أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في يوم عيد الميلاد 2025 عن سلسلة غارات جوية على شمال نيجيريا، مستهدفة مقاتلي تنظيم "داعش" في غرب أفريقيا.
وأوضح ترامب أن هذه العمليات جاءت لحماية المسيحيين الذين "يستهدفون ويقتلون بوحشية"، في تصريح يبرز البعد الديني الذي أعطاه الرئيس لهذه الضربات.
من جانبه، أكد مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية لوكالة "أسوشيتد برس" أن العمليات جرت بالتنسيق مع الحكومة النيجيرية، التي وافقت على الغارات، فيما أشارت وزارة الخارجية النيجيرية إلى أن التعاون شمل تبادل المعلومات الاستخباراتية والتخطيط الاستراتيجي.
لطالما كان موضوع اضطهاد المسيحيين في نيجيريا أداة للضغط السياسي داخل اليمين الأمريكي، حيث تضخمت مزاعم تتعلق بالعنف ضد المسيحيين لأغراض انتخابية ودعائية.
وفي سبتمبر 2025، حاول السيناتور الجمهوري تيد كروز فرض عقوبات على المسؤولين النيجيريين الذين يُزعم أنهم "يسهلون العنف ضد المسيحيين والأقليات الدينية الأخرى".
أصبح تصوير نيجيريا على أنها دولة تعاني من اضطهاد المسيحيين عنصر جذب لقاعدة ترامب الانتخابية، خصوصًا بين المسيحيين الإنجيليين، الذين يشكلون جزءًا كبيرًا من مؤيديه.
وقد صنّف ترامب نيجيريا "دولة مثيرة للقلق بشكل خاص" بموجب قانون الحرية الدينية الدولية الأمريكي قبل أن يصدر توجيهًا للبدء في التخطيط لعمل عسكري محتمل.
يرى المحللون أن الواقع في نيجيريا أكثر تعقيدًا من التصورات التي يسوقها بعض المسؤولين الأمريكيين؛ فالعنف الذي تتعرض له المجتمعات في شمال نيجيريا غالبًا ما ينشأ من صراعات على الأرض والمياه بين الرعاة المسلمين الرحل والمزارعين المسيحيين، إضافة إلى دوافع اقتصادية وراء عمليات الاختطاف.
وتستهدف الجماعات المسلحة، مثل بوكو حرام وفصائلها المنشقة، المجتمعات المسلمة والمسيحية على حد سواء.
في هذا السياق، شددت الحكومة النيجيرية على أن العنف لا يقتصر على المسيحيين فقط، وأن البلاد تحافظ على ضمانات دستورية لحماية جميع المواطنين بغض النظر عن الدين.
وقال الرئيس بولا أحمد تينوبو مؤخرًا: "لقد كانت الحرية الدينية والتسامح ركيزة أساسية لهويتنا الجماعية، وستبقى كذلك دائمًا".
بينما ترى إدارة ترامب أن الضربات العسكرية هي رد على ما تصفه بالاضطهاد الديني للمسيحيين، يرى المراقبون أن هذه العمليات تعكس مزيجًا من أهداف مكافحة الإرهاب والتحرك السياسي الداخلي، خصوصًا في ضوء تأييد المسيحيين الإنجيليين للرئيس.
ويشير هذا التداخل بين الدين والسياسة إلى أن التغطية الإعلامية الأمريكية قد تبسط أو تضخم الوقائع، ما يخلق سردًا أحادي الجانب يركز على اضطهاد المسيحيين دون التطرق إلى الأسباب المعقدة للصراع المحلي في نيجيريا.