رئيس الموساد يعتبر أن على إسرائيل "ضمان" عدم استئناف إيران لبرنامجها النووي

logo
العالم
خاص

من الأرض إلى الفضاء.. "القبة الذهبية" تفجر سباق التسلح مجدداً بين واشنطن وموسكو

ترامب خلال الإعلان عن القبة الذهبيةالمصدر: أ ف ب

لم يعد الصراع بين موسكو وواشنطن يدور حول من يملك الصاروخ الأسرع أو القنبلة الأضخم، بل حول "من يملك السماء وما وراءها"؛ فحين أعلنت الولايات المتحدة مشروعها الدفاعي الجديد تحت اسم "القبة الذهبية"، رأت روسيا في الأمر أكثر من مجرد درع مضاد للصواريخ، وأن هذه مظلة سياسية تمتد فوق العالم لإعادة رسم خريطة السيطرة من المدار الأرضي حتى حدود الفضاء.

ويقول برنت سادلر، المسؤول السابق بوزارة الحرب الأمريكية "البنتاغون"، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إن "روسيا تحاول عبر انتقادها مشروع (القبة الذهبية) دفع أمريكا إلى تخفيف الضغطين السياسي والعسكري عليها، عبر فتح نافذة حوار حول اتفاقات الحد من الأسلحة الاستراتيجية".

ويؤكد أن "أي مفاوضات من هذا النوع يجب أن تجرى فقط بعد تنفيذ وقفٍ فعلي لإطلاق النار في أوكرانيا، على أن تشمل الصين ضمن الإطار التفاوضي، حتى لا يتحول الملف إلى صفقة ثنائية بين واشنطن وموسكو تمنح روسيا متنفسا استراتيجيا".

أخبار ذات علاقة

إيلون ماسك

رغم خلافه مع ترامب.. ماسك سيحصل على صفقة ضخمة لـ"القبة الذهبية"

خلال الأشهر الماضية، صعّدت موسكو من لهجتها تجاه المشروع الأمريكي الذي أعلنه الرئيس دونالد ترامب تحت مسمى "القبة الذهبية"، معتبرة أنه لا يستهدف فقط حماية الأراضي الأمريكية، بل يهدف إلى نقل ميدان الحرب إلى الفضاء.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن هذا المشروع يضعف توازن الردع النووي ويقوض مبدأ الأمن المتبادل، مؤكدة أن واشنطن تسعى من خلاله إلى توسيع نطاق هيمنتها على منظومات الدفاع الاستراتيجي.

أما نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف، فوصف المشروع بأنه "طريق مباشر لعسكرة الفضاء وتحويله إلى ساحة مواجهة مسلّحة"، محذرًا من أن أي توسع أمريكي في هذا الاتجاه سيُقابل برد استراتيجي روسي لا يمكن التنبؤ بعواقبه.

ولم يكن الموقف الروسي متصلبا منذ البداية، ففي مايو 2025 وصفت موسكو مشروع "القبة الذهبية" بأنه "شأن سيادي أمريكي"، لكنها شددت على أهمية التشاور مع روسيا بشأنه.

وهذا الخطاب سرعان ما تبدل مع تصاعد التوتر في أوكرانيا، لتعتبره موسكو بعد أشهر تهديدا مباشرا للاستقرار العالمي وامتدادا للعقيدة الأمريكية القائمة على الضربات الاستباقية.

ولم تكتفِ موسكو بالتصريحات، فقد ردت عمليا عبر استعراض ترسانتها من الصواريخ المجنحة ذات المدى غير المحدود، وعلى رأسها الصاروخ النووي "بوريفستنيك"، الذي وصفته صحيفة وول ستريت جورنال بأنه التهديد الأكثر خطورة لنظام القبة الذهبية.

تفاصيل مشروع "القبة الذهبية"

المنظومة الأمريكية مصممة لاعتراض الصواريخ الباليستية التي تحلق على ارتفاعات شاهقة، وفي الوقت نفسه يحلق "بوريفستنيك" على ارتفاع منخفض يصعب رصده أو اعتراضه؛ ما يمنح موسكو ورقة ضغط استراتيجية في محادثات الحد من التسلح.

وفي خطوة لافتة، أصدرت روسيا والصين بيانا مشتركا في مايو 2025 أدانتا فيه ما وصفتاه بمحاولات الولايات المتحدة استخدام الفضاء الخارجي كساحة مواجهة عسكرية، مؤكدتين تمسكهما بنهج يدعم الأمن العالمي ويعارض عسكرة الفضاء.

مفاوضات الحد من التسلح 

ويشير برنت سادلر إلى أن "النهج الروسي في إدارة الحرب بأوكرانيا هو نهج معيب، خاصة أن موسكو تحاول منع تسليم أسلحة متطورة لكييف مثل صواريخ توماهوك، بعيدة المدى من خلال التلويح بإمكانية الدخول في مفاوضات جديدة للحد من التسلح".

وأضاف المسؤول الأمريكي السابق أن "على أمريكا مواصلة فرض عقوبات ثانوية على الدول التي تساعد موسكو في الالتفاف على العقوبات الغربية، وفي مقدمتها الصين والهند بسبب مشترياتهما من النفط الروسي"، ودعا إلى "استمرار تزويد أوكرانيا بأسلحة بعيدة المدى لزيادة كلفة الحرب على روسيا وإجبارها على مراجعة حساباتها".

ورأى سادلر أن "فرض تكاليف اقتصادية وعسكرية حقيقية على الكرملين هو السبيل الوحيد لإجبار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الدخول في مفاوضات جادة لوقف إطلاق النار"، مشددا على أن "أي تراجع في الدعم العسكري أو تنازل في هذه المرحلة سيُفسر من قبل موسكو على أنه "علامة ضعف".

وتابع سادلر أن "الاستمرار في الضغط والعقوبات، إلى جانب دعم أوكرانيا بالقدرات الدفاعية اللازمة، سيخلق توازن ردع حقيقيا يُجبر روسيا على القبول بتسوية عادلة، بدلًا من استغلال المفاوضات لكسب الوقت وإعادة ترتيب أوراقها العسكرية".

سباق تسلح جديد

من ناحيته، قال د. سمير أيوب، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، إن "موسكو لم تتأخر في الرد على مشروع القبة الذهبية، الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي وصفه بأنه قادر على حماية الولايات المتحدة من أي تهديد صاروخي، في إشارة مباشرة إلى روسيا".

أخبار ذات علاقة

ترامب يستعرض تفاصيل القبة الذهبية

معلومات جديدة تكشف تفاصيل غير مسبوقة عن "القبة الذهبية الأمريكية" (فيديو إرم)

وأكد أيوب، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "موسكو حذرت منذ البداية من هذا المشروع، ما قد يشعل سباق تسلح جديدا، لا يقتصر على الجبهة الأوكرانية فقط، بل يمتد ليشكّل مرحلة ضغط استراتيجي على روسيا نفسها".

واستطرد قائلا: "الكرملين يرى في هذا المشروع استمرارا للنهج الأمريكي القائم على الهيمنة واستعراض القوة، ومحاولة لفرض السياسات الأمريكية على الساحة الدولية، بما في ذلك على القوى الكبرى كروسيا والصين".

وأكد أيوب أن "مشروع القبة الذهبية، رغم تشابهه مع (حرب النجوم)، إلا أنه يختلف من حيث الأهداف والتوقيت، وربما يكون مجرد أداة ضغط سياسي على موسكو".

وشدد على أن "روسيا تمتلك ترسانة صاروخية استراتيجية قادرة على تحقيق التوازن، وأي مواجهة محتملة لن تُحسم بالمسيرات أو الأسلحة التقليدية، بل بالصواريخ بعيدة المدى ذات القدرة التدميرية الكبيرة".

مناورات استراتيجية

وأضاف أيوب أن "موسكو ردت على إعلان ترامب بإطلاق مناورات وصواريخ استراتيجية جديدة، أبرزها (بوريشينك) القادر على التحليق لساعات طويلة"، مشيرًا إلى أن "أي منظومة دفاعية لا يمكنها اعتراض هذه الصواريخ".

وأكد أن "روسيا ما زالت قوة عظمى تمتلك توازن الردع النووي الذي يضمن لها مواجهة أي حرب شاملة، والصواريخ الاستراتيجية هي التي تحدد ميزان القوى، لا الدبابات أو الطائرات".

وحذر الخبير في الشؤون الروسية، من أن "الولايات المتحدة تلعب بالنار إذا مضت في هذا المشروع، وحرب النجوم السابقة كانت تُقدَّم للعالم كواجهة ديمقراطية، بينما تكشف القبة الذهبية عن الوجه الحقيقي للولايات المتحدة بوصفها قوة تسعى إلى الهيمنة والانفراد بالقرار الدولي".

وأضاف أن "تسلح روسيا بصواريخ بعيدة المدى حدّ من قدرة واشنطن على دعم حلفائها الأوروبيين في أوكرانيا، والانتقادات الروسية للمشروع تأتي في إطار محاولة إعادة التوازن الدولي وفرض ضمانات متبادلة للأمن".

وأكد أن "روسيا أخذت بجدية الحديث عن استعداد أوروبا لحرب محتملة عامي 2029 أو 2030"، مشيرًا إلى أن "ارتداء الرئيس بوتين الزي العسكري مؤخرا كان رسالة واضحة لواشنطن بعدم التراجع عن أهداف العملية في أوكرانيا".

ووصف الوضع الحالي بأنه "حرب فاترة قد تتحول إلى مواجهة مفتوحة، حيث تستعد موسكو لكل الاحتمالات من خلال تعزيز ترسانتها النووية وتعديل عقيدتها الدفاعية"، محذرا من أن "أي تصعيد أمريكي قد يقود إلى مرحلة خطرة من سباق التسلح".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC