logo
العالم

إيطاليا تنتفض وفرنسا تتعثر.. مفارقات "القوة والصمت" في قلب أوروبا

إيطاليا تنتفض وفرنسا تتعثر.. مفارقات "القوة والصمت" في قلب أوروبا
ميلوني وماكرونالمصدر: (أ ف ب)
17 يونيو 2025، 2:51 م

قالت مجلة "لوبوان" الفرنسية إن فرنسا، في ظل أزماتها السياسية الداخلية وتراجع حيويتها على مختلف الأصعدة، تبدو في موقع دفاعي، بينما تبرز  إيطاليا بقيادة جورجيا ميلوني كقوة ناشئة، تُبدي حيوية اقتصادية وديمقراطية لافتة. 

ووفق تقرير المجلة، فقد تجلّت هذه الحيوية مؤخرًا في استفتاء شعبي جريء، دعت إليه المعارضة ومنظمات المجتمع المدني.

وأوضحت "لوبوان" أن يومي 8 و 9 يونيو/حزيران الجاري شهدا تنظيم استفتاء شعبي غير مسبوق في إيطاليا، جاء بمبادرة من المعارضة ومنظمات غير حكومية، وهدف إلى تعديل عدد من القوانين الحساسة.

من بين هذه القوانين، تخفيف شروط الحصول على الجنسية الإيطالية من خلال تقليص مدة الإقامة المستمرة المطلوبة من 10 إلى 5 سنوات، إلى جانب المطالبة بإلغاء قوانين سابقة حرّرت سوق العمل بشكل مفرط، وهي قوانين أثارت جدلًا واسعًا نظرًا لتأثيرها السلبي على استقرار العمال وأوضاعهم الاجتماعية.

ورأت المجلة الفرنسية أن هذا الاستفتاء لا يعبّر فقط عن دينامية الحياة السياسية في إيطاليا، بل يؤكد أيضًا أن البلاد، على الرغم من قيادتها من قبل حزب يميني شعبوي، ما زالت قادرة على خوض نقاشات ديمقراطية حقيقية يشارك فيها المواطنون بفعالية ووعي.

ميلوني بين الشعبوية الليبرالية والاستجابة للواقع

بحسب المجلة، تكشف هذه المرحلة عن مفارقة لافتة في نهج رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني؛ إذ في الوقت الذي تقود فيه حملة شرسة ضد الهجرة غير الشرعية، تسجل حكومتها أرقامًا قياسية في منح الجنسية (213,500 حالة) وتصاريح الإقامة (450 ألف حالة).

وترى "لوبوان" أن هذه الأرقام لا تعكس تنازلات أيديولوجية، بل تعبّر عن استجابة واقعية لأزمتين عميقتين، الأولى ديمغرافية، تهدد التوازن السكاني في إيطاليا، والثانية اقتصادية، تتمثل في نقص حاد في اليد العاملة يعاني منه سوق العمل الإيطالي في مختلف القطاعات.

بهذا، تمضي ميلوني على خيط رفيع بين الحفاظ على ثقة قاعدتها المحافظة، وضمان استقرار اقتصادي واجتماعي يتطلب انفتاحًا محسوبًا على الهجرة المقننة.

فرنسا على الهامش

في المقابل، تظهر فرنسا في حالة تراجع سياسي واجتماعي، وقد اعتادت الجمهورية الخامسة النظر إلى إيطاليا بنوع من التعالي الممزوج بالازدراء، باعتبارها نموذجًا للفوضى الحكومية وعدم الاستقرار.

لكن الوقائع اليوم تفرض قراءة مغايرة، حيث إن فرنسا تعاني أزمة شرعية سياسية، وانقسامًا مجتمعيًا غير مسبوق. بينما تنجح إيطاليا، رغم تعقيدات تركيبتها السياسية، في التفاعل مع المطالب الشعبية والبحث عن حلول تشاركية، من خلال آلية الاستفتاء الشعبي.

وتلفت المجلة إلى أن فرنسا، التي طالما اعتبرت نفسها "قائدة أوروبا الديمقراطية"، تجد نفسها اليوم في موقف محرج، فدولة مجاورة، تقودها زعيمة يمينية محافظة، تسجل نقاطًا متقدمة على صعيد الديمقراطية والمشاركة الشعبية، مقارنة بباريس.

أوروبا في مفترق طرق

المشهد الأوروبي الراهن يشهد تحوّلًا في موازين القوة، ليس فقط على الصعيد الاقتصادي، بل أيضًا في ما يتصل بالشرعية الديمقراطية والسياسات الاجتماعية.

أخبار ذات علاقة

الجناح الإسرائيلي في معرض باريس

أزمة جديدة.. فرنسا تغلق جناح إسرائيل في معرض باريس العسكري

 وباتت إيطاليا في عهد ميلوني، بحسب المجلة، تتجاوز الصورة النمطية التي دأبت عليها النخب الباريسية، ولم تعد "الضعيف الذي يُستهان به"، بل أصبحت لاعبًا جادًا في صياغة سياسات بديلة على المستوى الأوروبي.

أما فرنسا، فهي مدعوّة اليوم إلى مراجعة ذاتها، ليس فقط في طريقة تعاطيها مع جيرانها، بل في مقاربتها لفهم الديمقراطية؛ تلك التي لا تقتصر على المؤسسات الرسمية، بل تقوم كذلك على إرادة شعبية حيّة لا يمكن تجاهلها.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC