"المرصد السوري": استهداف سيارة على طريق مطار حلب الدولي
أغلقت السنغال فصلا مهما من تاريخها بانسحاب القواعد العسكرية الفرنسية الأخيرة المتواجدة على أراضيها منذ أكثر من ستة عقود، وسط مخاوف من انتهاز المتشددين الفرصة لتكثيف نشاطهم في بلد محاط بجيران يعيشون توترات أمنية متصاعدة.
وأعلنت فرنسا رسميا تسليم آخر قاعدتين عسكريتين لها في السنغال، وهما معسكر جيلي أكبر قاعدة فرنسية في البلاد، والمطار العسكري في مطار دكار الدولي.
وجاء الإعلان خلال مراسم أُقيمت بحضور كبار المسؤولين من الجانبين، بينهم الجنرال مباي سيسيه رئيس الأركان السنغالية والجنرال باسكال ياني قائد القوات الفرنسية في أفريقيا.
وشكل هذا الانسحاب نهاية لوجود الجيش الفرنسي في السنغال الذي امتد إلى 65 عاما، حيث يأتي في سياق انسحابات مماثلة من مستعمرات سابقة باتت تدير ظهرها لهذه القوة الاستعمارية السابقة.
وبقيت السنغال صامدة أمام انهيار دول مجموعة الساحل الخمس الأخرى وتحديدا المنسحبة من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، وهي: مالي، وبوركينا فاسو، والنيجر، وتسلل المتطرفين منها نحو خليج غينيا.
واعتمد الوجود الفرنسي في السنغال منذ عام 1960 على اتفاقيات الدفاع والتعاون الثنائية، بما في ذلك دعم بناء الجيش السنغالي بين عامي 1960 و1974.
وبعد استقلالها، ظلت السنغال واحدة من أكثر الشركاء العسكريين ولاءً لفرنسا في غرب أفريقيا.
ووفق الباحث السياسي المتخصص في العلاقات الفرنسية الأفريقية، براهيما بيتر، فقد فتحت باريس باب التفاوض لاستمرار قاعدتها، لكن لم تكلل بأي اتفاق.
وقال بيتر، لـ"إرم نيوز"، إن ذلك يعكس الأهمية الاستراتيجية التي يوليها الرئيس إيمانويل ماكرون لوجوده العسكري في البلاد.
وأرجع الأمر إلى السياسة المنتهجة منذ تولي الرئيس باسيرو ديوماي فاي السلطة في أبريل 2024، فقد أبدى وحكومته استعدادهما لمعاملة باريس على قدم المساواة مع شركائها الغربيين الآخرين.
وقال إن كان ذلك يمثل الانحدار التدريجي للنفوذ العسكري الفرنسي في غرب ووسط أفريقيا، فإنه يبقي التساؤلات مفتوحة حول قدرة السنغال على مكافحة شبكات التطرف، وكيف لها أن تنجو مما تعرضت له بلدان الساحل الأخرى من توترات أمنية كان أحد أسبابها انسحاب قواعد الطائرات بدون طيار الأمريكية.
وأشار إلى ما ذكرته تقارير استخباراتية أن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، التابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، عينت زعيما جديدا للإشراف على عملياتها في منطقة المثلث الحدودي بين موريتانيا والسنغال ومالي.
يُشير هذا التعيين، الذي يُمثل إعادة تنظيم استراتيجية، إلى أن من بين من تم تعيينهم شخص يُعرف باسم عبد الرحمن الموريتاني أو أبو هند الليبي.
"التهديد ليس ببعيد"، هذا هو موقف ميسا سيلي ندياي، مساعد الرئيس السنغالي السابق ماكي سال.
ففي حفل عام أقيم شمال البلاد، دعا إلى اليقظة في مواجهة التهديد الجهادي.
وعبر عن اعتقاده أن "لا أحد في مأمن"، في سياق تتزايد فيه هذه الظاهرة، ولا سيما في الدول المجاورة.
وأعرب الجنرال سيلي ميسيا ندياي عن قلقه إزاء ظهور إسلام "مستورد"، يروج له دعاة جدد تلقوا تدريبهم في الخارج، وتتعارض ممارساتهم مع الإسلام السنغالي الأصيل.
كما حذّر الضابط رفيع المستوى مما وصفه بـ"علامات واضحة على التمزق". وأوضح أن بعض الدعاة اليوم يرفضون الشعائر الاجتماعية كالجنائز والمعموديات، ولا يشاركون في التضامن المجتمعي.
والأخطر من ذلك، وفق ندياي أن السلطة العسكرية تعتبر أن "هذه الجماعات مدعومة بشبكات إجرامية مرتبطة بتجارة المخدرات واحتجاز الرهائن"، كما أشار إلى وجود خلايا إرهابية نائمة.
ويأتي تحذير الجنرال سيلي ميسيا ندياي بعد أسابيع قليلة من تقرير معهد تمبكتو، الذي سلّط الضوء على التهديدات المحتملة من جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين".
ووفقًا للتقرير، فإن سهولة اختراق الحدود الوطنية تسمح حاليًّا للجماعة بالتسلل مما يجعلها إحدى أكثر المشاكل إلحاحًا التي تواجه موريتانيا والسنغال.
وفي ظل الهجوم الذي وقع في منطقة ديبولي، على بُعد كيلومترين فقط من الحدود السنغالية، عادت المخاوف من امتداد الإرهاب إلى جنوب الساحل للظهور.
وفي مقابلة مع صحيفة "لوبسيرفاتور" الفرنسية، حاول الجنرال مامادو منصور سيك، رئيس الأركان العامة السابق للقوات المسلحة السنغالية، طمأنة الوضع، داعيًا إلى "اليقظة الدائمة".
وحسب قوله، فإن صمود السنغال حتى الآن يعود إلى حد كبير إلى "استراتيجية فعّالة، وجيش قوي، وجهاز مخابرات كفؤ".
ولضمان الأمن على المدى الطويل، يدعو إلى تعزيز الميزانية العسكرية "اقترحتُ على الرئيس أن تصل ميزانية الدفاع إلى 2% إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي، بما يتماشى مع معايير حلف شمال الأطلسي".
ويختتم حديثه بثقة: "لم تعتمد السنغال قط على أحد في أمنها. أنا أثق في قواتنا الدفاعية وأجهزتنا الاستخباراتية".