logo
العالم

جولة ترامب الآسيوية.. مزيج من الدبلوماسية والاستعراض والصفقات

ترامب وشيالمصدر: رويترز

تحولت الجولة الآسيوية التي استمرت خمسة أيام للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى مزيج من السياسة والاستعراض الشخصي؛ إذ جمع بين أدوار رجل الدولة ورجل العرض والبائع المتجول، تبعا لطبيعة جمهوره في كل محطة من محطات الرحلة.

ففي كوريا الجنوبية، استُقبل ترامب بمظاهر احتفاء لافتة، شملت عروض الطبول واستعراضات بالسيوف، وتوج المشهد بمنحه نسخة طبق الأصل من تاج ذهبي قديم من قبل الرئيس الكوري الجنوبي لي جاي ميونج، بحسب "نيويورك تايمز".

ووصف ترامب المشهد قائلاً: "قيادة سيارة الليموزين الوحش، برفقة أولئك الأشخاص الأقوياء جدا المحمّلين بأسلحةٍ شديدة الوحشية، كان أمرا رائعا. لم نر شيئًا كهذا من قبل".

أخبار ذات علاقة

مقاتلة أمريكية من طراز "إف-35"

صواريخ ترامب تهبط في طوكيو.. سباق تسلّح جديد يشتعل في شرق آسيا

بعيدًا عن واشنطن، حيث تزداد الانتقادات لحكمه، حظي ترامب باستقبالٍ احتفالي في العواصم الآسيوية؛ ما وفر له فرصة للهروب من التوترات الداخلية وإعادة تقديم نفسه بصورة الزعيم القوي والمحبوب. 

وتحرص الدول المضيفة، بحسب مراقبين، على استثمار هذا الميل الشخصي لدى ترامب عبر بروتوكولات فخمة وهدايا رمزية تلامس غروره السياسي.

الصفقات قبل الشعارات

رغم الطابع الاحتفالي، لم تخلُ الجولة من أهداف اقتصادية واضحة. فقد روّج ترامب لسياسات تجارية تهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية، معلنا في خطاب بجيونججو أن إدارته "منفتحة على الأعمال ومستعدة لتجاوز البيروقراطية".

وعلى نهج رجل الأعمال، حرص ترامب على تحويل اللقاءات الدبلوماسية إلى فرص تفاوضية، معلنا عن تفاهمات جديدة مع اليابان وكوريا الجنوبية والصين، تتضمن تقليص الرسوم الجمركية وتسهيل دخول الشركات الأمريكية للأسواق الآسيوية. 

أخبار ذات علاقة

الرئيس الصيني شي جينبينغ والرئيس الأمريكي دونالد ترامب

ورقة تايوان.. السلاح الأمريكي "الصامت" في مفاوضات ترامب مع بكين

كما أعلن لاحقا عن اتفاق مع الصين لرفع القيود على المعادن النادرة، معتبرا أن "العائق قد زال تماما"، ومشيرا إلى أن هذه المواد الأساسية في الصناعات المتقدمة ستتدفق من جديد دون عوائق.

وبينما رأت بعض التحليلات أن هذه الاتفاقات امتداد لسياسة "الصفقات الكبرى" التي ميزت نهج ترامب منذ رئاسته الأولى، يرى آخرون أنها أقرب إلى محاولات لإظهار إنجازات خارجية في وقتٍ تعاني فيه إدارته من أزمات سياسية داخلية واحتقان حزبي متصاعد.

بين الشعبية الخارجية والتحديات الداخلية

لم تقتصر الجولة على الجانب الاقتصادي أو البروتوكولي فحسب، بل حملت أيضا رسائل سياسية؛ فقد حاول ترامب خلال اللقاءات الثنائية تأكيد مكانته كوسيط سلام محتمل، إلى درجة أن رئيس الوزراء الكمبودي أعلن ترشيحه له لجائزة نوبل للسلام خلال توقيع اتفاقية بين كمبوديا وتايلاند.

كما رافقه وفد رفيع من المسؤولين، من بينهم وزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الخزانة سكوت بيسنت، اللذان شاركا في محادثات حول التجارة والطاقة.

وأظهرت الصور المنشورة من الرحلة مزيجا من الألفة السياسية والدعاية الموجهة، بما في ذلك صور من منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ ومن أفق طوكيو التي شاركتها المتحدثة باسم البيت الأبيض عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

أخبار ذات علاقة

شي جينبينغ وترامب

بكين تحتفل بـ"نصر تجاري".. تنازلات ترامب تمنح الصين متنفسًا اقتصاديًا

لكن هذا الهدوء لم يدم طويلًا؛ فمع عودة الرئيس إلى واشنطن، كان بانتظاره مجددا الجمود الحزبي والإغلاق الحكومي. غير أن رمزية الجولة ظلت قائمة، من تاج ذهبي واحتفالات مهيبة، كدليل على أن ترامب، أينما ذهب، لا يتخلى عن المسرح الذي يجيد اعتلاءه، حتى في أحلك فترات رئاسته.

لم تكن جولة ترامب الآسيوية مجرد رحلة دبلوماسية، بل كانت أيضا فصلا جديدا من استعراض القوة والشخصية السياسية الممزوجة بالبراغماتية الاقتصادية. 

فبينما حاول استعادة صورة الزعيم العالمي القوي، كشفت الجولة أيضا عن تناقض جوهري بين سعيه للهيمنة الرمزية في الخارج، وتحدياته المتصاعدة في الداخل.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC