"رويترز": أمريكا لم توافق بعد على أي مساعدات لأفغانستان بعد الزلزال
كشف مصدر في الإدارة التنفيذية لحلف شمال الأطلسي «الناتو»، الخميس، عن إستراتيجية جديدة سيتبناها الحلف لدعم كييف، مشيرا إلى أن النقاش حول هذا الملف لم يعد يقتصر على الدعم العسكري التقليدي، بل بات يلامس احتمالية نشر قوات محدودة تحت غطاء تدريبي أو دفاعي إذا تصاعدت التهديدات.
وأضاف المصدر لـ«إرم نيوز»، أن هذا السيناريو يأخذ في الاعتبار كلفة القرار على الصعيد السياسي الداخلي، خاصة في ظل ما يواجهه القادة الأوروبيون من ضغوط متزايدة وتحديدا في الشارع بسبب انخراطهم في الحرب الروسية.
وأضاف أن هناك اتجاها داخل الحلف لتعزيز ما يُسمى "الدعم غير المباشر المتقدم"، والذي يشمل تزويد كييف بأنظمة تسليح أكثر تطورا، وتوسيع نطاق المعلومات الاستخباراتية، إلى جانب تدريب مكثف للقوات الأوكرانية داخل أراضي دول أوروبية مجاورة.
وأشار إلى أن الخطة الأوروبية تقوم على تدرج متعمد في الخطوات، بحيث يبقى الباب مفتوحًا أمام التفاوض إذا ظهرت فرصة سياسية، وفي الوقت ذاته يُرسل الحلف رسالة ردع واضحة لموسكو.
وبينما تستمر المعارك في أوكرانيا، يبدو أن المعركة الأكثر حسما ليست على الأرض في كييف، بل في الشارع الأوروبي نفسه؛ إذ تجد القارة العجوز نفسها أمام تحد مزدوج حول إمكانية إرسال قوات عسكرية إلى أوكرانيا بين الضغوط السياسية الداخلية والخارجية.
وقبل أشهر اقترح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إمكانية نشر قوات غربية لدعم أوكرانيا، لكنها لم تتجاوز حدود الاقتراح، وكشفت عن الانقسامات العميقة داخل أوروبا، ولمّحت فرنسا وبريطانيا إلى إمكانية المشاركة، كما أعلنت دول البلطيق وبلجيكا استعدادها لدعم قوة دولية محدودة.
إلا أن ألمانيا رفضت بشكل قاطع المقترح الفرنسي، وأكدت دول مثل إسبانيا وهولندا أنها لا تنوي إرسال قوات برية، وحتى بولندا، رغم كونها من أكبر الداعمين لكييف، فضلت عدم الانخراط المباشر خوفا من مواجهة روسيا مباشرة.
ووفقا للمراقبين، فإن المشكلة الكبرى لا تكمن في الانقسام العميق والمخاوف من تعطل أي قرار أوروبي موحد، بل في الهوة بين الرأي العام والحكومات، خاصة مع استطلاعات الرأي الأخيرة التي كشفت عن معارضة واسعة لإرسال القوات إلى كييف، واشتراط غالبية المواطنين التوصل أولًا إلى اتفاق سلام قبل الانخراط العسكري المباشر.
من جانبه، قال كارزان حميد، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الأوروبية، إن فكرة إرسال قوة عسكرية أوروبية لمراقبة وقف إطلاق النار في أوكرانيا ليست خطة متكاملة، بل مجرد اقتراح عشوائي بين باريس ولندن، دون أي دراسة شاملة للجوانب العسكرية أو اللوجستية أو تحديد مهامها بدقة.
وأوضح حميد في تصريحات خاصة لـ«إرم نيوز» أن هذا المقترح يعكس غياب التنسيق بين الدول الأوروبية، مشيرا إلى التناقض في الرؤى بين باريس ولندن بشأن طبيعة القوة؛ ففي بعض الأحيان تُعرض كقوة هجومية، وأحيانًا كدعم للجيش الأوكراني، أو للتمركز في مناطق النزاع، قبل أن يتراجع الحديث إلى الحدود الغربية لأوكرانيا، والآن يُحصر دورها في المهام اللوجستية والمراقبة فقط، دون تدخل مباشر.
وأشار إلى أن هذا التضارب يبرز انقسام الاتحاد الأوروبي في إدارة الملف الأوكراني، حيث يبدو أن الهدف الحقيقي لبروكسل هو استمرار الصراع لأطول فترة ممكنة لاستنزاف القوة الروسية، موضحا أن هناك رفضا داخليا لإرسال أي قوة إلى داخل أوكرانيا لأسباب أمنية وعسكرية، خاصة من دول قريبة جغرافيا من موسكو، خشية أن تُستغل كذريعة لهجوم روسي على دول أوروبية أصغر.
وأوضح المحلل السياسي، أن المسائل الأساسية المتعلقة بالميزانية، والقوام، وطرق التمويل لم تُدرس بعد، ما يشير إلى أن باريس ولندن ووراءهما برلين تحاول جر أوروبا إلى صراع جديد مع روسيا بأي ثمن.
وأضاف أن الشارع الأوروبي لم يقتنع منذ البداية بذريعة "شيطنة روسيا"، وأنّ أقلّ من ثلث المواطنين الأوروبيين مستعدون للمشاركة كليا أو جزئيا في أي حرب أوروبية.
وأشار حميد إلى أن صناع القرار الأوروبيين جعلوا أوروبا على صفيح بركان، مشيرا إلى صراع داخلي مكتوم داخل المفوضية الأوروبية، تقوده إسبانيا بهدوء للحد من نفوذ فرنسا وألمانيا.
ومن جهته، قال سمير أيوب، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، إن الانقسامات داخل أوروبا تتجلى بوضوح في صراعات الأنظمة وتناقض القرارات، وخاصة بشأن إمكانية إرسال قوات عسكرية إلى أوكرانيا من دول مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا؛ ما يعكس حالة انقسام حاد على المستويات السياسية والأمنية.
وأضاف أيوب في تصريحات خاصة لـ«إرم نيوز» أن هذه الانقسامات قد تؤدي إلى أزمات داخلية وربما توتر العلاقات بين بعض الدول، مستشهدا بموقف المجر التي وصفت استهداف أوكرانيا لخطوط أنابيب النفط الروسية بأنه تهديد مباشر لها، وهو ما قد يفتح الباب لأزمة كبرى داخل حلف الناتو.
وأشار إلى مواقف بولندا وبلغاريا الحادة تجاه اللاجئين الأوكران، والإجراءات المتشددة ضد بعض القوات المرتبطة بالماضي النازي، مؤكداً أن هذا التباين يعكس عجز الدول الأوروبية عن مواجهة روسيا سواء على المستوى العسكري بعيدا عن واشنطن أو اقتصاديا في ظل أزمات متفاقمة تثقل كاهل الشعوب.
وأوضح أيوب أن الاحتجاجات بدأت تظهر في الشارع الأوروبي، حيث يتساءل المواطنون عن مدى قدرة الحكومات على الاستمرار في تقديم مليارات الدولارات كمساعدات لأوكرانيا، بينما يتحملون وحدهم عبء الضرائب، مضيفا أن تصريحات المستشار الألماني الأخيرة حول التضحية بجزء من المعاشات والرواتب أثارت استياءً شعبيا.
وأكد أن المخاوف الأوروبية لم تعد محصورة في الصراع مع روسيا فقط، بل تشمل التحولات السياسية الداخلية، مع احتمالية صعود أحزاب يمينية أو قوى جديدة متعاطفة مع روسيا، مؤكدا أن سياسة حلف الناتو المستفزة تجاه روسيا جعلت أوكرانيا أداة في صراع أوسع بين الغرب وموسكو؛ ما ينذر بانقسامات عميقة داخل الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو.