الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"

logo
العالم

قمة سانتا مارتا.. جبهة أوروبية ـ لاتينية ضد سياسات ترامب

قمة أوروبا وأمريكا اللاتينيةالمصدر: وزارة الخارجية الكولومبية

انعقدت الأحد، في مدينة سانتا مارتا الكولومبية القمة المتعددة الأطراف لمجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي والاتحاد الأوروبي، وسط أجواء سياسية مشحونة تعكس تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة من جهة، وعدد من حلفائها الأوروبيين واللاتينيين من جهة أخرى. 

وقد تحولت القمة إلى منصة لانتقاد سياسات واشنطن، خصوصًا في مجالات القانون الدولي، والتجارة، وتغير المناخ، في ظل ما يصفه قادة القارة الجنوبية بـ"النهج الهمجي" لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بحسب موقع "لاتين أمريكا ريبورتس".

حضور بارز رغم الغيابات

رغم انسحاب عدد من كبار القادة في اللحظة الأخيرة، شهدت القمة حضور شخصيات سياسية مؤثرة، أبرزهم الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، إضافة إلى المضيف الكولومبي جوستافو بيترو، الذي تولى الرئاسة المؤقتة للقمة. 

أخبار ذات علاقة

جنود كولمبيون في عرض عسكري

"قوة ضاربة" في أمريكا اللاتينية.. هل الجيش الكولومبي جاهز لحرب خارجية؟

واعتبر المراقبون أن هذا الحضور يعكس رغبة متزايدة في بناء جبهة دبلوماسية مستقلة عن الهيمنة الأمريكية، ولو بشكل رمزي.

وافتتح الرئيس الكولومبي المؤتمر بكلمة حادة اللهجة، قال فيها إن على أمريكا اللاتينية وأوروبا "أن تقفا معًا ضد الهمجية"، في إشارة واضحة إلى الممارسات الأمريكية الأخيرة في المنطقة.

وركّز بيترو في كلمته على حملة القصف التي استهدفت قوارب في البحر الكاريبي وأسفرت عن مقتل نحو سبعين شخصًا، معتبرًا أنها تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي.

وخلال الجلسة العامة، انضم عدد من المندوبين الأوروبيين إلى الموقف ذاته، حيث وصفت كايا كالاس، نائبة رئيس المفوضية الأوروبية، تلك الهجمات بأنها "غير مبررة ومخالفة للأعراف الدولية"، مطالبة بإجراء تحقيق مشترك.

خلافات حول صياغة البيان الختامي

رغم الانتقادات الواسعة، تجنّب الإعلان المشترك الصادر في ختام اليوم الأول للقمة أي إدانة مباشرة للولايات المتحدة، واكتفى بالدعوة إلى "الامتثال للقانون الدولي في مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود والاتجار غير المشروع بالمخدرات". 

أخبار ذات علاقة

أنصار رودريجو باز في لاباز يحتفلون بفوزه في الانتخابات الرئاسية

بعد بوليفيا.. هل تتجه أمريكا اللاتينية أكثر نحو "أجندة" ترامب؟

وقد عكس ذلك تباين المواقف داخل القمة، حيث دعمت بعض الدول، مثل ترينيداد وتوباغو وغيانا، النهج الأمريكي المتشدد في مكافحة المخدرات، في حين فضلت أخرى تجنّب الدخول في مواجهة مفتوحة مع واشنطن.

ويُعتقد أن موقف بيترو الصدامي مع ترامب جعله في مرمى العقوبات الأمريكية، بعد إدراجه ضمن "قائمة كلينتون"، التي تضم أفرادًا وكيانات خاضعة لتجميد الأصول.

غياب ألماني-فرنسي ورسائل ضمنية

أثار غياب المستشار الألماني فريدريش ميرتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تساؤلات حول أسباب هذا القرار، إذ ربط مراقبون انسحابهما المفاجئ بتصاعد الخلاف بين واشنطن وبيترو. 

ومع ذلك، حرص المندوبون الأوروبيون الحاضرون على تجنب الانجرار إلى الخلاف، حيث أكد وزير الخارجية التشيكي يان ليبافسكي أن "القضايا الثنائية لا تنتمي إلى أجندة قمة الاتحاد الأوروبي ومجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي".

وشدد ليبافسكي على أهمية التركيز على الملفات الاقتصادية والتجارية، لا سيما في مواجهة النفوذ الصيني المتزايد في القارة اللاتينية، مشيرًا إلى أن القمة تمثل فرصة لتبادل وجهات النظر حول القضايا الدولية الكبرى، بما في ذلك الوضع في الشرق الأوسط والحرب الروسية في أوكرانيا.

أخبار ذات علاقة

مجلس الشيوخ في أوروغواي

سابقة في أمريكا اللاتينية.. أوروغواي تقر قانون القتل الرحيم

ورغم التباينات الواضحة، نجحت القمة في الخروج ببيان ختامي ركّز على القيم المشتركة بين الجانبين، مثل الديمقراطية واحترام القانون الدولي والسلام. 

وجاء في البيان: "نؤكد مجددًا معارضتنا للتهديد باستخدام القوة أو استخدامها، ونشدد على أهمية إعطاء الأولوية لمنع الصراعات".

كما أكد الإعلان التزام الجانبين بمكافحة تغير المناخ، في توقيت حساس يسبق انطلاق مؤتمر الأطراف الثلاثين (COP30) في البرازيل. 

وجاء فيه: "ندرك آثار تغير المناخ في جميع البلدان، وندعو إلى مضاعفة الجهود العالمية للحد من الانبعاثات وتعزيز التحول الأخضر العادل".

توتر تجاري مع واشنطن

وفي الجانب الاقتصادي، شدد البيان على أهمية دعم منظمة التجارة العالمية ونظام التجارة المتعدد الأطراف، في مواجهة ما وصفه عدد من المندوبين بـ"الحمائية المتزايدة في سياسات واشنطن".

وأبدت عدة دول متضررة، بينها البرازيل، استياءها من الرسوم الجمركية الأمريكية التي وصلت إلى 50% على بعض صادراتها، معتبرة أن هذه السياسات تُضعف سلاسل الإمداد وتعمّق الفجوة الاقتصادية بين الشمال والجنوب.

أخبار ذات علاقة

عدد من قادة أمريكا الجنوبية يتوسطهم رئيس البرازيل

يسار أمريكا اللاتينية يتحد.. 4 دول ترسم محوراً جديداً ضد واشنطن

وتكشف قمة سانتا مارتا عن تصدّع جديد في العلاقات عبر الأطلسي، إذ لم تعد أوروبا وأمريكا اللاتينية تتعاملان مع الولايات المتحدة كقوة مرجعية مطلقة، بل كطرف يمكن الاعتراض على مواقفه في قضايا المناخ والعدالة الدولية والتجارة. 

ومع أن القمة لم تصل إلى مستوى تشكيل جبهة موحدة في مواجهة واشنطن، فإنها عكست رغبة متزايدة لدى العديد من الدول في إعادة تعريف علاقاتها الخارجية على أساس من الندية والاستقلالية.

في المحصلة، أظهرت القمة أن الانقسامات السياسية التي أطلقتها إدارة ترامب لم تعد تقتصر على الداخل الأمريكي، بل امتدت لتعيد رسم ملامح التوازن الدولي في نصف الكرة الغربي، في لحظة عالمية تتسم بتعدد الأقطاب وتراجع الثقة في القيادة الأمريكية التقليدية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC