بينما يستعد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ونظيره الصيني شي جين بينغ، لمناقشة التجارة، تشعر آسيا بالقلق من تأثير ذلك على أمنها، كما تخشى بعض دول القارة من أن تؤدي "الصفقة الكبرى" بينهما إلى تهميش الأمن.
وأعلنت الصين، الأحد، أنها توصلت إلى "توافق أولي" في ماليزيا لتسوية خلافاتها التجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية، حسبما أعلن أحد المفاوضين الصينيين الرئيسين من ماليزيا، حيث تجرى، منذ يومين، محادثات صينية أمريكية بهذا الخصوص.
ولفت الرئيس ترامب انتباه العالم في ولايته الأولى إلى أن الولايات المتحدة تستعد لعصر من المنافسة العسكرية والاقتصادية المكثفة مع بكين، بحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال".
ولكن مع توجهه في أول رحلة له إلى آسيا منذ عودته إلى البيت الأبيض، انتقل إبرام اتفاق تجاري جديد مع الزعيم الصيني إلى صدارة أجندة ترامب، مما أثار مخاوف بين الحلفاء من أن إبرام الصفقة قد يأتي على حسابهم.
ووفق كريغ سينغلتون، الدبلوماسي الأمريكي السابق الذي يدير برنامج الصين في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، فإن الحلفاء الآسيويين يواجهون تداعيات إستراتيجية سلبية.
ويتمثّل قلق الدول الآسيوية الأساس في مدى قدرة "غرائز ترامب التجارية" على إبرام صفقة كبرى مع شي، خاصة صفقة تُهمّش تايوان أو تُضعف نفوذ الحلفاء، كما يقول سينغلتون.
وتتضمّن أجندة ترامب مع الصين تخفيف قيودها على تصدير المعادن الأرضية النادرة، وتجنّب حرب تجارية شاملة مع بكين، إذ صرّح ترامب بأن هدفه المباشر هو إقناع بكين باستئناف شراء فول الصويا الأمريكي، الذي توقفت عن شرائه، مما يُسبب قلقاً بالغاً للمزارعين الأمريكيين، وهم شريحة انتخابية مهمة في الحزب الجمهوري.
لكن كيرت كامبل، المتخصص في الشؤون الآسيوية والذي شغل منصب نائب وزير الخارجية في إدارة جو بايدن، يعتقد أن اللقاء الوشيك بين ترامب وشي سيتضمن "أكثر من ذلك"، وسيؤدي إلى قلق كبير وترقب في المنطقة.
ويرى كامبل أن الحلفاء الآسيويين يُحبّون العلاقات بين الولايات المتحدة والصين "التي لا تشهد توتراً أو فتوراً"، كما أنهم قلقون من سيناريوهات قد تتصاعد فيها العلاقات بين ترامب وشي نحو المواجهة، أو قد تؤدي إلى شراكة بين واشنطن وبكين تُتخذ فيها قرارات تتجاوز مصالحهما.
وبينما كانت في الحرب الباردة، لغة القوة هي استخدام الأسلحة النووية، فإن ترامب وشي، يُدشنان عصراً جديداً تُشكّل فيه البراعة التكنولوجية جوهر المنافسة، كما يضيف كامبل.
وهيمنت على إدارة ترامب الأولى جهات مختصة بالأمن القومي، كانت صارمة تجاه الصين، وشدّدت على ضرورة الاستعداد لعصر جديد من التنافس بين القوى العظمى.
ووصفت إستراتيجية الدفاع الوطني للعام 2018، خلال فترة تولي وزير الدفاع، آنذاك، جيم ماتيس منصب وزير الدفاع، الصين بأنها قوة "تعديلية" عازمة على الهيمنة على غرب المحيط الهادئ، وقالت إن الولايات المتحدة ستعزز تحالفاتها، وتُنمّي اقتصادها، وتُرسل جيشاً أكثر فتكاً رداً على ذلك.
لكن من المتوقع أن تسلط إستراتيجية الدفاع الوطني المقبلة لوزير الدفاع بيت هيغسيث الضوء على الوجود العسكري الأمريكي المتزايد في نصف الكرة الغربي للضغط على الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، لمغادرة منصبه ومحاولة وقف تدفق المخدرات.
كان تركيز ترامب على إعادة ضبط العلاقات التجارية مع بكين محسوساً في تايوان، حيث تأخر تسليم حزمة من المساعدات العسكرية إلى تايبيه والتي طال انتظارها، في حين مهد البيت الأبيض الطريق لاجتماع بين ترامب وشي.
كما ألغت واشنطن توقفاً مقرراً لرئيس تايوان في نيويورك في أغسطس. ورغم أن تايوان تفاوضت على خفض معدل التعريفة الجمركية من 32% إلى مستوى مؤقت قدره 20%، والذي دخل حيز التنفيذ في 7 أغسطس، إلا أن هذا المعدل لا يزال أعلى من معدل التعريفة الجمركية في اليابان وكوريا الجنوبية البالغ 15%، و19% لبعض أكبر اقتصادات جنوب شرق آسيا.