كشفت "فورين بوليسي"، أن فوز عضوة الحزب الديمقراطي الليبرالي في اليابان ساناي تاكايتشي في تصويت القيادة يوم السبت، سيجعلها أول امرأة تتولى رئاسة الوزراء في اليابان، لكن ونظرا لأجندتها القومية المتطرفة التي ستثير الاضطرابات في المنطقة، فإن وصولها إلى السلطة يهدد بحدوث توتراتٍ مع كلٍّ من بكين وسول.
وأكدت مصادر أن هذه المكانة التي يتوقّع أن تحققها تاكايتشي، قد تشكّل رمزًا للتمثيل النسائي على الصعيد الدولي، لكنها لا تعكس بالضرورة تقدما حقيقيا في المساواة بين الجنسين؛ إذ تُظهر أن المرأة قد تصل إلى السلطة فقط من خلال الالتزام الصارم بالقيم التقليدية والحزبية المتشددة.
وفي حين تحتل اليابان المركز 118 من بين 148 دولة في مؤشر فجوة النوع الاجتماعي لعام 2025، متأخرة عن جميع دول مجموعة السبع، فإن هذا التراجع يعكس نقص التمثيل النسائي في السياسة والقيادة، كما يظهر من الحقائب الوزارية التي تقلَّص عدد النساء فيها من 5 إلى 2 فقط في الحكومة الأخيرة.
وبحسب الخبراء فإن نجاح تاكايتشي يعكس ولاءها الأيديولوجي للحزب الليبرالي الديمقراطي وليس مجرد خيار شخصي، وهذا الولاء يجعل من صعودها إنجازا للحزب المحافظ أكثر من كونه انتصارا للمرأة.
جوهر المفارقة في صعود تاكايتشي يكمن في التناقض بين وصولها إلى أعلى المناصب السياسية كامرأة، ومعارضتها القوية لأي تغييرات قانونية من شأنها تعزيز المساواة بين الجنسين واستقلال المرأة في اليابان بشكل ملموس؛ فهي من أشد المدافعين عن قانون خلافة العرش الذكوري، وأبرز المعارضين لتعديل القوانين التي تسمح للأزواج بالاحتفاظ بألقاب منفصلة، وهو تناقض صارخ بين نجاحها الشخصي والقيود التي تفرضها القوانين على النساء الأخريات.
أما صعودها، فمستمدٌّ من إرث رئيس وزراء اليابان الأسبق ورئيس الحزب الليبرالي الديمقراطي الأسبق شينزو آبي، والمجموعة اليمينية نيبون كايغي، التي تدفع نحو إعادة القيم التقليدية، وتعديل الدستور، وتعزيز القوة العسكرية، كما يشمل سجل تاكايتشي الدفاع عن المناهج التاريخية وزياراتها المتكررة لمزار ياسكوني؛ ما يضمن ولاءها للأيديولوجية المحافظة للحزب.
لكن على الصعيد الإقليمي، تلتزم تاكايتشي بمواقف صعبة، بما في ذلك النزاع حول جزر دوكدو/تاكيشيما، وملف تايوان، وزياراتها لمزار ياسكوني، وهذه السياسات من المحتمل أن تثير توترات مع الصين وكوريا الجنوبية؛ ما يجعل صعودها اختبارا للدبلوماسية اليابانية بعد الحرب العالمية الثانية.
ورغم تبنيها لهجة تدعو لتمكين النساء، ووعودا بتشكيل حكومة متوازنة نسائيا، فإن جوهر سياستها الوطنية يظلُّ رجعيا ومتشددا، غير أن صعودها يمثل نجاحا في الاندماج الأيديولوجي الكامل داخل الحزب المحافظ، وليس تقدما في مجال المساواة بين الجنسين.
نجاح تاكايتشي يوضّح أن الطريق الأكثر احتمالا للنساء للوصول إلى السلطة في اليابان يمر عبر الولاء الكامل لعناصر الحزب الأكثر محافظة وأبوية، وليس عبر إصلاحات نوعية حقيقية، ولذلك فإن صعودها رمز للقوة السياسية وليس للمساواة؛ ما يعد اختبارا صارما للقيادة النسائية في بيئة سياسية تقليدية ومتشددة في البلاد.