رئيس الموساد يعتبر أن على إسرائيل "ضمان" عدم استئناف إيران لبرنامجها النووي
كشفت مواجهة أمريكا اللاتينية لتصعيد واشنطن العسكري ضد ما تصفه بالقوارب المهربة للمخدرات، انقساما غير مسبوق، وعودة نفوذ واشنطن العسكري وسط انهيار النظام الإقليمي، وغياب صوت لاتيني موحّد.
ويرى الخبراء أن المنطقة، التي اعتادت على تاريخ معقد من التدخلات الأمريكية، لم تتوحد هذه المرة ضد التحركات العسكرية الأمريكية في البحر الكاريبي أو احتمالات توجيه ضربة مباشرة إلى نظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.
وبحسب "فورين بوليسي"، فإن الانقسامات الأيديولوجية تفسر كثيرا من هذا التجزؤ؛ فالقادة اليساريون في كولومبيا، والمكسيك والبرازيل كانوا الأكثر انتقادا لهذه الضربات، لكن بدرجات متفاوتة، وبالمقابل، انحازت دول ذات قيادات يمينية مثل باراغواي، والأرجنتين والإكوادور، إلى موقف واشنطن، حتى في تصنيفها لما يعرف بـ "كارتل الشمس" الفنزويلي كمنظمة إرهابية.
ومع ذلك، لم يقدم معظم حلفاء ترامب الإقليميين، مثل السلفادور بقيادة نجيب بوكلي، دعما علنيا مباشرا للضربات، رغم أن البلد يستضيف طائرات أمريكية متورطة في العمليات.
من جانبه يصف خبير العلاقات الدولية الأرجنتيني خوان غابرييل توكاتليان الانقسام الحالي بأنه "الأكثر دراماتيكية خلال نصف القرن الأخير"؛ فالاتحادات الإقليمية التقليدية مثل اتحاد دول أمريكا الجنوبية وتجمع أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي (CELAC)، أصبحت ضعيفة أو "عديمة الفائدة"، بينما يبدو أن منظمة الدول الأمريكية تخشى انتقاد الولايات المتحدة خشية العقوبات الاقتصادية.
وفي هذا السياق، تبرز مواقف متباينة؛ فالرئيس الكولومبي غوستافو بيترو انتقد الضربات بشدة ووصفها بأنها "عمليات قتل"، بينما كان الرئيسان البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا والمكسيكية كلاوديا شاينباوم أكثر حذرا في مواقفهما لتجنب أي تداعيات اقتصادية أمريكية، وبالمقابل، كانت رئيسة وزراء ترينيداد وتوباغو كاملا بيرساد-بيسيسار الأكثر دعما للعمليات، حيث سمحت برسو السفن الأمريكية في عاصمتها ورفضت التصريحات الإقليمية المطالبة بتحويل المنطقة إلى "منطقة سلمية".
وعلى صعيد شعبي، يبدو أن الرأي العام الإقليمي أكثر تقبّلا للتدخل الأمريكي من الرأي في الولايات المتحدة نفسها، ويرجع ذلك جزئيا إلى الانقسام حول نظام مادورو الذي يُحمّل مسؤولية أزمة الهجرة والفساد وانتشار المخدرات، وفي البرازيل، رغم الانتقادات الحكومية لعملية أمنية دموية في ريو، أظهرت استطلاعات الرأي دعم أغلبية المواطنين لموقف صارم ضد الجريمة؛ ما يفسر تقارب بعض القادة مع واشنطن.
ويحذر خبراء من أن هذه المرونة و الدعم الجزئي لا يخلوان من المخاطر؛ فالضربات التي نفذتها الولايات المتحدة منذ سبتمبر 2025 أسفرت عن مقتل 76 شخصا على الأقل، وأثارت انتقادات دولية حول قانونيتها وفعاليتها، كما أدت إلى تأجيل قمة الأمريكتين في جمهورية الدومينيكان وانسحاب الاتحاد الأوروبي من قمة EU-CELAC في كولومبيا، بينما حذرت التقارير كذلك من تأثير هذه العمليات على السياحة وصيد الأسماك في جزر الكاريبي المجاورة.
ويبدو أن أمريكا اللاتينية ما تزال عاجزة عن تشكيل موقف موحد أو الدفاع عن قواعد القانون الدولي، وفقًا لتوكاتليان، وهذا يعكس انهيار النظام القائم على القواعد، حيث أصبح استخدام القوة بلا قيود، والأزمة الفنزويلية مجرد مؤشر آخر على عالم تتراجع فيه الأعراف والضوابط الدولية تدريجيا.