logo
العالم

"الأمر لم يعد يهمنا".. ماذا يعني تخلي فرنسا عن أمن الساحل الأفريقي؟

"الأمر لم يعد يهمنا".. ماذا يعني تخلي فرنسا عن أمن الساحل الأفريقي؟
مراسم تسليم القواعد الفرنسية في السنغال المصدر: ا ف ب
28 يوليو 2025، 2:06 م

أثارت تصريحات أطلقها وزير الدولة الفرنسي المكلف بالفرانكفونية والشراكات الدولية، ثاني محمد صويلحي، عن أن أمن غرب أفريقيا والساحل لم يعد يخصّ بلاده، تساؤلات حول تداعيات ذلك.

وتحدث صويلحي خلال مؤتمر صحفي عبر الهاتف مع الصحفيين في جنوب أفريقيا، حيث كان يشارك في أسبوع من محادثات مجموعة العشرين بشأن التنمية العالمية. 

وردّ بشأن خطر انعدام الأمن المرتبط بالغياب العسكري الفرنسي "أنا آسف أن أقول ذلك، لكن الأمر لم يعد يهمنا".

وتجدر الإشارة إلى أن هذا التعليق، يأتي بعد أيام قليلة من إغلاق وتسليم آخر قاعدة عسكرية فرنسية كبيرة في المنطقة، وتحديدا في السنغال.

وكشف الوزير بحث باريس عن سبل أخرى للحفاظ على العلاقات مع الدول الأفريقية، لا تقتصر بالضرورة على الجانب العسكري.

أخبار ذات علاقة

مراسم تسليم القواعد الفرنسية في السنغال

السنغال.. الانسحاب الفرنسي يغذي مخاوف عودة نشاط المتشددين

 وقال محمد صويلحي: "نواصل التعامل مع الدول التي ترغب في ذلك. لكن... لن تتمكن فرنسا من معالجة المخاوف الأمنية للدول التي لم تعد تربطها بها علاقات".

وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، أقدمت باريس على تفكيك تدريجي لوجودها العسكري الذي كان له أهمية كبيرة في مستعمراتها الأفريقية السابقة.

وصدّت على مدى عقود المسلحين المتطرفين، واعتقلت المجرمين المسلحين، وأنقذت العديد من الرؤساء من التمرد المسلح.

بدوره، يرى المحلل السياسي المتخصص في الشأن الأفريقي، قاسم كايتا أنه "من الواضح أن هذه التصريحات تعكس محاولة من فرنسا لحفظ ماء وجهها إثر الانسحاب العسكري من غرب أفريقيا والساحل".

وأشار كايتا إلى أنها تنوي أيضاً "تبرئة ذمتها من أي هجمات تعرفها المنطقة مستقبلاً، خاصة أنها تواجه اتهامات متزايدة بدعم الجماعات المسلحة".

وأضاف  لـ"إرم نيوز" أن "فرنسا أدركت أنه لا يمكنها الاستمرار في العمل عسكريًا ودبلوماسيًا في دول مثل النيجر ومالي وبوركينا فاسو".

وأردف: "أما في السنغال وساحل العاج وتشاد فهي تحتفظ بعلاقات ودية، لكن دون أن يكون لها تأثير بارز مثل روسيا وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية وهي قوى لديها علاقات قوية الآن مع الحكومات الجديدة المنبثقة عن انقلابات عسكرية".

وشدّد على أن "المعضلة أن البدائل الجديدة التي تم اللجوء إليها في الساحل الأفريقي مثل روسيا لم تثبت بعد قدرة كبيرة على ضبط الأمن والاستقرار، خاصة مع تصاعد الهجمات حيث تتكبد الجيوش المحلية خسائر فادحة، بالإضافة إلى المدنيين".

من جهته، يرى الباحث المتخصص في ديناميكيات الأمن في غرب أفريقيا، رِدا سانتي أن الدول التي انسحبت منها فرنسا كانت باريس شاركت بها لعقود في التدخل العسكري للحفاظ على الاستقرار في مستعمراتها السابقة التي تضخ لها مليارات الدولارات سنويا في خزانتها وحتى حماية قادة ديكتاتوريين من الانقلاب عليهم.

واعتبر سانتي في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن سياسة باريس في المنطقة لطالما جلبت لها انتقادات من المدافعين عن حقوق الإنسان؛ لأنها أنقذت أحيانا رؤساء هددتهم التمردات ومن المفارقات أيضا أنها دعمت بعض الانقلابات.

أخبار ذات علاقة

باسيرو ديوماي فاي وعثمان سونكو

هاجم ديوماي فاي.. رئيس حكومة السنغال يحذر من "مؤامرة" للإطاحة به

 وأضاف: "رغم قطع فرنسا علاقاتها العسكرية مع بعض دول غرب أفريقيا، إلا أنها تريد كتابة تاريخ جديد مع الدول الراغبة في مواصلة التعاون لتجنب ترك المجال كله لقوى روسية وصينية عقدت شراكات أمنية واقتصادية مع الحكومات الجديدة".

وقال الخبير العسكري المتخصص في الشؤون الأفريقية، عمرو ديالو، إن "تصريحات صويلحي واقعية بالنظر إلى فقدان فرنسا كل قدراتها العسكرية في غرب أفريقيا، وبالتالي باريس لا تتحمل مسؤولية الوضع الأمني الآن في المنطقة، خاصة أنها غادرت ليس رغبة منها بل بضغوط من قادة المنطقة".

وتابع ديالو في تصريح لـ "إرم نيوز": "الآن على الحكومات التي طردت القوات الفرنسية واستنجدت بروسيا أن تتحمل مسؤولية إرساء الأمن والاستقرار لأن هذه المهمة لم تعد موكلة إلى باريس، وفي اعتقادي أن هذه الحكومات غير قادرة على القيام بذلك، خاصة في ظل هشاشة جيوشها وضعف الدعم المقدم من موسكو".

وكان القادة الجدد أعلنوا بوضوح رغبتهم في النأي بأنفسهم عن فرنسا، إذ يتهمون مستعمرهم السابق بالتدخل والاستعمار الجديد، ونتيجةً لذلك، طالبوا بانسحاب القوات الفرنسية من أراضيهم.

ومنذ عام 2022، سحبت فرنسا قواتها من مالي وبوركينا فاسو والنيجر، عقب انقلابات عسكرية أوصلت قادةً معادين للوجود الفرنسي إلى السلطة.

أخبار ذات علاقة

الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والسنغالي بشير ديوماي فاي

ضمن "خطة الرحيل".. فرنسا تسلم السنغال قاعدة عسكرية

 ولاحقًا، في نوفمبر 2024، حذت تشاد حذوهم وقطعت نجامينا علاقاتها الأمنية مع باريس إلا أن هذا البلد كان قاعدةً لفرنسا بعد أن طردت من الدول المجاورة. وأدى انسحابها إلى إضعاف الاستراتيجية الفرنسية في المنطقة.   

وتسبب أكثر من عقد من التمردات في منطقة الساحل الأفريقي إلى نزوح ملايين الأشخاص وانهيار اقتصادي، مع امتداد العنف جنوبًا نحو ساحل غرب أفريقيا.

وشهد الشهران الماضيان تصاعدًا في الهجمات المتطرفة، مما جعل هذه الفترة من أعنف الفترات في تاريخ المنطقة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC