رجح ساسة وخبراء، وقوف القضاء الأمريكي في صف جامعة هارفارد التي أقامت دعوى قضائية مؤخرا ضد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ظل ما أعلن عن تجميد التمويل الفيدرالي لها وإخضاعها للضرائب، ليتكرر مشهد المواجهة القضائية السابقة بينهما خلال ولاية ترامب الأولى، حيث جاءت نتائجها لصالح أعرق وأغنى الجامعات الأمريكية.
وأوضحوا في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن القضاء الأمريكي ينظر الدعوى على 3 مستويات من بينها محاكم الاستئناف ثم المحكمة العليا وهو ما يزيد مؤشر إصدار الحكم لصالح "هارفارد" في ظل مطالب "ترامب" التي تعني سيطرة حكومته على عملية التحاق الطلبة وتعيين الأساتذة والتدخل في المناهج وحجب مظاهرات الطلاب التي يقول عنها إنها "معادية للسامية".
وأقامت جامعة "هارفارد" دعوى قضائية ضد الحكومة الفيدرالية بعد تجميد التمويل الحكومي المخصص لها والبالغ 2.2 مليار دولار، بعد رفضها مجموعة من المطالب التي تتعلق باستقلاليتها، وتهدف الدعوى إلى منع ترامب من تجميد تمويل اتحادي بمليارات الدولارات، وذلك بعد أن رفضت المؤسسة البحثية العريقة قائمة من المطالب قدمها البيت الأبيض، مؤكدة أن تلك المطالب تقوض استقلالها.
وأكدت "هارفارد" في الدعوى أن الحكومة تجاوزت حدودها، في وقت بلغت ميزانيتها 64 مليار دولار في نهاية سنتها المالية الأخيرة، بعد احتساب ديونها المختلفة، إذ تتدفق الأموال إلى الجامعة سنويا من مصادر متنوعة، بما في ذلك المنح البحثية والتبرعات، وبالطبع الرسوم الدراسية، لكن معظم ثروة هارفارد، التي تزيد عن 53 مليار دولار أمريكي، محفوظة في صندوقها الوقفي، الذي يشبه حساب تقاعد ضخما، صمم ليدوم طويلا.
وكان أكثر من 170 من رؤساء الجامعات وأعضاء الجمعيات العلمية في الولايات المتحدة قد نشروا بيانا مشتركا، الثلاثاء، يعارضون فيه تعامل إدارة الرئيس الأمريكي مع مؤسسات التعليم العالي، بعد أن قالت جامعة هارفارد إن الإدارة تهدد استقلالها.
ويؤكد السياسي الأمريكي وعضو الحزب الديمقراطي الدكتور نعمان أبو عيسى، أن ترامب يحاول الضغط على الجامعات في الولايات المتحدة لتغيير نهجها تجاه العديد من المبادئ لاسيما المتعلقة بالمساواة بين الطلاب وممارسة حقوق التظاهر، وقد خضعت معظم الجامعات لذلك، لكن هارفارد قررت الذهاب إلى ساحة المحاكم
وأوضح أبو عيسى في حديث لـ"إرم نيوز"، أن لجوء هارفارد للقضاء عبارة عن مواجهة تتجدد بينها وبين ترامب في ساحة المحاكم بعد أن فعلت ذلك معه في ولايته الأولى من حكمه عندما كان يضغط عليها لفصل الطلاب الذين يدرسون عن بعد، وقت جائحة "كوفيد - 19 "، وقام القضاء بإنصاف الجامعة. وربحت الدعوى ضده في المرة الماضية.
واستكمل أبو عيسى أن ترامب يحاول تقويض دور هارفارد بوقف الأموال الفيدرالية المخصصة من الحكومة الأمريكية لبند البحث العلمي فيها مع رفع وضع الجامعة من كونها غير ربحية؛ مما يقلل الضرائب التي تسددها في وقت يستهدف فيه الرئيس الأمريكي عكس ذلك راغبا في استجلاب أموال منها للحكومة من جهة، ومن جهة أخرى، يستهدف تدهور أوضاعها الاقتصادية على الرغم من امتلاكها أرصدة مالية ضخمة.
وأشار أبو عيسى أن هارفارد من أعرق وأغنى جامعات أمريكا وقررت تحدي ترامب بالذهاب إلى القضاء للدفاع عن نفسها، معتمدة على مخالفته الصريحة للدستور الأمريكي وما يكفله التعديل الأول منه ولديها في هذه المواجهة محامون أقوياء.
ولفت أبو عيسى إلى أن الجامعة تدخل في تحدٍ ضخم مع ترامب ولكنها تراهن في هذا الصدام وصولا إلى ساحة القضاء على الدعم الشعبي الكبير الذي تحظى به مرتكزة على كونها واحدة من أهم الجامعات بالولايات المتحدة ولها أفضل مستويات القبول والتعليم وتمتلك سمعة عالمية.
ويرجح الخبير في الشؤون الأمريكية الدكتور عاطف عبد الجواد، أن يكون الحكم الصادر في الدعوى التي أقامتها هارفارد ضد ترامب لصالحها، مشيرا إلى أن القضاء الأمريكي ينظر الدعوى على 3 مستويات من بينها محاكم الاستئناف ثم المحكمة العليا، وهو ما يزيد مؤشر إصدار الحكم لصالحها في ظل مطالب الرئيس الأمريكي التي تعني سيطرة حكومته على عملية التحاق الطلبة وتعيين الأساتذة والتدخل في المناهج وحجب المظاهرات التي يقول عنها معادية للسامية.
ويقول عبد الجواد لـ"إرم نيوز"، إن هارفارد المرموقة رفعت الدعوى على ترامب الذي لم يكتفِ بتجميد المنحة المالية الفيدرالية لها ومقدارها أكثر من 3 مليارات دولار بل منعها من التمتع بالإعفاء الضريبي، لافتا إلى أن حكم القضاء في هذه الدعوى مهم لجامعات أخرى استهدفها ترامب لرفضها مطالبه المتعلقة بالحريات الأكاديمية، الأمر الذي يخالف الدستور.
وبين عبد الجواد أن هارفارد لديها وقف مالي مقداره 53 مليار دولار منذ إنشائها في القرن الـ17 ولكن حجب المنحة الفيدرالية سيؤثر سلبا على الأبحاث الجامعية ولا سيما الطبية وعدم إمكانية التحاق الطلاب الدوليين بها إلا بموافقة من حكومة ترامب.
وذكر عبد الجواد، أن هارفارد يمكنها الصمود أمام مطالب ترامب بسبب الوقف المالي ولكن حكم القضاء في حال كان لصالحها، سينطبق على جامعات أخرى مرموقة مثل كولومبيا التي تطالب بأمور مماثلة من ترامب الذي يريد غربلة قبول الطلبة على أساس أيديولوجي ومنع النسب المخصصة للأقليات وفي هذا كله انتهاك للحرية الأكاديمية ومواد الدستور الأمريكي، لافتا إلى أن الحكم القضائي لصالح هارفارد، سيكون لصالح جامعات أخرى أيضا.
وتابع عبد الجواد، أن هناك مؤشرات لتراجع ترامب عن قراراته والدليل أنه قال إن خطاب التهديد الذي تلقته الجامعة أرسل لها بدون تخويل على مستويات عالية في البيت الأبيض، أي إنه لم يُخوّل إرسال هذه التهديدات إلى الجامعة.