logo
العالم

تطورات كبيرة.. الحرب الروسية الأوكرانية بانتظار "الصفقة الكبرى" (إنفوغراف)

تطورات كبيرة.. الحرب الروسية الأوكرانية بانتظار "الصفقة الكبرى" (إنفوغراف)
تطورات الحرب الروسية الأوكرانية
22 مايو 2025، 4:08 م

شهدت الحرب الروسية الأوكرانية، منذ عودة الرئيس دونالد ترامب للرئاسة الأمريكية، تطورات عديدة، لم تبدأ باجتماع متوتر بينه وبين الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي في البيت الأبيض في 28 فبراير 2025، بل أصبحت موسكو تتحرك بهدوء على رقعة الصراع، بانتظار ما يمكن تسميتها بـ"الصفقة الكبرى". 

تأتي هذه التطورات وسط مؤشرات توحي بأن لحظة الإعلان عن الصفقة باتت قريبة، خاصة مع إعلان وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، أن روسيا ستكشف عن شروطها الرسمية لوقف إطلاق النار مع أوكرانيا، فيما يشبه المناورة السياسية الكبرى لتثبيت نفوذها شرقًا وتحقيق مكاسب من خلف ستار التفاوض.

ولعل واحداً من أهم التطورات كان في الأول من مايو الجاري، حيث وقعت واشنطن وكييف اتفاقية "تاريخية" حول المعادن النادرة، تزامناً مع نتائج واضحة على الأرض بالتقدم الروسي المتسارع، واستعادة مدينة كورسك من القوات الأوكرانية، وكذلك السيطرة على 20% من الأراضي الأوكرانية.

ووفق التوقعات الأمريكية، ستركز روسيا على فرض أمر واقع غير قابل للتراجع، يشمل، اعتراف كييف بضم شبه جزيرة القرم والمناطق الأربعة التي التهمتها الحرب، والتزام أوكرانيا بالحياد الدائم، وقطع الطريق على عضويتها في حلف الناتو، بالإضافة إلى تقديم ضمانات أمنية مشددة، تتضمن وقف الهجمات عبر الحدود، وربما نزع سلاح بعض المناطق الاستراتيجية.

وأعلن وزير الخارجية الأمريكي أن بلاده عرضت مبادرة أولية تتضمن وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار لمدة 30 يومًا، مؤكّدًا أن أوكرانيا أبدت مرونة مبدئية تجاه هذا الطرح، شريطة التزام روسي واضح.

وأشار إلى أن واشنطن بصدد إرسال المقترح إلى موسكو عبر قنوات دبلوماسية متعددة، مع تحذير ضمني بأن رفضه سيعني استمرار النزاع بمواجهة مفتوحة طويلة الأمد.

ويبقى السؤالـ فيما إذا كانت ستمهد الشروط الروسية المرتقبة لسلام حقيقي، خاصة وأن هناك توقعات باعتبارها مجرد استراحة محارب قبل جولة صراع جديدة.

مصير انضمام كييف للناتو

ويرى الخبراء أن روسيا تستعد لطرح شروط لوقف إطلاق النار تشمل حياد أوكرانيا، وضمانات بعدم انضمامها للناتو، والاعتراف بسيطرتها على القرم والمقاطعات الأربعة، خاصة وأنها تسعى لسلام يخدم مصالحها الاستراتيجية، وتحاول تجنب أي اتفاق مؤقت يُستغل من الغرب لإعادة تسليح كييف.

وأضاف الخبراء، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن روسيا تراهن على تراجع الدعم الغربي لأوكرانيا، والانقسامات داخل الناتو، وتغير الأولويات في بعض العواصم الأوروبية، وأن الكرملين يسعى لتقديم نفسه كطرف منفتح على التسوية، لكن بشروط تحفظ له مكانته الجيوسياسية.

وأشار الخبراء إلى أن أي هدنة روسية ستكون مشروطة أيضًا بتخفيف تدريجي للعقوبات الغربية، وبتفاهمات أمنية تحول دون أي تهديدات مستقبلية من الأراضي الأوكرانية.

فرصة لتسليح أوكرانيا

وقال نزار بوش، أستاذ العلوم السياسية في جامعة موسكو، إن الجولة الأولى من المحادثات التي جرت بين الوفدين الروسي والأوكراني في إسطنبول لم تفض إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وأن موسكو لا ترغب في تكرار تجربة الهدن السابقة، والتي اعتبرتها فرصة استغلها الغرب لإعادة تسليح أوكرانيا والتحضير لعمليات عسكرية، خصوصًا باتجاه منطقة دونباس.

وأكد بوش، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن روسيا كانت قد كشفت تلك التحركات مسبقًا؛ ولذلك بادرت بشن عملية عسكرية وقائية قبل تنفيذ الهجوم الأوكراني المتوقع، وأن روسيا تسعى حاليًّا لإنهاء الحرب عبر تسوية سلمية، لكنها ترفض القيام بذلك على حساب مصالحها الاستراتيجية.

شروط روسية مشددة

ووفقا لبوش، فإن الشروط الروسية لأي اتفاق تشمل، تقديم ضمانات بعدم إعادة تسليح الجيش الأوكراني، واعتراف كييف بالأمر الواقع في المناطق الأربع التي انضمت إلى روسيا، والتي باتت وفق القانون الروسي أراضيَ روسية لا يمكن التفاوض بشأنها. 

وتابع: "تتضمن الشروط التزام أوكرانيا بالحياد الكامل، ورفض الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي الناتو أو توقيع اتفاقيات عسكرية مع دول تعتبرها موسكو خصومًا استراتيجيين، ولا سيما الدول الغربية".

وأشار أستاذ العلوم السياسية بجامعة موسكو، إلى أن روسيا مستعدة للقبول بهدنة مبدئية إذا وافقت أوكرانيا على تلك الشروط، على أن تتبعها مفاوضات متسلسلة نحو حل دائم. وكشف عن وجود مذكرة تفاهم تُناقش حاليًّا بشكل سرى بين موسكو وكييف، مؤكّدًا أن روسيا لا ترغب في الإعلان عنها تجنبًا لتدخلات محتملة من أطراف لا تريد إنهاء الحرب، مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا.

وأوضح بوش أن روسيا تجري اتصالات مكثفة حاليًّا مع الولايات المتحدة لإعادة إحياء مسار المفاوضات، وربما يُعاد عقد لقاء جديد في إسطنبول يكون مقدمة لهدنة تقود إلى تسوية شاملة.

مقاربة تفاوضية

من جانبه، قال إبراهيم كابان، مدير شبكة الجيوستراتيجي للدراسات، إن روسيا باتت أكثر وعيًا الآن بأن الاتحاد الأوروبي والقوى الغربية لن توقف دعمها العسكري والمالي لأوكرانيا، وهو ما دفع موسكو إلى تعديل مقاربتها التفاوضية.

وأضاف، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن روسيا عادة ما تبدأ التفاوض بطرح مطالب مرتفعة، لكنها تميل تدريجيًّا إلى خفض سقف هذه المطالب كلما تقدمت المفاوضات. 

أخبار ذات علاقة

رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا

البرلمان الأوروبي يشن "حربا جمركية" على روسيا

 وتوقع كابان أن تتمحور المطالب الروسية حول التمسك بشبه جزيرة القرم، والحفاظ على سيطرتها على المقاطعات الأربعة ذات الغالبية الروسية في شرق أوكرانيا، إلى جانب ضمان عدم انضمام أوكرانيا إلى الناتو وعدم إنشاء قواعد للحلف على أراضيها.

وأشار إلى أن روسيا، رغم رفضها العلني للوجود العسكري الغربي في أوكرانيا، باتت مضطرة إلى التعامل مع هذا الواقع، إذ أصبح هذا الوجود حقيقيًّا ومتزايدًا؛ لذلك يُتوقع أن تطلب روسيا بالمقابل بعض الضمانات الأمنية من أوروبا تتعلق بعدم التوسع شرقًا، ما يخفف من المخاوف الروسية بشأن التمدد الأطلسي في مناطق نفوذها التقليدية.

معادلات إقليمية ودولية

أما ديميتري بريجع، مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، فرأى أن إعلان روسيا المرتقب لشروط وقف إطلاق النار لا يأتي من فراغ، بل يستند إلى قراءة روسية دقيقة للمعادلات الإقليمية والدولية، التي تميل تدريجيًّا لصالح موسكو.

وأوضح، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن موسكو تسعى في هذه المرحلة إلى تثبيت مكاسبها الميدانية، ليس بالضرورة إلى تحقيق سلام دائم، وتسعى في الوقت ذاته لتقديم نفسها كطرف راغب في إنهاء الحرب، بشرط أن يتم ذلك وفقًا لشروط تحفظ مكانتها كقوة عظمى.

وأشار إلى أن موسكو تراهن على تعب داخلي في أوكرانيا ناجم عن تراجع الإمداد الغربي، وصعوبات في تعبئة القوات، إلى جانب تصدعات في الموقف الغربي نتيجة تغير أولويات بعض العواصم الأوروبية، وتراجع الزخم الأمريكي؛ بسبب الاستحقاقات السياسية الداخلية.

وبحسب بريجع، فإن الشروط الروسية المنتظرة ستشمل أولًا الاعتراف الدولي بضم المناطق الأربع والقرم إلى روسيا، وهي شروط تعتبرها موسكو غير قابلة للتفاوض. ثانيًا، ستصر روسيا على حياد أوكرانيا ومنعها من الدخول في تحالفات عسكرية مع الغرب. وثالثًا، ستطالب بضمانات أمنية مشددة، تشمل وقف الهجمات داخل الأراضي الروسية ونزع سلاح بعض المناطق الحدودية. وأخيرًا، ستربط أي تقدم سياسي في مسار التفاوض بتخفيف تدريجي للعقوبات الغربية المفروضة عليها.

وأكد أن تلك الشروط، رغم صياغتها المتوقعة بلغة دبلوماسية، ستُفهم في كييف والعواصم الغربية كمحاولة لفرض أمر واقع بالقوة، لا كخطوة نحو تسوية متوازنة، ما يجعل فرص قبولها ضعيفة ما لم تتغير المعطيات الميدانية أو السياسية بشكل جذري.

وأضاف أن الإعلان الروسي المنتظر يمثل رسالة ليس فقط إلى أوكرانيا، بل إلى واشنطن وبروكسل وبكين وأنقرة، مفادها أن موسكو لا تزال تمتلك زمام المبادرة، وتستعد للمرحلة التالية، سواء كانت فصلًا جديدًا من التفاوض أو من المواجهة.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC