logo
العالم

أمن الطاقة.. حرب إيران وإسرائيل تُشعل مخاوف أفريقيا

أمن الطاقة.. حرب إيران وإسرائيل تُشعل مخاوف أفريقيا
ميناء للنفط في نيجيرياالمصدر: بلومبيرغ
24 يونيو 2025، 7:32 م

في اليوم الأول من الهدنة بين  إيران وإسرائيل، لم تهدأ الاتهامات المتبادلة بين الطرفين حول خرق الاتفاق، لكن ارتدادات هذا الصراع تجاوزت حدود الشرق الأوسط، لتصل إلى قلب القارة الأفريقية التي بدأت تتلمس بقلق تداعيات أمنية واقتصادية محتملة، خاصة بعد أن وضعت طهران المصالح الأمريكية في مرمى استهدافها.

القارة التي بدت جغرافياً بعيدة عن أتون هذه الحرب، تجد نفسها اليوم أمام واقع يفرض عليها حسابات دقيقة بين تحالفاتها الاستراتيجية والتزاماتها تجاه القانون الدولي، وبين ضرورات حماية مصالحها الاقتصادية الداخلية، لا سيما في الدول النفطية التي تعيش تحديات طاقية مزمنة.

في أبوجا، أصدرت الدبلوماسية النيجيرية بياناً يعكس هذا الحذر، دعت فيه جميع الأطراف إلى ضبط النفس والعودة للمفاوضات، مؤكدة أن أمن الخليج العربي يرتبط مباشرة بأمن الطاقة في نيجيريا. 

وكتبت صحيفة "بانش نيجيريا" أن البلاد التي تكافح لتأمين احتياجاتها الطاقية، لا تحتمل بأي حال تمويل حرب عالمية وغير قادرة على تجاهل انعكاساتها الاقتصادية.

ومن جانبها، أطلقت المحللة السياسية المتخصصة بالشأن الأفريقي، ميساء نواف عبد الخالق، تحذيراتها من استمرار التصعيد رغم الجهود الدبلوماسية الجارية، وأكدت في حديثها لـ"إرم نيوز" أن إغلاق مضيق  هرمز - في حال تنفيذه - سيكون كارثة عالمية تطال الجميع بلا استثناء. 

أخبار ذات علاقة

أحد قادة إيران الذين قتلتهم إسرائيل خلال التصعيد الأخير

على وقع الحرب العنيفة.. النفوذ الإيراني في أفريقيا "على المحك"

 وقالت: "إذا أقدمت إيران على تنفيذ هذا التهديد، فإن سلاسل التوريد ستتضرر بشكل بالغ، وأسعار الطاقة سترتفع بصورة صادمة، وهو أمر ستدفع ثمنه أفريقيا كما بقية العالم."

يقع مضيق هرمز بين عُمان وإيران ويمثل الشريان الرئيسي لصادرات النفط العالمية. فبحسب بيانات شركة "فورتيكسا" المتخصصة، يمر عبره يومياً ما يقارب 20 مليون برميل من النفط الخام والمكثفات.

وأضافت عبد الخالق أن القلق الأمني يمتد إلى القواعد الأمريكية في القارة، خاصة في جيبوتي، مشيرة إلى أن استمرار هذا الصراع قد يعرض تلك القواعد، والسفارات الأمريكية، لخطر الاستهداف، كما حدث مع القواعد الأمريكية في قطر التي تعرضت مؤخراً لهجمات إيرانية.

وفي شرق أفريقيا، سلط خبير اقتصادي كيني الضوء على البُعد الاقتصادي للأزمة، محذراً عبر صحيفة "ديلي نيشن" من أن الحرب ليست مجرد معركة في الشرق الأوسط، بل صدمة اقتصادية ستضرب الاقتصادات الأفريقية بقوة، مع تضاؤل القدرة على تمويل الاحتياجات الاجتماعية نتيجة ارتفاع أسعار النفط.

وفي هذا السياق، دعا رئيس البنك الأفريقي للتنمية، أكينوومي أديسينا، إلى الحذر من استمرار التصعيد، مشدداً خلال كلمة له في أبيدجان على أن ذلك قد يعرقل جهود تعافي القارة بأكملها.

أخبار ذات علاقة

مجموعة فاغنر يحمون الرئيس فوستين أركانغ تواديرا

رغم ضغوط الكرملين.. أفريقيا الوسطى تتمسك ببقاء فاغنر

 أما الاتحاد الأفريقي، الذي يلتزم عادة مواقف حذرة ومتأخرة، فقد بدأ صمته يتآكل تدريجياً. ورغم أن الدبلوماسي الجيبوتي محمود علي يوسف الذي تولى رئاسة المفوضية في مارس 2025 دعا السبت إلى "التهدئة العاجلة"، إلا أن القارة لم تشهد حتى اللحظة أي قمة استثنائية لمناقشة تداعيات الأزمة. واعتبر محللون هذا الصمت علامة ضعف، حيث كتب إدريسا باري في صحيفة "واكات سيرا" البوركينابية أن الاتحاد الأفريقي يتصرف كـ"اتحاد لرؤساء منقسمين، لا يستطيع التحدث بصوت واحد أمام اهتزاز العالم."

وفي منطقة الساحل، تتداخل القراءة الأمنية والسيادية للأزمة. ففي نيامي، نقلت صحيفة "لو كورييه دو ساحل" تصريحات لمستشار الجنرال تياني، الذي ندد بما وصفه بـ"تصعيد إمبريالي له عواقب عالمية." أما في باماكو، فقد حذرت صحيفة "الساحل" المقربة من الحكومة من "صدمة طاقية وشيكة" تهدد الاقتصاد المتأزم أصلاً بسبب العقوبات الإقليمية.

وعلى الرغم من غياب مواقف رسمية في بعض دول الساحل، إلا أن مصادر دبلوماسية أكدت أن وزارات الخارجية تعمل على صياغة بيانات مشتركة مع دول الجوار للتعامل مع الموقف.

وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد  ترامب عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل بهدف إنهاء "حرب الاثني عشر يوماً"، ما بعث ببعض الأمل في إمكانية احتواء الأزمة.

ويرى مراقبون أن هذه المواجهة كشفت عن تصدعات أعمق في النظام الدولي، حيث تسعى الدول الأفريقية لتعزيز علاقاتها مع موسكو وبكين وطهران، في محاولة منها لفك الارتباط مع التحالفات التقليدية التي طالما انحازت لطرف دون آخر.

هذه الحرب التي تبدو للوهلة الأولى بعيدة عن أفريقيا، قد تكون في الواقع أقرب مما نظن، ليس فقط على مستوى أمن الطاقة، بل في عمق التوازنات السياسية التي تعيد رسم خارطة التحالفات العالمية.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC