ليس سفينة تقليدية، بل هو قارب غير مأهول، بات يحمل خصائص حربية وصواريخ وأسلحة، ومحور ثورة في الحرب البحرية الجديدة، حيث يفتح جبهات قاتلة جديدة.
وتحوّل القوارب غير المأهولة الحرب البحرية إلى "حرب كمبيوتر محمول"، ومع نمو السوق وتصاعد المنافسة بين روسيا، والصين، وحلف شمال الأطلسي، قد تشهد المحيطات صراعًا روبوتيًا يعيد رسم الخرائط الاستراتيجية، شريطة تجاوز التحديات التقنية.
ومنذ عام 2010، تطورت هذه التجارب، لكن الحرب في أوكرانيا أعادت تشكيلها بشكل جذري، مع مشاركة قوات حلف شمال الأطلسي، وشركات دفاعية في مناورات تغطي 10 آلاف ميل مربع من المحيط.
وبدأت "الثورة الحقيقية" لهذه القوارب، وفق تقرير لصحيفة "التلغراف" البريطانية في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، عندما شنّت أوكرانيا غارة انتحارية بقوارب مسيرة على أسطول البحر الأسود الروسي في سيفاستوبول.
رغم عدم "النجاح الكامل" إلا أنها كانت نقطة تحول، فبعد ثلاث سنوات، سيطرت القوارب الأوكرانية مثل "ماغورا" على البحر الأسود، بفضل سرعتها الفائقة التي تصل إلى 45 عقدة، مع صعوبة رصدها، وتسليحها برشاشات، وصواريخ مضادة للطائرات، وصواريخ مضادة للسفن.
ويعمل بعضها كحاملات طائرات مصغرة، تنشر طائرات رباعية المراوح، وهذا ما أجبر الأسطول الروسي على الانسحاب من سيفاستوبول وحصار سفنه في نوفوروسيسك.
ولا تقتصر هذه الثورة على أوكرانيا، فقد ردت روسيا في أغسطس الماضي بهجوم بقارب غير مأهول على سفينة استطلاع أوكرانية عند مصب نهر الدانوب، أما الصين، المتطلعة إلى تايوان، فقد أبحرت بقارب "JARI-USV-A Orca" طوله 60 مترًا، أكبر قارب غير مأهول بني حتى الآن.
وفي سبتمبر الماضي، اصطاد صيادون فلبينيون غواصة صينية غير مأهولة طولها 12 قدمًا، تجري مسوحات محيطية، ردت تايوان بأربع غواصات تجريبية مستوحاة من "ماغورا" لاعتراض أي غزو صيني.
كذلك فإن الولايات المتحدة، مدركة التهديد في المحيط الهادئ، فاعتمدت نظيرًا لـ"ماغورا"، وبدأت نشر قوارب تضاهي الصينية حجمًا، وفي وقت سابق من هذا العام، أعلنت البحرية الأمريكية عن برنامج لدعم عمليات بحرية موزعة بمركبات عالية التحمل وقابلة لإعادة التكوين.
أما في أوروبا، تستخدم البحرية البريطانية غواصات غير مأهولة لرصد الألغام والغواصات، بينما يدرس ضباطها استخدامها في شمال الأطلسي ضد روسيا. ألمانيا والدول الإسكندنافية تنقل تجربة البحر الأسود إلى بحر البلطيق لحماية الأنابيب والكابلات.
كما أكدت تقارير أن السوق العالمية لهذه القوارب ستصل إلى 1.59 مليار دولار بحلول 2030، مدفوعة بتطورات الحرب البحرية.
وبينما يشير ستيف بريست، عميد بحري سابق، إلى صعوبة إصابة هذه القوارب بسبب انخفاضها في الماء وسرعتها، ما يتطلب إطلاق طلقات أكثر، إلا أن التحديات تكمن في الاتصالات والذكاء الاصطناعي، إذ تعتمد معظم هذه القوارب على "ستارلينك" لسرعة البيانات، ولذلك فالتشويش الإلكتروني يهددها.
يقول فيل لوكوود من "ستارلينك": "إذا لم يكن لدينا اتصالات، فماذا يمكننا فعله لتعزيز الذكاء الاصطناعي؟"، الهدف هو تجمعات ذاتية دون تدخل بشري، لكننا بعيدون جدًا عن ذلك.
في 2024، أظهرت الحرب الروسية-الأوكرانية والحوثيون في البحر الأحمر فاعلية القوارب كمغيرات للعبة، محسنة الوعي الوضعي مع الطائرات المسيرة.