يكتنف الغموض موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من الملف النووي الإيراني، في ولايته الجديدة التي بدأها، الاثنين، بخطاب تنصيبه الذي خلا من الحديث عن العلاقة مع إيران.
لكن ترامب استدرك ذلك سريعاً بخطاب ألقاه أمام أنصاره في "كابيتال وان أرينا" في العاصمة واشنطن ملوحاً بقبضة من حديد في وجه طهران.
وانتقد ترامب إدارة سلفه جو بايدن تجاه النظام الإيراني، قائلاً: "في فترتي الرئاسية الأولى، كان النظام الإيراني مفلساً، ولم يكن لديه أموال لتمويل حماس وحزب الله، وأي شخص يتعامل أو يتاجر مع النظام الإيراني لن يُسمح له بإجراء الأعمال التجارية مع الولايات المتحدة".
ويرى مراقبون أن حديث ترامب يعيد إلى الأذهان سياسته التي اتخذها ضد طهران في ولايته الماضية والتي وُصفت بـ "الضغط الأقصى"، واعتمد خلالها فرض عقوبات على طهران، والانسحاب من الاتفاق النووي، واستهداف مواقع وقيادات إيرانية على رأسهم قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني الذي قُتل بغارة أمريكية في العراق في 3 يناير/ كانون الثاني العام 2020.
ويقول الخبير الاستراتيجي د. عامر السبايلة إن "المتوقع في سياسة ترامب تجاه إيران أن تتسم بالحزم، وتحريك الملفات الراكدة، وحسم الأمور بشكل واضح، ورغم ذلك لا تبدو الأمور واضحة لكنها ستكون جدية".
ويضيف السبايلة لـ "إرم نيوز": "صحيح أن ترامب تحدث في خطاب التنصيب أنه سينهي الأزمات، لكن السؤال ما الطريقة التي سينهي بها شكل العلاقة مع إيران التي تعد جزءاً أساساً من الأزمات في منطقة الشرق الأوسط".
ومن جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي د. منذر الحوارات، أن "النفوذ الإيراني والمنشآت النووية تشكلان هاجساً لدى ترامب، الذي اتخذ معها في ولايته السابقة سياسة الضغط الأقصى عبر عقوبات مالية، واستهداف قيادات مؤثرة في النظام الإيراني، ويحاول، اليوم، تبريد المنطقة للذهاب نحو أولوية أخرى في بحر الصين وتايوان" وفق قوله.
وأضاف الحوارات لـ "إرم نيوز"، أن "الرئيس الأمريكي يفكر بعقلية التاجر، ولن يعيد التجربة مع طهران بسياسة الضغط الأقصى، التي لم تفلح في وقف النشاط النووي الإيراني، بل زادت قدرات المنشآت النووية، لذا فإن احتمال عمل عسكري واردة جداً"، بحسب قوله.
وتابع أن "إسرائيل تحاول إقناع ترامب بتوجيه ضربات للمنشآت النووية الإيرانية أو استهداف بُنى الحرس الثوري الإيراني من أجل هز صورته أمام الرأي العام الإيراني على أمل حدوث اضطرابات أو خلل في النظام".
وقال مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي مايك والتز، الإثنين، إن "إيران باتت في موقف دفاعي، وفقدت التأثير الإقليمي، مستبعداً الحلول الدبلوماسية مع إيران، بل دعا صراحة إلى تدمير برنامجها النووي".
وقال السيناتور ليندسي غراهام، الحليف الجمهوري لدونالد ترامب، إن "احتمال القضاء على البرنامج النووي الإيراني عبر الوسائل الدبلوماسية تساوي واحداً في التريليون، لكن احتمال تدميره عبر عمل عسكري إسرائيلي مدعوم أميركياً تصل إلى 90%" وفق تعبيره.
وفي وقت لم يتمكن فيه الإيرانيون داخل البلاد من مشاهدة مراسم تنصيب ترامب على شاشات التلفزيون الإيراني، حيث تجاهلت القنوات الرسمية الحدث الذي تابعه العالم، يبدو أن طهران تقوم بتبادل الأدوار لمسؤوليها حيث لجأ المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي إلى لهجة ناعمة مع واشنطن، معبراً عن الأمل بأن تتبنى إدارة ترامب الجديدة سياسات "واقعية ومستندة إلى القانون الدولي" تجاه بلاده.
وسبق لوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي القول، مطلع الشهر الجاري، خلال مقابلة مع شبكة "سي سي تي في" الصينية، إن طهران جاهزة لإجراء مفاوضات "بنّاءة ودون تأخير" بشأن برنامجها النووي.
وقال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، في مقابلة مع "إن بي سي نيوز"، الأسبوع الماضي، إن إيران لم تكن لديها أبدًا نية لاغتيال ترامب، ولن تفعل ذلك في المستقبل، لكن ذلك قوبل بهجوم من صحيفة "كيهان" الإيرانية المقربة من خامنئي حيث وصفت تصريحاته بأنها خارجة عن صلاحياته.
ودعا ولي عهد إيران السابق رضا بهلوي، في رسالة وجهها إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حملتها تدوينة عبر منصة "إكس"، إلى دعم الشعب الإيراني، وعدم الثقة بالنظام القائم، وإنهاء ما وصفه "الاستبداد الحاكم في إيران من خلال تطبيق سياسة الضغط الأقصى".