قالت إذاعة "صوت أميركا" إن غرينلاند، الجزيرة القطبية الشمالية، تشهد تحولات غير مسبوقة في ظل التصريحات المثيرة التي أدلى بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول رغبة الولايات المتحدة في السيطرة على الإقليم من الدنمارك.
وأضافت الإذاعة، أنه ومنذ فترة، كرر ترامب تصريحاته حول ضرورة أن تستحوذ الولايات المتحدة على غرينلاند من أجل ضمان "الأمن الدولي"، وهو ما أثار جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية في غرينلاند.
وأشارت الإذاعة إلى أنه في مواجهة هذه التصريحات، سعت رئيسة وزراء الدنمارك، ميت فريدريكسن، إلى تعزيز التضامن الأوروبي، حيث قامت بزيارة إلى برلين وباريس ومقر حلف شمال الأطلسي في بروكسل في محاولة لمواجهة التحدي الذي فرضته تصريحات ترامب.
وأظهر استطلاع للرأي نُشر مؤخرًا، بتكليف من صحيفتي "بيرلينجسكي" الدنماركية و"سيرميتسياك" في غرينلاند، أن 85% من سكان غرينلاند يعارضون أن يصبحوا جزءًا من الولايات المتحدة، بينما أيد 6% فقط الفكرة، وأبدى 9% ترددًا. ورغم ذلك، أشار نصف المستجيبين إلى أن اهتمام ترامب بغرينلاند قد يمثل فرصة، بينما اعتبره النصف الآخر تهديدًا.
ولم يتطرق الاستطلاع إلى مسألة رغبة السكان في قطع العلاقات مع الدنمارك أو السعي نحو الاستقلال، لكن استطلاعًا آخر أجري عام 2019 أظهر أن أكثر من ثلثي سكان غرينلاند يرغبون في الاستقلال في مرحلة ما من المستقبل.
وأوضحت الإذاعة أنه على الرغم من استقلالية حكومة غرينلاند الحالية، فإن الجزيرة تسعى لتحقيق استقلال كامل، وبموجب الاتفاقات مع الدنمارك، يحق للإقليم إجراء استفتاء حول هذا الموضوع في المستقبل.
وفي هذا السياق، قالت نايا ناثانيلسن، وزيرة الموارد والأعمال والعدل والمساواة بين الجنسين في غرينلاند: "الأمور تتغير في العالم، ولا نعرف بعد أين ستصل الأمور، لكننا بحاجة إلى أن نناقش هذه القضية داخل غرينلاند بعيدًا عن تأثيرات الخارج".
وأضافت: "نحن بحاجة إلى مناقشة ما سيكون عليه الاستقلال، وما هي نوعية الرعاية الاجتماعية، والديمقراطية، والمؤسسات الدستورية التي نرغب في إرسائها".
وذكرت الإذاعة أن غرينلاند، التي تضم حوالي 57,000 نسمة على مساحة 2.1 مليون كيلومتر مربع، تعتمد بشكل كبير على المساعدات الدنماركية التي تبلغ نحو 800 مليون دولار سنويًا، ما يشكل نصف إيرادات الحكومة المحلية.
وأضافت أن غرينلاند تأمل في أن يسهم الاهتمام العالمي المتزايد في جذب الاستثمارات لاستغلال مواردها المعدنية الهائلة، مثل الغرافيت واليورانيوم والمعادن الأرضية النادرة.
وقال أولريك برام جاد، الخبير في الثروات المعدنية في غرينلاند، إن المشكلة تكمن في غياب الاستثمارات اللازمة لاستغلال هذه الموارد بسبب هيمنة سلاسل التوريد الصينية.
كما افتُتح مؤخرًا مطار دولي جديد في العاصمة نوك، مما سيسهل الوصول إلى الجزيرة. ومن المتوقع أن تبدأ شركة "يونايتد إيرلاينز" في وقت لاحق من العام الحالي رحلات مباشرة من نيويورك إلى غرينلاند.
وفيما يخص الاقتصاد، يعد صيد الأسماك أكبر نشاط اقتصادي في غرينلاند، حيث يشكل حوالي 85% من الصادرات، ويأمل العديد من سكان الجزيرة في أن تساهم الاستثمارات الأجنبية في تعزيز النمو الاقتصادي، خاصة إذا تم استغلال مواردها المعدنية.
وقال جيسبر جاكوبسن، مدير تعاونية صيد الأسماك في نوك: "يمكن للأمريكيين دفع الكثير لاستئجار الجزء الشمالي من غرينلاند، وهو ما يمكن أن يسهم في تحقيق الاستقلال الاقتصادي للجزيرة".
من جهة أخرى، تسببت زيارة ترامب الابن إلى غرينلاند في ضجة إعلامية، وقد أظهرت صور عبر منصات التواصل الاجتماعي أن بعض السكان المحليين استقبلوا الزيارة بحفاوة، بينما انتقدها آخرون معتبرين أنها تذكير بماضي الاستعمار الدنماركي.
من جانبه، أكد رئيس وزراء غرينلاند، ميوت بي إيجيدي، في مناظرة تلفزيونية: "نحن في غرينلاند لا نريد أن نكون أمريكيين ولا دنماركيين. نحن غرينلنديون وسنستمر في التعاون مع الدول الغربية وغيرها من الدول في العالم وفقًا لمصالحنا".
