logo
العالم

لماذا نأت واشنطن بنفسها عن الهجمات الإسرائيلية ضد إيران؟

لماذا نأت واشنطن بنفسها عن الهجمات الإسرائيلية ضد إيران؟
دونالد ترامب وبنيامن نتنياهوالمصدر: رويترز
15 يونيو 2025، 3:30 م

حدد خبراء استراتيجيون ومختصون في العلاقات الدولية مجموعة من الأسباب التي جعلت الولايات المتحدة تنأى بنفسها عن المشاركة المباشرة في الضربات التي وجّهتها إسرائيل إلى إيران ضمن عملية "الأسد الصاعد".

وأوضحوا في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن في صدارة هذه الأسباب، أن الدخول الأمريكي في هذه الحرب قد يقابله تدخل من جانب الصين وروسيا، لاعتبارات سياسية وأمنية واستراتيجية تربط طهران ببكين وموسكو.

أخبار ذات علاقة

35 مفقودًا تحت الأنقاض.. لماذا تركز إيران ضرباتها على مدينة "بات يام"؟

35 مفقوداً.. لماذا تركز إيران ضرباتها على "بات يام"؟ (فيديو إرم)

وأكدوا أن من بين أهم هذه الأسباب أيضًا أن الولايات المتحدة تريد أن يبقى الباب مفتوحا، في حال نجحت الضغوط التي تمارسها إسرائيل في دفع طهران إلى استئناف المفاوضات النووية وتحقيق الاتفاق الذي يرغب فيه دونالد ترامب.

واتهمت إيران الولايات المتحدة بـ"التواطؤ" في الهجمات الإسرائيلية، فيما نفت واشنطن هذه الاتهامات، مؤكدة خلال جلسة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أن من الحكمة لطهران أن تتفاوض بشأن برنامجها النووي.

وحملت صحيفة "واشنطن بوست" إدارة الرئيس دونالد ترامب مسؤولية اندلاع صراع غير محسوب بين إسرائيل وإيران، معتبرة أن أسلوب الإدارة "المتهور" في إدارة المفاوضات، وإسناد الملف إلى شخص "غير كفء" مثل ستيف ويتكوف، ساهما في هذا التدهور العسكري.

وتتجلى المساندة الأمريكية لإسرائيل في عدة مظاهر، أبرزها تحريك الأسطول السادس للبحرية الأمريكية مدمرة من طراز "آرلي بيرك" إلى نواحي إسرائيل، لتصبح بالقرب من مدمرتين أخريين موجودتين بالفعل في شرق البحر الأبيض المتوسط، هما "يو إس إس سوليفان" و"يو إس إس آرلي بيرك"، اللتان تمتلكان قدرات عالية في اعتراض الصواريخ الباليستية.

كما تتواجد حاملة الطائرات العملاقة "يو إس إس كارل فينسون"، من فئة نيميتز، حاليا في بحر العرب قبالة الساحل الجنوبي لإيران، وعلى متنها سرب من طائرات إف/إيه-18 وإف-35، إلى جانب ثلاث مدمرات وطراد مرافق.

وأقر مسؤول أمريكي بوجود مدمرتين إضافيتين هما "يو إس إس تروكستون" و"يو إس إس فورست شيرمان" في البحر الأحمر، بينما يتمركز ما لا يقل عن 30 ألف جندي أمريكي في الشرق الأوسط، ضمن مدى ترسانة الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة الإيرانية، التي يُعتقد أنها الأكبر في المنطقة بعد ترسانة إسرائيل.

ويؤكد أستاذ العلاقات الدولية الدكتور خالد شيات، أن هناك ترابطا كبيرا بين الضربات الإسرائيلية تجاه إيران والدور الأمريكي؛ إذ تعتبر واشنطن الداعم الرئيس لتل أبيب، مشيرا إلى أن هناك موافقة ودعما غير محدود من قبلها.

ويرى شيات، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن الولايات المتحدة حاضرة بأشكال متعددة في هذه الهجمات، خاصة في ما يتعلق بردع إيران والمشاركة في إسقاط عدد من الصواريخ والمسيّرات الإيرانية التي استهدفت إسرائيل، إلى جانب الدعم السياسي والمواقف المعلنة، ولا سيما من إدارة ترامب.

وأضاف أن الولايات المتحدة لا ترغب بالدخول في مواجهة مباشرة مع إيران، إلا في حالة الضرورة القصوى، أي لحماية وجود إسرائيل من الزوال، لكن مشاركتها تبقى غير مباشرة لتبقي الباب مفتوحا أمام استئناف المفاوضات النووية إذا نجحت الضغوط الحالية.

وتابع شيات أن القواعد العسكرية الأمريكية قريبة من إيران، ويمكنها تنفيذ ضربات، لكن ذلك سيعد بمثابة دعوة مفتوحة لحرب شاملة، وهو ما تسعى طهران لتجنبه.

وأشار إلى أن واشنطن اختارت عدم التورط بشكل مباشر ورسمي، لكنها في الوقت ذاته تواصل تقديم كل أشكال الدعم السياسي والعسكري غير المباشر لحليفتها إسرائيل.

هجوم إيراني على تل أبيب

بدوره، يقول الخبير الاستراتيجي راغب رمالي، إن واشنطن نأت بنفسها ظاهريا فقط، فهي متورطة ضمنيا في العملية الإسرائيلية ضد إيران، وهذا الابتعاد الظاهري سببه عدة اعتبارات، أبرزها أن دخولها في المواجهة قد يستجلب تدخلًا من الصين وروسيا.

وأوضح رمالي لـ"إرم نيوز" أن من بين الأسباب البارزة لامتناع الولايات المتحدة عن المشاركة المباشرة، رغبتها في إبقاء المفاوضات النووية قائمة في حال نجحت الضغوط على إيران، من أجل التوصل إلى الاتفاق الذي يسعى إليه ترامب.

وبيّن أن طهران وضعت نفسها في فخ الرهان على دور أمريكي لكبح جماح إسرائيل، وظنّت أن واشنطن ستمنع الأخيرة من القيام بأي عمل عسكري ضدها، إلا أن عملية "الأسد الصاعد" جاءت بعكس توقعاتها، إذ استهدفت القيادة العسكرية الإيرانية ومنشآت نووية واغتالت قادة في الحرس الثوري وعلماء نوويين، ولم تضع إيران في حسبانها احتمال وجود ضوء أخضر أمريكي لهذه الضربات، رغم ارتباطها بمسار المفاوضات النووية.

وأشار رمالي إلى أن طهران عوّلت بشكل مفرط على المفاوضات، واعتبرتها حصانة ضد أي هجوم عسكري، وهو تقييم غير واقعي ويعكس قصر نظر في المؤسسات الإيرانية، خصوصا في ظل الوجود العسكري الأمريكي الكثيف في المنطقة، والتزويد المتواصل لإسرائيل بأحدث المعدات العسكرية.

وتابع أن حجم ونوعية الأسلحة التي قدمتها واشنطن لتل أبيب، من قنابل وآليات جوية وأنظمة دفاعية، يفوق كثيرا ما تحتاجه إسرائيل في نزاعها مع غزة؛ ما يشير بوضوح إلى أن الهدف الرئيس هو إيران.

وختم رمالي بالقول إن الولايات المتحدة لم تخدع إيران عبر تعزيز وجودها العسكري في المنطقة، بل إن طهران هي التي خدعت نفسها، خاصة أن ترامب صرّح صراحة بأن الفشل في التوصل إلى اتفاق نووي قد يؤدي إلى استخدام الحل العسكري، ومن ثم فإن الاستراتيجية الإيرانية بنيت على افتراضات خاطئة.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC