تبرز تحديات كبرى أمام اليابان مع تولي ساناي تاكايتشي، على الأرجح، رئاسة الوزراء كأول امرأة في تاريخ البلاد، وهي محافظة متشددة تريد الاقتراض والإنفاق أكثر لتنشيط اقتصاد بلادها، مبدية استعدادها لإعادة فتح اتفاقية تجارية تم التوصل إليها بشق الأنفس مع الولايات المتحدة، بحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال".
وبالإضافة إلى المواجهة المتوقعة مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، فهناك مؤشرات على صِدام بين طوكيو وبكين، بالنظر إلى موقف تاكايتشي تجاه الصين، ودعمها في المقابل تايوان.
انتُخبت ساناي تاكايشي، البالغة من العمر 64 عاماً، زعيمةً للحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم، اليوم، في انتخابات حزبية أعقبت استقالة سلفها، شيغيرو إيشيبا، في سبتمبر/أيلول.
ورغم أن الحزب الليبرالي الديمقراطي يفتقر إلى أغلبية واضحة في البرلمان، فمن المتوقع أن تحظى بدعم كافٍ من المشرعين لخلافة إيشيبا في منصب رئيس الوزراء، في وقت لاحق من هذا الشهر.
ومن بين أهم مهام تاكايتشي، تعزيز تحالف اليابان مع الولايات المتحدة الذي تأثر سلباً بالجهود الحثيثة التي يبذلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإعادة تنظيم التجارة العالمية.
ووافقت طوكيو على استثمار 550 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال السنوات القليلة المقبلة، مقابل فرض رسوم جمركية بنسبة 15% على وارداتها من السيارات والآلات وغيرها من المنتجات الأمريكية.
ويُعد هذا المعدل أفضل من معدل 27.5% الذي كانت اليابان تواجهه على السيارات قبل إبرام الاتفاقية، ولكنه أسوأ بكثير من الرسوم الجمركية المنخفضة التي كانت تُفرض على معظم صادراتها قبل عودة ترامب إلى السلطة.
في حملتها الانتخابية، أكدت تاكايتشي التزامها باتفاقية التعريفات الجمركية التي توصل إليها سلفها، لكنها طرحت أيضاً إمكانية إعادة التفاوض إذا رأت حكومتها أن الاتفاقية لا تخدم مصالح اليابان.
وهذا مؤشر على أن شروط الاتفاق، الذي يمنح ترامب، من بين أمور أخرى، دور اختيار الاستثمارات التي تدرس اليابان تمويلها، لا تزال غير متوافقة بسهولة مع دولة تعد نفسها من بين أهم حلفاء الولايات المتحدة وشريكها الأقوى في آسيا.
وقالت تاكايتشي في مؤتمر صحفي عُقد قبل أيام من التصويت: "إذا ظهرت أي جوانب غير متكافئة تُلحق الضرر بالمصالح الوطنية لكلا البلدين، فعلينا التعبير عن مخاوفنا بحزم. وهناك أيضاً إمكانية لإعادة التفاوض".
ووفقاً لمحللين، فإن هذا التصريح يشير إلى احتمال نشوب خلافات أخرى حول التجارة والاستثمار، فبموجب شروط الاتفاق، احتفظ ترامب بحق رفع الرسوم الجمركية على الواردات اليابانية إذا رفضت اليابان تمويل استثمارات محددة.
رغم أن تاكايتشي تعد داعمة قوية لتحالف اليابان مع الولايات المتحدة، كما أن آراءها المُحافظة في السياسة الخارجية والقضايا الاجتماعية تُضفي عليها تقارباً أيديولوجياً مع ترامب، فإن ثمة مخاوف من صدامات محتملة، اقتصادية وسياسية وعسكرية.
ومن المتوقع أن تشهد المفاوضات بين واشنطن وطوكيو العام المقبل مفاوضات متوترة، عندما تتوصل واشنطن وطوكيو إلى شروط اتفاقية جديدة مدتها خمس سنوات تحدد المبلغ الذي تدفعه اليابان مقابل صيانة القوات والمرافق الأميركية المتمركزة داخل حدودها.
كما قد تُسبب رئيس الوزراء الجديدة توتّراً في العلاقات مع جيران اليابان الآسيويين، فتاكايتشي متشددة تجاه الصين، وتدعم تايوان، الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي التي تدّعي بكين ملكيتها. وهي تزور بانتظام ضريح ياسوكوني الياباني، الذي يُخلّد ذكرى قتلى الحرب اليابانيين، بمن فيهم بعض مجرمي الحرب.
وتُعد مثل تلك الزيارات التي يقوم بها القادة اليابانيون في مناصبهم استفزازية في كل من بكين وسيول، إذ لا تزال ذكريات الفظائع التي ارتكبتها اليابان خلال توسعها الإمبراطوري الذي انتهى بهزيمتها في الحرب العالمية الثانية حاضرة في الأذهان.