ذكر خبيران مجموعة من الأسباب وراء نبرة تفاؤل طهران حول الوصول إلى اتفاق مستدام مع الولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي، الذي بات في "متناول اليد"، على حد تعبير وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي.
وبيّنوا، لـ"إرم نيوز"، أن من أبرز الأسباب هو تقارب المحادثات من عدم المساس بالبنية التحتية للبرنامج النووي الإيراني في اتفاق مبرم يعتبر مكسبا لطهران، إضافة إلى بُعد البرنامج العسكري الصاروخي عن الاتفاق.
واعتبروا أن تأجيل الجولة الرابعة يُبين رغبة واشنطن في بحث طلبات إيرانية من بينها رفع قدر كبير من العقوبات وفك أموالها المجمدة بالخارج مقابل مدة اتفاق طويلة تصل إلى 25 سنة، كما تريد الولايات المتحدة.
وقال الخبير في الشأن الإيراني أصلان الحوري، إن طهران تتماشى مع أن تكون المنشآت والبنية التحتية للبرنامج النووي، بحسب ما يدور بجولات المباحثات حتى الآن مستخدمة لأغراض سلمية، سعيًا للحفاظ على حجر الأساس لمشروعها النووي لتجاوز هذه المرحلة.
وبيّن أن طهران تسعى لذلك؛ لأن ما أسسته من بنية تحتية وقاعدة من العلماء والأبحاث والمراكز المختصة، رصيد عمل يزيد عن 40 عاما وأنفق فيه عشرات المليارات من الدولارات؛ لذلك فإن عدم المساس بالبنية التحتية في اتفاق مبرم يُعتبر مكسبا، وهي نقطة تفاؤل قريبة من جوانب كانت لصالحها في اتفاق 2015.
وأفاد الحوري، لـ"إرم نيوز"، بأن وجود هذه البنية التحتية يجعلها على بعد خطوات من العودة إلى برنامجها العسكري في حال عدم التزام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بما سيقدمه من حوافز أو اتخاذ أي إجراء ضد إيران بعد تنفيذ الاتفاق أو إعادة تنشيطها للبرنامج بعد مرور مرحلة ترامب بالتزامن مع استهدافها التخلص من آثار الحصار الاقتصادي الحالي.
وأضاف أن هذه المعطيات يدركها جيدا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ ولذلك يكون العمل على تدمير البرنامج وبنيته التحتية، وهو ما يختلف فيه ترامب نهائيا الذي لا يريد أن يكون هناك نموذج جديد من كوريا شمالية جديدة، وأن تخرج إيران إلى دائرة احتواء الصين.
ورأى الحوري أن الخلافات الدائرة حول مدة الاتفاق والتباحث على أن يكون مدته 25 عامًا، وهو ما تتفاوض عليه طهران مقابل ما يتعلق بالعقوبات ورفع قدر كبير منها وفك الأموال المجمدة له علاقة بنبرة تفاؤل طهران، ولذلك كان تأجيل الجولة الرابعة لبحث الأمر من جانب الولايات المتحدة، وهو ما يعني أن واشنطن تنظر بجدية للتفاعل على نقاط فاصلة للوصول إلى اتفاق.
وذكر أن من النقاط التي قد ترتب عليها نبرة التفاؤل الإيراني بحث أن يكون البرنامج العسكري الصاروخي بعيدا عن هذا الاتفاق، وأن يدخل في مباحثات أخرى، حيث تستفيد طهران من ذلك بتعدد المكاسب من التفاوض مع واشنطن وعدم التعامل معها بحزمة واحدة، فضلا عن ميزة زيادة هامش المدى الزمني للحفاظ على برنامجها وإمكانية إدخال وسطاء في هذا الصدد مما يخدمها.
وبدوره، قال أستاذ العلاقات الدولية، الدكتور عمرو حسين، إن سماح الجانب الأمريكي النقاش في تفاصيل تتعلق بإصدارات أجهزة الطرد المركزي التي تستخدمها إيران، وبحث إبقاء كميات من اليورانيوم غير المخصب لديها، وأن تكون روسيا مكان تخزين الكميات المتبقية من هذا النوع من اليورانيوم والكميات المخصبة التي يصل وزنها إلى ربع طن لدى موسكو بدلا من أن تشتريها الولايات المتحدة، تعتبر نقاطا إيجابية لطهران.
وبيّن، لـ"إرم نيوز"، أن التفاؤل الإيراني بالقول إن الوصول إلى اتفاق مستدام بات في المتناول، يُعد رسالة واضحة من الإصلاحيين الذين يقودون المفاوضات إلى ترامب بأنهم مستمرون في هذا التوجه ويتطلعون أن يكون هناك تفاهم أكبر للتعامل مع ضغوط الداخل من "المحافظين" بعد ما جرى مؤخرا في بندر عباس، وفي الوقت نفسه العقوبات التي فرضت على بعض الكيانات.
ولفت حسين إلى أنه من ضمن أسباب التفاؤل ما وقفت عليه طهران من وجود خلاف بين الغرب وأمريكا من جهة ودول الترويكا والوكالة الدولية للطاقة الذرية من جهة أخرى حول الإشراف والرقابة في الداخل على المنشآت النووية، ولا سيما أن هناك عنصرا أساسيا مهما فعلته واشنطن يجب أن يكون حاضرا في أي اتفاق أو إجراء ما بعد ذلك وهي الوكالة الدولية، وهو ما تستغله طهران جيدا وتراهن على هذا الخلاف وتجده في صالحها لاتفاق يكون ملائما لها بدرجة مناسبة.
ورجح أن الأمر لا يتعلق بتفاؤل فقط مما يجري في المباحثات بقدر أن إظهار هذا التفاؤل يعتبر ممارسة نوع من الاستفزاز لإسرائيل بالقول إنه مهما كانت الضغوط وما تعمل عليه الأخيرة من ذهاب ترامب لضربة عسكرية، فهناك مضي لاستكمال المباحثات والوصول إلى اتفاق.
وأشار حسين إلى أن رسالة التفاؤل تحمل استهدافا من طهران لتخبط الموقف بين تل أبيب وواشنطن، مع التأكيد لترامب بأنها حتى الآن تتمسك بالوصول إلى اتفاق على الرغم من تشديد وفرض عقوبات جديدة بشأن شركات إيرانية محسوبة على الحرس الثوري تعمل في المواد الكيمائية منها في الصين.