الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"

logo
العالم
خاص

جولة ترامب الآسيوية.. الصناعة سلاح أمريكا الجديد في معركة النفوذ ضد الصين وروسيا

رقصة ترامب خلال الترحيب به في مطار كوالالمبورالمصدر: أ ف ب

بين قمّتي آسيان وآبيك، وبين اجتماعات اقتصادية حذرة وتوترات جيوسياسية متصاعدة، يمضي دونالد ترامب  في جولة آسيوية محمّلة بالرسائل المركبة.

صحيح أنّ العنوان الظاهر هو خفض التوترات التجارية، لكن ما يتبلور في كواليس الأروقة الدبلوماسية يوحي بتحوّل بنيوي في أدوات النفوذ الأمريكي.

فواشنطن، التي لطالما اعتمدت على الردع العسكري والهيمنة الأمنية في شرق آسيا، باتت اليوم تراهن على سلاح جديد متمثل بتحالف صناعي تكنولوجي، لا يكون بديلاً عن القوة، ولكنه يأتي كامتداد لها، وكوسيلة لتقويض نفوذ الصين وروسيا في قلب السوق الآسيوية.

زيارة ترامب، التي تشمل ماليزيا واليابان وكوريا الجنوبية، لا تنفصل عن التهديد المتزايد بفرض رسوم جمركية إضافية على صادرات بكين، ولا عن مفاوضات مفتوحة مع كوريا الجنوبية بشأن خطوط إنتاج السفن والتقنيات المتقدمة.

ومع ترقّب اللقاء المحتمل مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في قمة آبيك، تتحوّل الجولة إلى ساحة ضغط ناعم يعيد ترتيب معادلة النفوذ في آسيا؛ من الردع إلى الصناعة، ومن الحليف العسكري إلى الشريك الإنتاجي.

أخبار ذات علاقة

لرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره الصيني شي جينبينغ

قمة كوريا الجنوبية.. ترامب يطارد "أشباح 6G " وأسرار الابتكار في لقاء الحسم مع شي

أدوات استراتيجية لواشنطن 

وكشف مسؤول في فريق السياسات الاقتصادية لمجلس الأمن القومي الأميركي، لـ"إرم نيوز" بأن الجولة الآسيوية الحالية للرئيس ترامب تمثّل محوراً تنفيذياً في إعادة صياغة تموضع الولايات المتحدة داخل سلاسل القيمة العالمية.

 وأوضح أن إدارة الرئيس ترامب "لم تعد تنظر إلى التحالفات في آسيا ضمن الإطار العسكري التقليدي فحسب، بل بوصفها شراكات إنتاجية وتكنولوجية قادرة على تثبيت النفوذ الأميركي بطريقة أكثر استدامة وفاعلية".

وأضاف أن "البيت الأبيض يسعى من خلال هذه الزيارة إلى بناء شبكة تصنيع متقدّم مع الحلفاء الآسيويين تضمن أمن الإمدادات الاستراتيجية وتقلّص الاعتماد على بكين، من دون الدخول في مواجهة اقتصادية مفتوحة".

وأردف قائلاً: "نحن لا نطلب اصطفافاً ضد الصين، بل نعمل على تنويع مصادر الإنتاج ضمن فضاء آمن ومتعاون يَحُول دون احتكار المواد الحيوية أو التكنولوجيا الدقيقة".

وأوضح أن "الشراكات الصناعية مع كوريا الجنوبية واليابان تُعدّ ركيزة في خطة إعادة التموضع الاقتصادي الدفاعي، وخصوصاً في مجالات أشباه الموصلات والمعادن الأرضية النادرة وبناء السفن"، مؤكداً أن "واشنطن تريد أن تكون جزءاً مركزياً من المعادلة الإنتاجية الآسيوية، وليس قوة متمركزة خارجها".

ولفت إلى أن جولة ترامب ليست مجرد محاولة لتخفيف التوترات التجارية، بل هي "جزء من إعادة هندسة النفوذ الأميركي بمنهج مزدوج يتمثل في الضغط على الخصم عبر الرسوم، وبناء بدائل اقتصادية مع الحلفاء".

كما بيّن أن الإدارة الأميركية "تتعامل مع الصناعات الاستراتيجية في آسيا كامتداد للأمن القومي الأميركي، خصوصاً في ظل التهديدات المتزايدة المتعلقة بقطع الإمدادات أو التحكم بالمكوّنات الحساسة من جانب قوى منافسة".

وأشار إلى أن بعض التفاهمات التي تُطرح اليوم "لا تتوقف عند التصنيع فقط، إنما تشمل أيضاً اشتباكاً أعمق على مستوى الملكية الفكرية، وضوابط التصدير، والتحكّم في وجهات التكنولوجيا النهائية، بما يتيح للولايات المتحدة الحفاظ على تفوقها التقني حتى وهي تنتج خارج حدودها".

 

أخبار ذات علاقة

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال توجهه إلى طوكيو

ترامب يتجه إلى طوكيو لإجراء محادثات تجارية وأمنية

وفي ما يتعلق بالعلاقات مع الصين، قال المصدر إن واشنطن "لن تدخل في اتفاقات ناقصة أو مؤقتة، ما لم تتضمّن التزامات واضحة من بكين في ملفات مثل المعادن النادرة، وسلاسل الإمداد، ومنع التدفق غير المشروع للمواد المستخدمة في تصنيع الفنتانيل".

وختم المصدر بالقول إن "الولايات المتحدة تدرك حساسية الموازنة التي يواجهها الحلفاء بين متطلبات أمنهم واقتصاداتهم، ولهذا يجري العمل على توفير بدائل تجارية وتكنولوجية ذات جدوى تتيح لهم الشراكة من موقع الندّ، لا من موقع التبعية".

آسيا تحت المجهر الأميركي

من جانبه، قال مصدر دبلوماسي كوري جنوبي لـ"إرم نيوز" إن بلاده ترحّب بتوسيع التعاون الصناعي مع الولايات المتحدة، لكنها حريصة على أن تكون هذه الشراكة قائمة على مبدأ المنفعة المتبادلة بشكل رئيس.

وأضاف أن سيول تنظر إلى هذه المشاريع باعتبارها فرصة لتطوير قدراتها الصناعية ونقل التكنولوجيا المتقدمة، لكنها لا ترغب بأن تُستغل كورقة ضغط في التنافس الأميركي–الصيني.

 وأشار إلى أن "كوريا الجنوبية تحتاج إلى توازن دقيق في علاقاتها مع واشنطن وبكين، لأن أي انحياز كامل سيترك أثراً مباشراً على اقتصادها وصناعاتها التصديرية".

وأوضح أن "النقاشات الجارية تشمل ضمانات واضحة بأن تكون المشاريع المشتركة قابلة للنمو المحلي، وأن تتضمّن نقل تقنيات حقيقية في مجالات السفن والرقائق والذكاء الاصطناعي"، مضيفاً أن "سيول ترى في ذلك مساراً لتعزيز أمنها الصناعي".

كما شدد المصدر الدبلوماسي على أن بلاده "لا تنظر إلى الشراكة مع واشنطن كمجرد التزام أمني، بل كخيار استراتيجي طويل الأمد، بشرط احترام حدود القرار السيادي وسياسات الانفتاح الاقتصادي المتعدد".

وتابع أن سيول تُفضّل أن تكون هذه المرحلة من التعاون الصناعي فرصة لإعادة هيكلة صناعاتها الثقيلة والرقمية. كذلك أكّد أن بلاده "لا تعارض أي تنسيق استراتيجي مع واشنطن، لكنها تحرص على أن يتمّ ذلك من خارج منطق الحرب الباردة، لأن الجغرافيا الآسيوية لا تحتمل استقطابات صفرية".

وختم قائلاً: "كوريا الجنوبية دولة شريكة بكامل إرادتها واستقلال قرارها، وتريد أن تُعرف كشريك إنتاجي واستراتيجي متقدّم".

 

أخبار ذات علاقة

دونالد ترامب

"غرائز ترامب التجارية تحكم".. آسيا تخشى "الصفقة الكبرى" بين أمريكا والصين


آسيا في قلب الاستراتيجية الأميركية


لم تعد الولايات المتحدة تراهن على وجودها العسكري المباشر كأداة نفوذ رئيسية في آسيا، وإنما على بناء شبكات إنتاج وتحالفات صناعية مشتركة مع الحلفاء، قادرة على نقل مركز الثقل الأميركي من الحرب إلى الاقتصاد. 


وليست هذه الجولة مجرّد محاولة لاحتواء أزمة تجارية، فهي تأتي كجزء من مقاربة أشمل تُعيد تعريف التحالفات الآسيوية ضمن منطق "الاعتماد الصناعي المتبادل".

فإدارة ترامب يبدو أنها تعمل على تحويل الحلفاء التقليديين، مثل اليابان وكوريا الجنوبية، إلى أطراف فاعلة في سلاسل إنتاج استراتيجية، تشمل مجالات حساسة كصناعة الرقائق، المعادن الأرضية النادرة، وبناء السفن الدفاعية.

في كوريا الجنوبية، يجري التفاوض على صفقة صناعية موسّعة تتضمن مشاركة شركات كورية في إحياء قطاع صناعة السفن الأميركي المتعثّر، ضمن خطة يُراد منها تقليل الاعتماد على الصين في تكنولوجيا النقل البحري والبنية التحتية الدفاعية.

 أما في اليابان، فقد أشارت مصادر خاصة إلى أن النقاش مع واشنطن يتجاوز المسائل الدفاعية ليصل إلى إنشاء مراكز بحث صناعي مشتركة في مجال الذكاء الاصطناعي والتصنيع الرقمي، في وقت تتجه فيه بكين إلى فرض هيمنة شاملة على هذه القطاعات في شرق آسيا.

الجانب الأكثر حساسية في الجولة يتمثّل في ترقّب اللقاء المنتظر بين ترامب وشي جين بينج في قمة آبيك، حيث تُطرح على الطاولة ملفات شديدة التعقيد؛ على رأسها الرسوم الجمركية، فول الصويا، الفنتانيل، وتايوان.

فالرئيس الأمريكي، وفق ما أُعلن رسمياً، عرض خفضاً تدريجياً للضرائب على الصادرات الصينية، لكنه اشترط بالمقابل سلسلة تنازلات صينية تشمل استئناف شراء المنتجات الزراعية الأميركية، وضبط تدفق المواد الكيميائية المستخدمة في تصنيع الفنتانيل، ورفع القيود على تصدير المعادن النادرة إلى السوق الأميركية.

إلا أن هذه "التنازلات الاقتصادية" تُغلف بنزاع جيوسياسي أعمق حول مستقبل تايوان، فبكين طلبت من البيت الأبيض إعلاناً صريحاً بعدم دعم استقلال الجزيرة، في خطوة تهدف إلى كبح الدعم الأميركي غير الرسمي لتايوان.

 

أخبار ذات علاقة

علما الصين وأمريكا

"لقاء القرن بين ترامب وشي".. هل تندلع الحرب التجارية العالمية؟ (فيديو إرم)

صعود الردع الاقتصادي

وفي هذا التحوّل، يتداخل الأمن بالاقتصاد في معادلة معقّدة، حيث تصبح خطوط الإنتاج، والمعادن النادرة، وشحنات الرقائق الإلكترونية أدوات صراع لا تقل خطورة عن حاملات الطائرات أو صواريخ الردع.

 فواشنطن لا تسعى فقط إلى احتواء الصين عسكرياً فقط، وإنما تراهن على خلق بنية صناعية – تكنولوجية محكمة مع شركائها الآسيويين تسمح بتقييد النفوذ الصيني دون صدام مباشر.

لكن هذا الرهان ليس بلا مخاطرة، فالدول الحليفة لا تزال مترددة في الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة مع بكين، وتبحث عن صيغة وسط تُبقي على علاقاتها الاقتصادية مع الصين دون التضحية بالعلاقات الأميركية. 

في خلفية هذه الجولة، تلوح مسألة تايوان كخط تماس سياسي يمكن أن يغيّر توازن اللعبة، فإذا قبلت إدارة ترامب بمطلب الصين بالتصريح برفض استقلال تايوان، سيُسجَّل ذلك كاختراق صيني مهم، لكنه سيكون على حساب مصداقية الولايات المتحدة لدى حلفائها في طوكيو وسيول وتايبيه.

بالمقابل، فإن رفض واشنطن التنازل قد يؤدي إلى تصعيد اقتصادي متبادل، يدخل بموجبه الاقتصادان الأميركي والصيني في مسار تصادمي ستكون له تداعيات كبرى على سلاسل التوريد العالمية وعلى استقرار الأسواق الآسيوية.

وهذا ما يجعل قمة آبيك في كوريا الجنوبية محطة مفصلية لا تتعلق فقط بالرسوم الجمركية، بل بإعادة تعريف حدود النفوذ الأميركي في شرق آسيا لعقود مقبلة.

تحاول واشنطن عبر هذه الاستراتيجية تحييد أدوات القوة التي تمتلكها كلٌّ من الصين وروسيا. فبدلاً من الدخول في سباق تسلّح مباشر، تعمل على محاصرة بكين وموسكو اقتصادياً وتقنياً عبر إحكام السيطرة على سلاسل الإمداد والإنتاج. 

إذ إن إشراك كوريا الجنوبية واليابان وماليزيا في مشاريع صناعية أميركية يجعل اقتصاداتها أكثر التصاقاً بواشنطن، وأقل قابلية للانجذاب إلى محور الصين، وبهذا تتحوّل الصناعة إلى أداة "ردع ناعمة"، وتمنح الولايات المتحدة نفوذاً متواصلاً من داخل البنية الاقتصادية لحلفائها.

 

أخبار ذات علاقة

الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب والماليزي أنور إبراهيم

ترامب يوقع اتفاقا تجاريا مع ماليزيا بشأن المعادن النادرة

خريطة النفوذ الجديدة

في حين اعتبر الخبير الاستراتيجي الأميركي، إليوت ديفيس، المتخصص في الجغرافيا الاقتصادية والأمن الصناعي، أنّ جولة الرئيس ترامب الآسيوية لا تخرج عن إطار "الهندسة الجيوسياسية المقابلة"، حيث تسعى واشنطن إلى إعادة التموضع داخل آسيا على نحو مزدوج، من خلال احتواء النفوذ الصيني من جهة، وضمان استمرار تدفقات التجارة والتكنولوجيا من جهة أخرى.

ورأى ديفيس خلال حديثه لـ"إرم نيوز" أن زيارة ترامب تُعيد إحياء مبدأ "الأمن الصناعي" بوصفه امتداداً للأمن القومي، خصوصاً في ظل تركيز الوفد الأميركي على تقنيات أشباه الموصلات، والطاقة النووية المدنية، والتحالفات السيبرانية مع اليابان وكوريا الجنوبية.

وأوضح أن هذا الحراك يتعلق بتحويل آسيا إلى مختبر لـ"الردع الاقتصادي الذكي"، أي استخدام أدوات اقتصادية وتكنولوجية لضبط السلوك الصيني دون الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة.

ومن وجهة نظره، فإن إدارة ترامب تحاول عبر هذه الزيارة تثبيت معادلة "التحالفات المبنية على التفوق التكنولوجي"، حيث يُعاد تعريف الأمن عبر من يملك مفاتيح الجيل التالي من الذكاء الصناعي والاتصالات.

ونبّه ديفيس إلى أن تركيز ترامب على مشاريع مشتركة في الطاقة النظيفة وتحلية المياه وتحسين سلاسل الإمداد قد يكون مدخلاً لصياغة شبكة آسيوية–أميركية تتجاوز الممرات التقليدية للصين، مثل مبادرة الحزام والطريق.

كذلك رأى ديفيس أن الزيارة تشير إلى نمط جديد في السياسة الأميركية؛ تتمحور حول تطبيع الاستقطاب كأداة لإعادة توجيه التحالفات، بحيث تصبح آسيا "ملعب الهيمنة الذكية" لا الهيمنة العسكرية.

ولفت إلى إن الجولة الآسيوية لترامب لا تمثل تصعيداً عسكرياً مباشراً بقدر ما تعكس تحوّلاً عميقاً في أدوات السيطرة الجيوسياسية الأميركية، موضحاً أن "الصناعة أصبحت اليوم عنصراً استراتيجياً موازياً للردع، تماماً كما كانت الأسلحة النووية في الحرب الباردة".

فيما أشار ديفيس إلى أن التعاون الصناعي الأميركي مع الحلفاء الآسيويين، يهدف إلى بناء شبكات إنتاج آمنة ومرنة، لتستعيد جزءاً من الاكتفاء الاستراتيجي المفقود.

لكنه لفت إلى أن هذا النموذج "ليس مجرّد إعادة تصنيع، لكنه استثمار في القدرة على إعادة توجيه موازين القوى من خلال البُنية التحتية التقنية نفسها".

لرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره الصيني شي جينبينغ

بين الشراكة والتوازن

في حين يرى الباحث الكوري الجنوبي، هان جاي‑وون، المتخصص في الشؤون الآسيوية والعلاقات الدولية والسياسة الاقتصادية الإقليمية، أن زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى آسيا تعكس تحركاً أميركياً جدياً لإعادة بناء العلاقة مع شركاء الإقليم، لكن من دون أن تُشكّل بالضرورة تحولاً نهائياً في اتجاهات الاستراتيجية الأميركية. 

كما يلفت هان إلى أن دول آسيا تستقبل هذه الزيارة كمؤشر على نوايا أوسع ترتبط بإعادة ترتيب سلاسل الإنتاج، وتعزيز التعاون الصناعي، وتوسيع الشراكات التقنية.

ويتابع بالقول إن واشنطن "تُعيد رسم معادلة النفوذ في آسيا، لكن بأسلوب أكثر اختراقاً للنسيج الاقتصادي الآسيوي مما كان عليه الحال في عهد القواعد العسكرية".

ولفت إلى أن "اليابان وكوريا الجنوبية أمام اختبار مزدوج في كيفية حفاظهما على أمنهما التقني عبر الشراكة مع الولايات المتحدة، دون أن تخسرا التوازن التجاري مع الصين".

في المقابل، يشير هان خلال حديثه لـ"إرم نيوز" إلى وجود قدر من التحفّظ المشروع لدى بعض الدول الآسيوية، ليس تجاه الزيارة بذاتها، ولكن تجاه ما إذا كانت هذه التوجهات قابلة للاستمرار على المدى الطويل، خصوصاً في ظل ديناميكيات السياسة الداخلية الأميركية وتقلباتها. فالدول الآسيوية، كما يوضح، تبحث عن شراكات مستقرة وقابلة للتخطيط، لا ترتبط بدورات انتخابية أو حسابات ظرفية.

كما يؤكد أن القراءة الآسيوية للزيارة لا تقتصر على بعدها الأميركي، إنما تأخذ في الاعتبار التوازن الدقيق في العلاقة مع الصين أيضاً. إذ تسعى دول عديدة، إلى تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع واشنطن، لكن دون التفريط بعلاقاتها مع بكين، وهو ما يجعل الموقف الآسيوي مائلاً إلى البراغماتية أكثر من الاستقطاب.

وفي نظر هان، فإن المسار الأكثر استدامة لأي استراتيجية أميركية في آسيا يمر عبر الاستثمار في التكامل الحقيقي مع اقتصادات المنطقة، من خلال مبادرات تُراعي الحساسيات الثقافية والبيئية والاجتماعية، وليس فقط المصالح التقنية أو الأمنية. فشعوب آسيا، كما يوضح، تنظر إلى الشراكة الاقتصادية الناجحة بوصفها علاقة متوازنة، تحترم الخصوصيات ولا تفرض اختيارات حادة بين الشرق والغرب.

ويختم هان بالقول إن التحدي الأكبر أمام واشنطن اليوم ليس فقط في احتواء النفوذ الصيني، ولكن في بناء علاقة ناضجة مع آسيا كقوة قائمة بذاتها، وليس كساحة تنافس خارجي.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC