يرى تقرير لمجلة "فورين بوليسي" أن عودة العلاقات بين الهند والولايات المتحدة إلى طبيعتها باتت أصعب، مشيرة إلى أن هناك احتمالًا ضئيلًا لـ "إنقاذ الجسر"، وأن على الجانبين المسارعة لاتخاذ "الإجراءات اللازمة".
وتعتقد المجلة أن الهند ربما تحتاج إلى تقديم تنازلات وما يشبه "الاعتذار" للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خصوصًا أن في إدارته من يعتقد بأهمية "العلاقة الاستراتيجية" بين واشنطن ونيودلهي.
وفي 30 يوليو/تموز، أعلن ترامب فرض تعريفة جمركية أساسية بنسبة 25% على الصادرات الهندية، إضافة إلى "عقوبة" على شراء النفط والمعدات العسكرية من روسيا. وفي 6 أغسطس/آب، وقّع أمراً تنفيذياً يفرض "رسومًا جمركية إضافية بنسبة 25%" على نيودلهي.
وكما كان متوقعًا، فقد كان رد الهند حادًا، كما أبدت نيودلهي التزامًا بـ "التعاون الاقتصادي" مع روسيا في بيان رسمي صادر عن وزارة الخارجية، وخرجت أصوات أمريكية تدعو إلى الاستدراك قبل "حرق طرق العودة"، معتبرة أن ترامب "يخاطر بتدمير خمسة وعشرين عامًا من العلاقات الأمريكية-الهندية".
كما ترى "فورين بوليسي" أن الهند أيضًا بحاجة إلى النزول عن الشجرة ووقف حالة التدهور في العلاقة مع ترامب، خصوصًا في ظل التقارب غير المسبوق بين إدارته وعدوتها اللدود، باكستان، مشددة على أن نيودلهي "بحاجة تجارية وعسكرية وسياسية في الولايات المتحدة لتجاوز المأزق الحالي".
قناة خلفية
ثمة حاجة إلى قناة اتصال خلفية بين البلدين، على أن تكون مختلفة تمامًا عن عملية "جاسوانت سينغ-ستروب تالبوت" التي يُستشهد بها كثيرًا. فحينها شرع وزير الخارجية الهندي آنذاك ونائب وزير الخارجية الأمريكي في عملية معتمدة حكوميًا للعمل معًا عقب التجارب النووية الهندية العام 1998.
والتقى سينغ وتالبوت أكثر من اثنتي عشرة مرة في ردهات المطارات وعلى هامش الفعاليات العالمية. وكما قال سينغ، كان الهدف هو "إيجاد صلة".
ومنذ ذلك الحين، أمضت الهند والولايات المتحدة أكثر من عقدين في تعميق هذه العلاقة وتوسيعها، ومع ذلك، لا تزال الثقة ضعيفة بين مسؤولي البلدين. ومن الجانب الأمريكي، هناك تردد واضح، حتى في الجلسات المغلقة، في تجاوز المقتضيات المحددة في تصريحات ترامب العلنية.
أما بالنسبة للهند، يصعب على المسؤولين ببساطة التواصل مع الجانب الآخر في ظل تغيّر الأطراف الرئيسية، فلا يزال مساعد وزير الخارجية الأمريكي غائبًا، ولا يوجد سفير لواشنطن لدى الهند حاليًا.
بيان واعتذار
يشير مطلعون في الحكومة الأمريكية إلى إمكانية تخفيف حدة المأزق الحالي إذا أصدرت الهند بيانًا عامًا، يضمّن شيئًا من الاعتذار، ويُلمّح إلى تنويع اقتصادها بعيدًا عن واردات النفط الروسية.
إلا أن "فورين بوليسي" تعتقد أن المسؤولين الأمريكيين "يجهلون الواقع السياسي والاستراتيجي الذي يجعل هذا المطلب مستحيلًا، حتى لو اتخذت الهند بالفعل، أو قد تتخذ، مثل هذه الخطوات لمصلحتها الخاصة".
وتشير إلى أنه سيُنظر إلى أي بيان عام في هذا الوقت، خاصة بعد تصريح بيتر نافارو، المستشار التجاري للبيت الأبيض، بأن الهند تُغذّي آلة الحرب الروسية، على أنه انصياع للإرادة الأمريكية، كما أنه في نيودلهي، لا يوجد دعم شعبي لبذل المزيد من الجهود مع الولايات المتحدة في الوقت الحالي.
اللقاءات والوساطة
في ظل الوضع الراهن، يُفضّل أن يتحدث مسؤولون من كلا البلدين، من جهات مؤثرة غير رسمية من مختلف القطاعات وخبراء يتابعون هذه العلاقة، على أن تكون هذه العملية سلسة وبسيطة، ولا تتطلب موافقات رسمية. وبحسب "فورين بوليسي"، فإن "كل ما يتطلبه الأمر هو موافقة ضمنية، وليس بالضرورة موافقة من الطرفين، ببساطة، ثمة حاجة إلى حوار".
أما فيما يتعلق بالوساطة، فترى المجلة الأمريكية أنها قد لا تجد تأثيرًا كبيرًا إن لم تكن هناك رغبة من الطرفين أصلاً في حل الخلاف وفق المعطيات السابقة، والتي رجّحت أن تُعيد الزمن إلى الوراء أو تسترجع الثقة التي هُزِمت بسبب الإعلانات المتتالية بشأن الرسوم الجمركية وروسيا واقتصاد الهند وغيرها الكثير.