مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان
قال خبراء أوروبيون إن كوبنهاغن تخوض اليوم واحدة من أهم معاركها البحرية منذ عقود، إذ أعلنت الدنمارك عن خطة لتعزيز الرقابة على ناقلات النفط قبالة سواحلها الشمالية.
ووصف الخبراء خطوة الدنمارك بأنها ضربة مباشرة لـ"أسطول الأشباح الروسي" الذي تستخدمه موسكو للالتفاف على العقوبات الأوروبية وتصدير نفطها سرًا.
وقال الدكتور أوليفييه فيدرين، أستاذ العلوم السياسية الفرنسي والخبير في الشؤون الروسية والأمن الأوروبي، لـ"إرم نيوز"، إن إجراءات الدنمارك الجديدة تشكّل خطوة مهمة في سلسلة سياسات أوروبية تهدف إلى الحد من قدرة موسكو على استغلال ثغرات الشحن البحري لتجاوز العقوبات.
وأشار فيدرين إلى أن "أسطول الأشباح" يستخدم مزيجًا من تغيير الأعلام، وتسجيل الملكية في ملاذات ضريبية، وإيقاف أجهزة التتبع ليبقى بعيدًا عن المراقبة، مما يجعل مهمة دول مثل الدنمارك تحديًا معقّدًا لكنه ضروري.
ورأى فيدرين أن الدنمارك، بفضل موقعها الاستراتيجي عند نقطة التقاء بحر البلطيق وبحر الشمال، تمتلك فرصة كبيرة لتطبيق رقابة فعّالة، لكن المطلوب تعاون أوروبي أوسع لتبادل المعلومات البحرية، والمرافقة البحرية لدوريات دولية، وتشديد العقوبات على السفن التي يُكتشف أنها جزء من الأسطول الخفي.
بدوره، قال الدكتور بافل ك.بائف، الباحث في مركز روسيا/أوراسيا بمعهد العلاقات الدولية الفرنسي والمتخصص في قضايا الجيوسياسة الروسية واستراتيجيات الحرب الهجينة، لـ"إرم نيوز" إن الأسطول الروسي الخفي لم يعد مجرد ظاهرة لوجستية تهرب من العقوبات، بل أصبح عنصرًا من عناصر الحرب الهجينة؛ يستخدم لتصدير النفط، وتوسيع النفوذ البحري، وربما للقيام بأنشطة أمنية مثل التجسس أو حتى إطلاق مسيرات من مواقع بحرية بعيدة.
ويرى بائف أن مدى نجاح الدنمارك في مكافحة هذه الظاهرة يعتمد على عدة عوامل: أولها التشريعات الوطنية المتعلقة بمراقبة السفن، والقدرات التقنية (رصد وتتبع السفن، أنظمة تتبع متطوّرة، استخدام الأقمار الصناعية)، والتعاون مع دول الجوار ومع الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات مشتركة على السفن التي تنتهك القوانين.
وتابع: "حتى مع تفعيل القوانين، قد تواجه الدول صعوبات في تنفيذ السيطرة الفعلية إذا كانت السفن تتحرك في مياه مفتوحة أو تحت أعلام لا تتحمّل الدول المضيفة مسؤوليتها".
وأشار إلى أن تأييدًا عامًا من الحكومات الأوروبية، وتقديم موارد مالية وتقنية لدوريات المراقبة البحرية، وتشريعات صارمة وعقوبات فاعلة، كلها عوامل يجب إدارتها بحسم إذا أرادت الدنمارك تحقيق تأثير ملموس.
ولفت إلى أن هذه الخطوة تعيد خلط أوراق الحرب الاقتصادية بين روسيا وأوروبا، وتكشف حجم التحدي الذي يواجهه الاتحاد الأوروبي في حماية أمنه الطاقي والبيئي في آنٍ واحد.
وأعلنت الدنمارك، الاثنين، عن تعزيز إجراءات المراقبة البيئية على ناقلات النفط الراسية قبالة سواحل مدينة سكاين شمال البلاد، عند نقطة التقاء بحر الشمال وبحر البلطيق، في إطار جهودها المتصاعدة لمواجهة ما يُعرف بـ"أسطول الأشباح الروسي"، جاء ذلك في بيان صادر عن وزارة البيئة الدنماركية.
وقال وزير البيئة ماغنوس هوينيكه، في البيان: "نعزّز الآن الرقابة على القواعد البيئية الأساسية حتى نتمكّن من التصرف بشكل أكثر فاعلية واتساقًا تجاه ناقلات النفط وأسطول الأشباح الروسي".
وتعبر أكثر من 60 ألف سفينة مضيق سكاين سنويًا، من بينها عشرات السفن القديمة والمتهالكة التي يُشتبه في انتمائها إلى الأسطول الروسي السري.
ويتألف هذا الأسطول من مئات السفن التي يُشتبه في أنها تُسهم في تمكين موسكو من تصدير نفطها، وهو المصدر الرئيس لعائداتها. وتعمل هذه السفن بطرق معقّدة وغامضة، مثل تبديل الأعلام بشكل متكرر، وتسجيل الملكية في ملاذات ضريبية، وإطفاء أجهزة التتبع (الترانسبوندر)، ما يصعّب رصدها أو ربطها مباشرةً بروسيا.
ولم تستبعد الشرطة الدنماركية فرضية أن الطائرات المسيرة التي حلّقت نهاية سبتمبر/أيلول، فوق مطارات ومنشآت عسكرية دانماركية، قد انطلقت من إحدى هذه السفن المشبوهة.
وتخضع نحو 444 من هذه السفن لعقوبات أوروبية مباشرة، من بينها ناقلة نفط احتُجزت مؤقتًا 5 أيام من قبل السلطات الفرنسية قبل أن يُسمح لها بمواصلة رحلتها إلى الهند مساء الخميس الماضي.