نتنياهو يعلن رسميا المصادقة على اتفاق الغاز مع مصر
يرى محللون أن الجماعات المسلحة في الساحل الإفريقي تعتمد سياسة الاستنزاف؛ لأنها أضعف من الجيوش النظامية، وتفتقر لمقومات الحكم، والاعتراف الدولي، وذلك في ظل استمرار جماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة الإرهابي للعاصمة المالية باماكو.
وتخوض حكومات مالي والنيجر وبوركينا فاسو، إلى جانب دول إفريقية أخرى، صراعًا طويل الأمد مع جماعات مسلحة متعددة، من بينها "نصرة الإسلام والمسلمين"، و"جبهة تحرير أزواد"، و"جبهة ماسينا"، و"بوكو حرام"، وهو صراع أسهم في تكريس حالة من الفوضى الأمنية غير المسبوقة في منطقة الساحل الإفريقي.
وتخضع باماكو منذ نحو شهرين لحصار اقتصادي خانق، مع توقف تدفق الوقود وعدد من المواد الأساسية، في خطوة تهدف من خلالها جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" إلى خنق العاصمة ماليًا واقتصاديًا، ووضع نظام الرئيس أسيمي غويتا تحت ضغط متزايد.
وفي هذا السياق، ترى المحللة السياسية المتخصصة في الشؤون الإفريقية، ميساء نواف عبد الخالق، أن الاستنزاف يمثل "استراتيجية الضعيف الذكي"، موضحة أن هذه الجماعات لا تسعى إلى نصر سريع، بل إلى تفكيك الدولة تدريجيًا، وتحويل العاصمة من رمز للسيادة إلى مدينة محاصرة نفسيًا وأمنيًا.
وأضافت أن هشاشة الدولة في منطقة الساحل، واتساع رقعة الصراع الزمني يجعل من هذه الاستراتيجية خيارًا أكثر واقعية من المواجهة العسكرية المباشرة.
وأشارت عبد الخالق، في حديث لـ "إرم نيوز"، إلى أن الجماعات المسلحة، بحكم ضعفها مقارنة بالجيوش النظامية وافتقارها لمقومات الدولة، تعتمد سياسة الاستنزاف بهدف ضرب مؤسسات الدولة وفرض واقع جديد عبر محاصرة العواصم وخنقها اقتصاديًا، كما هو الحال في باماكو.
وحذرت من أن طموحات هذه الجماعات لا تقتصر على مالي، بل تمتد إلى دول أخرى في الساحل الإفريقي مثل بوركينا فاسو والنيجر، ما يثير مخاوف جدية من مرحلة طويلة من عدم الاستقرار، مؤكدة أنه لا يبدو أن هناك حسمًا وشيكًا في المواجهة القائمة.
ولفتت عبد الخالق إلى الأهمية الجغرافية الخاصة لمالي، باعتبارها عقدة إقليمية تتقاطع عندها حدود عدة دول، من الجزائر شمالًا، والنيجر شرقًا، وبوركينا فاسو جنوب شرق، وساحل العاج جنوبًا، وغينيا جنوب غرب، والسنغال غربًا، وموريتانيا شمال غرب، وهو ما يزيد من جاذبيتها الاستراتيجية بالنسبة للجماعات المسلحة.
في المقابل، يسود الغموض مستقبل عدد من أنظمة غرب إفريقيا، في ظل حرب الاستنزاف التي فرضتها الجماعات المسلحة، والتي نجحت في إعادة رسم المشهد الأمني وفرض وقائع جديدة على الأرض.
ويرى المحلل السياسي النيجري المتخصص في الشؤون الإفريقية، محمد أوال، أن لجوء هذه الجماعات إلى الاستنزاف يعود إلى عدة عوامل، أبرزها أنها لا تسعى فعليًا إلى الحكم؛ لافتقارها إلى برامج سياسية وخطط واضحة، فضلًا عن إدراكها أنها لن تحظى بأي اعتراف إقليمي أو دولي.
وأوضح أوال، في حديثه لـ "إرم نيوز"، أن سياسة الاستنزاف توفر لهذه الجماعات مصادر تمويل كبيرة، من خلال الخطف مقابل الفدية، والسطو على شاحنات الوقود والإمدادات الغذائية، ما يجعل هذا الخيار فعالًا من وجهة نظرها.
وأضاف أن هذه الاستراتيجية تسهم في إضعاف الأنظمة الحاكمة وإظهارها بمظهر العاجز أمام شعوبها، لا سيما في دول مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو، حيث فقدت الحكومات السيطرة على مساحات واسعة من أراضيها، ما يعيق تنفيذ المشاريع الكبرى، ويكرس واقعًا إنسانيًا وأمنيًا متدهورًا يدفع المدنيون ثمنه الأكبر.