيبًا للاتهامات الغربية التي تصف الصين بأنها محافظة ومترددة".
وأوضح أن "الدول الموقعة لا تُعرّف نفسها كمتمرّدة على قرارات مجلس الأمن، بل كجهات تدافع عن شرعية المجلس في مواجهة الإجراءات غير القانونية التي اتخذتها الدول الأوروبية الثلاث (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا) لإعادة تفعيل العقوبات".
ولفت إلى أن "الوضع الحالي لا يشبه مرحلة ما قبل الاتفاق النووي، إذ لم تعد إيران معزولة كما في السابق"، موضحًا أن "عددًا متزايدًا من الدول لا يتبنى الموقف الأمريكي الأوروبي بالكامل، وهو ما يمنح إيران مساحة سياسية وقانونية أوسع".
وختم خراطیان بالقول إن "الرسالة القانونية المشتركة تمثل بداية معركة قانونية غير مسبوقة في مجلس الأمن"، معتبرًا أن "طريقة تعامل الصين وروسيا اليوم تختلف جذريًا عن سلوكهما في أعوام 2006 إلى 2010، ما يعكس تحولًا عميقًا في ميزان القوى العالمي".
المفاوضات ستكون معقدة
ويرى السياسي الإصلاحي حشمت الله فلاحت بشه، أن "الواقع الجديد جعل المفاوضات أكثر تعقيدًا، إذ لم تعد المسألة تقتصر على إحياء الاتفاق السابق، بل على التوصل إلى صيغة جديدة تراعي توازن القوى الحالي".
وأضاف فلاحت لـ"إرم نيوز"، أن "التصريحات المتبادلة بين المسؤولين الإيرانيين والأمريكيين في وسائل الإعلام لا تعكس حقيقة ما يجري على طاولة التفاوض، بل تُستخدم لاختبار ردود الأفعال وتهيئة الرأي العام".
وأوضح أن "غياب الإشارات العلنية عن التقدم لا يعني توقف المفاوضات، فكل جولة تُختتم عادة بالحديث عن تقدم نسبي، ما يدل على أن قنوات التواصل لا تزال مفتوحة".
وبيّن أن "البُعد الفني والاستراتيجي للبرنامج النووي الإيراني أصبح اليوم أكثر حساسية، إذ تمتلك طهران معرفة محلية متكاملة في مجال التخصيب وإنتاج المواد النووية، ما يجعلها غير قابلة للعودة إلى نقطة الصفر حتى في حال وقوع أي هجوم؛ فالمعرفة المتراكمة لا يمكن تدميرها عسكريًا، بل يمكن إعادة بنائها بسرعة أكبر".
وأكد أنه "انطلاقاً من ذلك، فإن الطرفين -إيران والولايات المتحدة- وصلا إلى مرحلة لا مفر فيها من اتفاق جديد، شريطة أن يوازن بين مصالح طهران ومتطلبات المجتمع الدولي. إلا أن التساؤل الجوهري يبقى حول طبيعة هذا الاتفاق: هل سيكون اتفاقًا شاملًا يضمن لإيران مكاسب اقتصادية وسياسية وأمنية واسعة أم اتفاقًا مرحليًا محدودًا يقتصر على تخفيف التوتر دون نتائج اقتصادية ملموسة؟".