logo
العالم

ترامب وبوتين.. مواجهة مباشرة ترسم ملامح "النظام العالمي الجديد"

ترامب وبوتين.. مواجهة مباشرة ترسم ملامح "النظام العالمي الجديد"
بوتين وترامبالمصدر: أ ف ب-أرشيفية
16 يوليو 2025، 11:12 ص

سليمان الحراسيس

في منعطف حاسم من الصراع الروسي الأوكراني، تتشابك خيوط المواجهة العسكرية مع دبلوماسية عالية المخاطر، لتضع العالم أمام مشهد جيوسياسي بالغ التعقيد.

أخبار ذات علاقة

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي

صحيفة: ترامب شجع زيلينسكي على تكثيف ضرب العمق الروسي

 الحرب التي تجاوزت مفهومها التقليدي، تحولت إلى اختبار إرادات بين القوتين النوويتين الكبريين: الولايات المتحدة وروسيا، ليقف الرئيسان دونالد ترامب وفلاديمير بوتين في مواجهة مباشرة ترسم ملامح النظام العالمي القادم.

هذا التحول المفاجئ في ديناميكية العلاقة بين الزعيمين، من تبجيلٍ سابق إلى خصومة معلنة، ينعكس بوضوح على مسار الحرب، ويفتح الباب أمام تداعيات استراتيجية واسعة النطاق تتجاوز حدود أوكرانيا.

وعلى وقع الهجمات الروسية المستمرة بالطائرات المسيّرة على العمق الأوكراني، جاء الإعلان الأمريكي المفاجئ باستئناف شحنات الأسلحة إلى كييف عبر حلف شمال الأطلسي (الناتو) ليمثل نقطة تحوّل محورية.

هذه الخطوة، التي اشترطت تحمّل الحلفاء الأوروبيين لكامل التكاليف، لا تعكس فقط تغييرًا جذريًّا في استراتيجية إدارة ترامب، بل تعيد أيضًا تعريف قواعد الاشتباك في هذا الصراع. فمن خلال وضع الحلف في الواجهة، تسعى واشنطن إلى إعادة هيكلة عبء الدعم العسكري، في خطوة قد تهدف إلى تعزيز التماسك الأطلسي، أو ربما لكشف حدوده.

خنق روسيا

يرى أندريه باكلانوف، السفير الروسي السابق لدى السعودية، أن النزاع في أوكرانيا ليس مجرد حرب إقليمية، بل هو جزء من استراتيجية غربية تهدف إلى خنق روسيا جيوسياسيًّا.

وأوضح أن الغرب يتبنى مسارين متوازيين في تعامله مع موسكو؛ أولهما هزيمتها عسكريًّا وتقسيمها إلى كيانات صغيرة، وثانيهما استنزافها بإطالة أمد الحرب.

وأشار إلى أن الدعم الغربي المتصاعد لأوكرانيا يُعد أداة ضغط مركّبة تهدف إلى إنهاك روسيا سياسيًّا واقتصاديًّا، ودفعها للتراجع عن طموحاتها.

وفي تعليقه على المواقف الغربية، شدد باكلانوف على أن روسيا لن تتراجع أمام التهديدات، مؤكدًا أن ترامب قد يثير قلق حلفائه في أوروبا.

ولفت إلى أن روسيا تمتلك  القدرات العسكرية ذاتها التي تملكها الولايات المتحدة، ولن تتردد في استخدامها دفاعًا عن سيادتها ليس فقط على أوكرانيا بل في أي مكان تراه تهديدًا لها.

مواجهة كبرى

وفي تحليله لمآلات الصراع، يرى باكلانوف أن التدخل الغربي المتزايد، خاصة من حلف الناتو، لن يؤدي إلا إلى توسيع رقعة المواجهة.

وأكد أن الغرب يسعى لإعادة صياغة موازين القوى الدولية عبر أوكرانيا، وهو ما قد يفتح الباب أمام مواجهة مباشرة أو غير مباشرة بين روسيا والغرب.

واختتم بتأكيد أن موسكو ترى في هذا الصراع تهديدًا وجوديًّا، وأن أي محاولة لكسر إرادتها، ستُعد مقامرة خاسرة في ميزان القوى العالمية.

اختراقات ملموسة 

ومن جهته ذكر الخبير العسكري أندريه ماروتشكو، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن العمليات الميدانية الروسية شهدت منذ مطلع الربيع تسارعًا واضحًا، مكّن القوات الروسية من تحقيق اختراقات ملموسة داخل العمق الأوكراني، وأدى إلى تآكل ممنهج في البنية التحتية ذات الاستخدام المزدوج (العسكري والمدني).

وقال إن انهيارات موضعية باتت ظاهرة على بعض محاور الجبهة؛ ما يعكس الضغط المستمر الذي تمارسه موسكو.

ولفت ماروتشكو إلى أن التشكيلات المسلحة الأوكرانية فقدت الكثير من تماسكها، نتيجة تفكك بعض الوحدات بسبب استهداف مراكز القيادة والسيطرة.

أخبار ذات علاقة

نظام الدفاع الجوي باتريوت

نيوزويك: أنظمة باتريوت لن تقلب وحدها موازين الحرب ضد روسيا

 واستند إلى تقديرات غربية تشير إلى أزمة حادة تعاني منها كييف على مستوى الموارد البشرية المؤهلة والمعدات القتالية؛ ما أثّر سلبًا في كفاءتها العملياتية، في تحدٍّ استراتيجي قد يهدد قدرتها على الحفاظ على زخم المعركة.

وفي هذا السياق، نوّه ماروتشكو، الذي يرافق القوات الروسية في أرض المعركة، إلى أن أوكرانيا تُواجه تحديًا تقنيًّا معقدًا يتمثل في بنية دفاعها الجوي، والتي تمثل خليطًا غير متجانس من أنظمة سوفيتية موروثة وأخرى غربية حديثة.

هذا التباين، وفقًا له، أفقد المنظومة القدرة على التكامل العملياتي الفعال؛ ما جعلها أقل قدرة على صد الضربات الروسية المتواصلة، وخاصة الهجمات الدقيقة بالطائرات المسيّرة.

إعادة توزيع الموارد

أما على صعيد الدعم العسكري الغربي، فيؤكد ماروتشكو أن ما يحدث ليس إمدادات جديدة لأوكرانيا، بل هو أقرب إلى عملية "إعادة توزيع للموارد" داخل حلف الناتو.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة، التي تحملت الجزء الأكبر من الدعم خلال المراحل الأولى من الحرب، بدأت الآن بتنفيذ سياسة تقضي بتحميل الحلفاء الأوروبيين أعباء التكاليف المالية واللوجستية. 

هذه السياسة، بحسب ماروتشكو، لا تهدف فقط لتخفيف العبء عن واشنطن، بل تكشف مدى اعتماد كييف المطلق على المساعدات الخارجية، في وقت تتزايد فيه الضغوط الاقتصادية على العواصم الغربية.

ويؤكد ماروتشكو أن الأهداف الاستراتيجية للعملية العسكرية الروسية لم تتغير، وأن موسكو، بعد إتمام المرحلة الحالية من العمليات، ستتجه نحو إعادة هندسة الجغرافيا السياسية للمنطقة، بما يضمن إقامة منطقة عازلة، وتأمين عمقها الاستراتيجي من أي تهديدات مستقبلية قد تنطلق من الأراضي الأوكرانية.

دوافع التحول الأمريكي

وفي تفسيره لتحولات السياسة الأمريكية، يعزو ألكسندر كوزنيتسوف، المحاضر والمحلل السياسي بجامعة البحوث الوطنية، ذلك إلى ثلاثة دوافع رئيسة.

أخبار ذات علاقة

وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف

روسيا تتساءل عن دوافع "مهلة الـ50 يوما"

 وقال إن أولها اعتراف ترامب الضمني بأن الأزمة الأوكرانية أعقد مما كان يتصور، ولا يمكن حلها خلال أشهر، ثانيًا أن ترامب، بالنظر إلى ركود اقتصادي عالمي محتمل في الخريف، يسعى لإقصاء روسيا من قائمة كبار مصدري النفط، ليتسنى للولايات المتحدة اقتحام الأسواق الأوروبية والصينية كبديل.

أما ثالث الدوافع، وفق رؤية كوزنيتسوف، فيكمن في رغبة ترامب في الحفاظ على الهيمنة الأمريكية داخل أوروبا، بعد أن فشل في استبدال النخب الليبرالية الموالية للناتو بأحزاب يمينية، ليبدأ الآن محاولات للتسوية معها.

وحول مستقبل العلاقات الأمريكية الروسية، يرى كوزنيتسوف أن العقوبات الحالية لن تُحدث تأثيرًا جوهريًّا.

وأوضح أن حجم التبادل التجاري بين البلدين لا يتجاوز 9 مليارات دولار سنويًّا، كما أن الولايات المتحدة تعتمد على روسيا في استيراد سلع استراتيجية، مثل: اليورانيوم والتيتانيوم؛ ما يجعل وقف هذه التبادلات غير واقعي في المدى المنظور.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC