الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض طائرتين مسيّرتيْن تم إطلاقهما من اليمن
بينما تتصاعد الحرب في أوكرانيا، برزت الطائرات المسيّرة كعنصرٍ حاسم في ميدان المعركة، مغيرًا قواعد الاشتباك التقليدية، ومع ذلك، تكمن الأزمة الحقيقية للجيش الأمريكي ليس في ضعف الصناعة بل في تأخر عقيدته القتالية عن مواكبة هذه الثورة التي قلبت موازين الحرب.
وبحسب "آسيا تايمز"، فإن أوكرانيا اليوم تتصدر عالم العمليات المسيّرة، تليها روسيا، بينما الولايات المتحدة والصين ما زالتا تحاولان اللحاق بالركب؛ فالطائرات المسيّرة لم تعُد مجرد أدوات دعم، بل أصبحت قادرة على تحييد القوات التقليدية، وتحقيق دقة استثنائية في الاستهداف، وحماية الأرواح البشرية من التعرض المباشر.
كل هذا يجعل فهم التكتيكات الجديدة أمرًا ملحًا لكل قائد أمريكي، خاصة مع احتمال انتشار الصراعات في أوروبا أو آسيا.
في يونيو، دعا وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغستيث إلى برنامج بعنوان "تسريع هيمنة أمريكا على الطائرات المسيّرة"، شمل ثلاثة محاور بما فيها تعزيز الإنتاج المحلي، وتمكين الوحدات الأمريكية بأجهزة منخفضة التكلفة، وتحسين التدريب، لكن رغم هذه الخطوات، لم يُعدّ أيُّ قطاع بالشكل الذي يمكن الجيش من الاستجابة السريعة لتطورات الحرب المسيّرة، سواء في تصنيع المعدات أو تطوير التكتيكات.
أوكرانيا، بحسب التقرير، أظهرت كيف يمكن دمج الطائرات المسيّرة في الهيكل القيادي الأعلى للجيش؛ فـ"قوات الأنظمة غير المأهولة" التي تأسست صيف 2024، برئاسة الكولونيل فاديم سوخارفسكي، تضم قيادة موحدة للعمليات، وتنسق بين التدريب واللوجستيات والعمليات الميدانية والسياسات الاستراتيجية، بما في ذلك الضربات العميقة في روسيا، وهذا النهج يضع الطائرات المسيّرة في قلب التخطيط العسكري، وليس كأداة تكميلية فقط.
وفي سياق متصل، أنشأت روسيا أيضًا مركز "روبیکون" لتطوير الطائرات المسيّرة، يركز على التجريب والابتكار ودعم وحدات القتال، لكنه يعمل بشكل شبه مستقل عن القنوات القيادية التقليدية، ما يبرز مرونة أكبر في مواجهة المتغيرات الميدانية مقارنة بالجيش الأمريكي.
في المقابل، الولايات المتحدة لم تُنشئ بعد نهجًا وطنيًا موحدًا لإدارة الطائرات المسيّرة، والتدريب موجود، لكن الأسئلة الجوهرية ما زالت بلا إجابة "كيف تُدمج الطائرات المسيّرة مع العمليات القتالية التقليدية؟ كيف تُدار الاتصالات دون تعارض مع نظم القيادة والتحكم الأخرى؟ كيف يمكن مواجهة الطائرات المسيّرة المعادية؟ وما أفضل أسلوب لتدريب القيادات على اتخاذ قرارات فورية؟"
ويرى خبراء أن المعضلة تتجاوز الإنتاج المحلي، لتصل إلى البنية القيادية والثقافة القتالية نفسها؛ فالجيش الأمريكي يحتاج إلى وضع منسقين كبار للطائرات المسيّرة في كل فرع وعلى مستوى الأركان المشتركة، كما في نموذج أوكرانيا، لضمان تكامل العمليات مع خطط المعركة الكبرى وتكييف التكتيكات سريعًا وفق ما تفرضه ساحة الحرب.
وفي ظل هذه الفجوة، لا تقتصر المخاطر على الجنود الأمريكيين، بل تمتد إلى حلفاء الولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم، الذين قد يجدون أنفسهم دون دعم كافٍ إذا ما انتقل الصراع إلى مناطقهم.
الفرصة متاحة الآن لإعادة تشكيل العقيدة العسكرية، قبل أن تصبح الطائرات المسيّرة، التي غيرت الحرب إلى الأبد، سببًا في مفاجآت غير محسوبة في ساحات القتال القادمة.