logo
العالم

"من السر إلى العلن".. موسكو وبيونغ يانغ تكشفان أوراقهما على جبهة أوكرانيا

علما روسيا وكوريا الشماليةالمصدر: (أ ف ب)

شكّلت التصريحات المتبادلة بين وزيرَي الدفاع في روسيا وكوريا الشمالية، تحولاً لافتاً يعكس انتقال العلاقة بين البلدين من مرحلة التنسيق الخفي إلى التحالف المعلن.

وقال وزير دفاع كوريا الشمالية، إن "شراكتنا مع روسيا شاملة وهادفة"، بينما شدد نظيره الروسي على أن "مشاركة كوريا الديمقراطية في تحرير كورسك تؤكد التحالف بين موسكو وبيونغ يانغ".

أخبار ذات علاقة

لقاء كيم وترامب عام 2019

مسؤول أمريكي: ترامب منفتح على الحوار مع زعيم كوريا الشمالية

ووُصفت التصريحات في الأوساط السياسية بأنها الأكثر وضوحًا منذ اندلاع الحرب الأوكرانية، وتظهر أن التعاون بين البلدين لم يعد مقتصرًا على الدعم اللوجستي أو الصفقات العسكرية المحدودة، بل انتقل إلى مستوى المشاركة الفعلية في العمليات الميدانية داخل الأراضي الروسية.

ويأتي هذا التطور في توقيت بالغ الحساسية بالنسبة لموسكو، التي تواجه ضغوطًا متزايدة على جبهات القتال، وفي الوقت نفسه تتصاعد مؤشرات الإرهاق العسكري والاقتصادي بعد أكثر من عامين من الحرب.

ويشير مراقبون إلى أن هذا التحالف الجديد يحمل دلالات تتجاوز البُعد العسكري، إذ تسعى روسيا إلى تأكيد أنها ليست معزولة في مواجهة الغرب، في حين ترى كوريا الشمالية في هذه الشراكة فرصة لكسر الطوق الدولي المفروض عليها، وتعزيز مكانتها كطرف مؤثر في النظام العالمي المتشكّل.

"تطور خطير"

وقال الأكاديمي والدبلوماسي المتخصص في شؤون أوروبا الشرقية الدكتور ياسين رواشدي، إن مشاركة كوريا الشمالية بشكل أكثر فاعلية إلى جانب روسيا في الحرب الأوكرانية تمثل "تطورًا خطيرًا ينقل الصراع من كونه حربًا أوروبية إلى مستوى دولي أوسع".

وأشار رواشدي في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إلى أن "هذا الانخراط يعكس من جهة تراجع القدرات الروسية على صد الهجمات الأوكرانية المدعومة من الناتو، ومن جهة أخرى يؤكد أن الحرب لم تعد محصورة بين موسكو وكييف، بل تتجه لتصبح مواجهة بين حليفين متقابلين".

وأضاف أن "دخول بيونغ يانغ على خط القتال سيدفع واشنطن والدول الغربية إلى زيادة الدعم العسكري لأوكرانيا"، معتبرًا أن موسكو قد تكون لجأت إلى هذا الخيار لإيصال رسالة إلى الغرب بأنها قادرة على استدعاء حلفاء من خارج الدائرة الأوروبية إذا اقتضت الحاجة.

وأوضح رواشدي، أن "ابتعاد الصين النسبي عن هذا المسار يعكس رغبتها في عدم قطع خطوط التواصل مع أوروبا، بالنظر إلى أهمية العلاقات الاقتصادية بين الجانبين".

وقال إن "بكين تتعامل بحذر، فهي لا تريد التورط عسكريًا كما تفعل بيونغ يانغ حفاظًا على مصالحها مع الغرب"، مشيرًا إلى أن "هذا الموقف الصيني المتوازن يضعف الادعاءات الروسية بوجود محور موحد، ففي الوقت الذي تقدم فيه كوريا الشمالية رجالًا وسلاحًا، تظل الصين عند حدود الدعم السياسي والاقتصادي".

وأكد رواشدي، أن "طلب موسكو المساعدة من بيونغ يانغ يكشف عمق المأزق العسكري الروسي في الجبهة الأوكرانية، وأن انخراط كوريا الشمالية، رغم طابعه الرمزي، يسحب من روسيا جزءًا من مصداقيتها حين تصف حربها بأنها دفاعية ووطنية".

وقال إن "دخول بيونغ يانغ بهذا الشكل يوسع أفق الحرب ومدى اشتعالها، ويرجح أن يطيل أمدها، ويحولها تدريجيًا إلى حرب عالمية صغيرة مرشحة للتفاقم إذا لم تتدخل القوى الكبرى للحد من التصعيد".

علاقة قائمة

من جانبه، قال المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية الدكتور نبيل رشوان، إن "التقارب بين موسكو وبيونغ يانغ لم يعد سرًا"، مشيرًا إلى أن مشاركة قوات كورية شمالية في تحرير مقاطعة كورسك وتكريم عدد من ضباطها جعلا التحالف بين البلدين أمرًا معلنًا وفعليًا.

وأضاف رشوان لـ"إرم نيوز"، أن "التعاون العسكري بات مؤطرًا باتفاقية شراكة استراتيجية تتضمن بنودًا للدفاع المشترك، وهو ما يعكس تطورًا نوعيًا في مستوى العلاقة".

وأوضح أن "كوريا الشمالية تعتمد بشكل كبير على موسكو وبكين بسبب العقوبات المفروضة عليها، لكن اللافت أن الصين بدأت تُبدي تحفظًا من حجم التعاون العسكري بين الطرفين، خاصة بعد تداول أنباء عن نية بيونغ يانغ إرسال نحو 10 آلاف جندي وضابط إلى الجبهة الروسية، إلى جانب مدفعية وذخائر وصواريخ استخدمت بالفعل ضد أوكرانيا".

أخبار ذات علاقة

مسيرة أمريكية من طراز "إم كيو 9 إيه ريبر"

مُسيّرات أمريكية في سول.. كيف يغيّر نشر "MQ-9A" قواعد الردع ضد كوريا الشمالية؟

وأشار رشوان، إلى أن "المسألة لم تعد انتقالًا من الظل إلى العلن، بل هي علاقة قائمة منذ فترة، حيث تقدم روسيا بالمقابل الطاقة والمواد الغذائية إلى كوريا الشمالية"، محذرًا من أن هذا التحالف قد يسبب توترًا في العلاقات مع الصين إذا تجاوز الخطوط الحمراء التي تضعها بكين في إطار توازنها مع الغرب.

وأضاف أن "الأسلحة الكورية الشمالية ليست متطورة تقنيًا، لكنها تؤدي الغرض في المعارك البرية، وأن الميزة الأساسية تكمن في الحماس العقائدي للمقاتلين الكوريين الشماليين الذين تم إرسالهم بتوجيه مباشر من زعيمهم كيم جونغ أون".

وأكد الخبير في الشؤون الروسية، أن هذا الدعم يأتي أيضًا "ردًا لجميل تاريخي"، إذ دعمت موسكو الجد الأكبر لزعيم كوريا الشمالية خلال الحرب الكورية في خمسينيات القرن الماضي.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC