logo
العالم

ترامب في مواجهة الكونغرس.. الرسوم الجمركية والشرق الأوسط وأوكرانيا

ترامب في مواجهة الكونغرس.. الرسوم الجمركية والشرق الأوسط وأوكرانيا
ترامب خلال خطاب سابق في الكونغرسالمصدر: (أ ف ب)
04 مارس 2025، 4:26 م

هو ليس خطابًا عن حالة الاتحاد، لكنه أمر شبيه بذلك، هكذا يصف أحد القادة الجمهوريين خطاب الرئيس دونالد ترامب الأول في ولايته الثانية أمام الجلسة العامة لأعضاء الكونغرس، المكونة من أعضاء المجلسين: النواب والشيوخ، ومن الحزبين: الديمقراطي والجمهوري.

وبعد حوالي الشهر والنصف من استلامه السلطة، يدخل الرئيس ترامب مبنى الكونغرس للمرة الثانية على التوالي، بعد تلك التي كان قد أدى خلالها اليمين الدستورية رئيسًا للبلاد في العشرين من يناير الماضي.

الدخول الثاني لترامب إلى المبنى هذه المرة سيكون للحديث عن حصاد أسابيعه الأولى في الرئاسة ورؤيته للأسابيع والشهور المقبلة من عمر إدارته.

يقول مقربون من ترامب لـ"إرم نيوز" إن الرئيس سوف يركز في خطابه على مساعي فريقه لإعادة أمريكا إلى عظمتها التي كانت عليها، وذلك من خلال سلسلة طويلة من القرارات التي يتم اتخاذها في الداخل على مستوى إعادة تلميع طريقة عمل وأداء الحكومة الفيدرالية.

وتشمل هذه الإجراءات مراجعة كاملة وشاملة لأداء الوزارات والوكالات الفيدرالية، والحد من الإنفاق الحكومي العام، وتقليص عدد العاملين في المؤسسات الفيدرالية، ويخوض فريق الملياردير إيلون ماسك في وزارة ترقية الأداء الحكومي هذا الجهد، ويلقى في ذلك الدعم الكامل من الرئيس ترامب.

أما على مستوى إعادة البناء في الخارج، فيتعلق الأمر هنا بإعادة رسم صورة الولايات المتحدة العالمية من خلال وقف استغلال أموالها ودعمها غير المحدود، وجعل مسألة تقديم المساعدات تقوم على أساس ما يعود بالنفع على الولايات المتحدة.

وهذه القاعدة يريد ترامب أن تكون الأساس في التعامل مع جميع الأطراف، سواء كانوا جيرانًا مباشرين مثل كندا والمكسيك، أم حلفاء تاريخيين في أوروبا أو في بقية العالم، من خلال الحصول على مساعدات الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية سابقًا.

رؤية "أمريكا أولًا" التي يسعى ترامب لتحقيقها، بحسب مقربيه، تأتي في سياق إنهاء العلاقات التي كانت قائمة على التصور السابق، والتي كانت تقضي بأن على الولايات المتحدة أن تكون الطرف الذي يدفع دائمًا أكثر من الآخرين.

لذلك، عندما يلقي ترامب خطابه أمام الكونغرس، يكون قرار فرض رسوم جمركية على الجارتين كندا والمكسيك قد دخل حيز التنفيذ بعد انقضاء فترة التجميد التي استمرت شهرًا كاملًا بين الجانبين.

ويواصل المسؤول المقرب من ترامب بالقول إن رؤية ترامب للشرق الأوسط تقوم على تقديم أفكار جديدة للأزمة التي تجاوزت محاولات حلها لمدة نصف قرن دون تحقيق الأهداف المرجوة. لذلك، بات الوقت مناسبًا الآن لتقديم أفكار جديدة من خارج الصندوق.

أما بخصوص أوكرانيا، فالمسألة مختلفة تمامًا؛ لأن الحرب هناك تشكل خطرًا على الأمن والسلام الأمريكي والعالمي. لذلك، لا ترغب هذه الإدارة بالاستمرار في تقديم الدعم الذي من شأنه تعزيز هذا الاحتمال، وترى أن أفضل الخيارات هي التوجه مباشرة إلى خطة لإيقاف القتال في المرحلة الحالية، ومن هناك التوجه إلى مسار سياسي من شأنه أن يحقق رغبة الأطراف المعنية في سلام مستدام.

رئيس الأغلبية في مواجهة الكونغرس المنقسم

خطاب ترامب أمام الكونغرس سيكون من الناحية الشخصية بكل تأكيد خطاب الرئيس المنتصر الذي نجح في العودة إلى البيت الأبيض، لكنه نجح أيضًا في ضمان فوز حزبه بالأغلبية في المجلسين: النواب والشيوخ، كما وعد بذلك خلال الحملة الانتخابية.

وبالتالي، سيجد تأييدًا واضحًا من قبل أغلبية الأعضاء لخطابه، وكذلك سياساته التي عمل لتحقيقها في الفترة الماضية، وتلك التي سوف يعمل لأجلها في السنوات المقبلة.

لكن هذه الصورة ليست نهائية، باعتبار أن هناك أصواتًا من الداخل تتعالى وتثير المزيد من القلق بشأن الخيارات التي أطلقها ترامب حتى الآن في الداخل والخارج، ومخاوف من أن ينعكس ذلك بشكل سلبي على البلاد لاحقًا.

يسعى النواب والشيوخ الديمقراطيون، أو على الأقل بعضهم، إلى مقاطعة خطاب ترامب، وذلك كأدنى مستوى يمكن إظهاره من أشكال المعارضة لسياسات ترامب، سواء في القضايا الداخلية أم في طريقة إدارة التحالفات الخارجية كما يقول الداعون للمقاطعة.

الديمقراطيون في المجلسين عارضوا بشدة إجراءات إيلون ماسك في طريقة تصفية الوكالات الفيدرالية وتسريح موظفيها، وكذلك الأمر بالنسبة لتقليص موارد وموظفي الوزارات.

هذه السياسات، وفقًا لهم، لا تنعكس سلبًا فقط على نوعية الأداء الحكومي، بل سيكون من الصعوبة بمكان كما يعلنون، حصر الانعكاسات التي ستخلفها هذه الإجراءات على نواحٍ تتعلق بسلامة وصحة وأمن الأمريكيين.

 

الديمقراطيون المعارضون قلقون أيضًا بشأن طريقة إدارة ترامب للتحالفات الخارجية للولايات المتحدة، وأولها التحالف الأوراميكي التاريخي، الذي يعد أحد ثوابت الأمن القومي الأمريكي والدبلوماسية الأمريكية العالمية.

أزمة الديمقراطيين وترامب

يقول أعضاء قياديون لـ"إرم نيوز" إن الأزمة الداخلية الحالية للحزب الديمقراطي تجعل من قوة تأثير المعارضة الديمقراطية لتوجهات الرئيس ترامب خافتة وغير كافية لإحداث التأثير السياسي الفعلي كما ترغب في ذلك قواعد الحزب، خاصة الفئات المتضررة من هذه الإجراءات.

ولا يزال أمام الحزب الديمقراطي بعض الوقت لمراجعة خياراته في كيفية التعبير عن مواقفه من سياسات ترامب؛ لأن الخيار الاستراتيجي الذي اتبعه هؤلاء في الانتخابات السابقة، والذي كان يعتمد على معارضة توجهات ترامب السياسية في الداخل والخارج، لم يكن كافيًا وفشل في تحقيق أهداف الحزب.

بل على العكس، عزز هذا النهج حظوظ ترامب في الفوز بالرئاسة مرة ثانية، وتحقيق الجمهوريين الأغلبية في الكونغرس، وبالتالي خسر الديمقراطيون البيت الأبيض والأغلبية التي كانوا يتمتعون بها في مجلس الشيوخ.

ليس من الواضح حتى الآن ما هي الاستراتيجية التي سيعتمدها الديمقراطيون في المرحلة المقبلة، كما ليس من الواضح أيضًا القيادات التي سيقدمها الحزب مستقبلًا للتعبير عن مواقفه من توجهات الإدارة الحالية في الداخل والخارج.

ترامب يعد بسيطرة الجمهوريين لأجيال قادمة

في مقابل الأزمة الداخلية للحزب الديمقراطي، يقول ترامب خلال خطابه في المؤتمر السنوي للمحافظين في واشنطن قبل أيام، إن الحزب الجمهوري سيقود البلاد لأجيال قادمة، كونه الحزب الأكثر منطقية في المرحلة الحالية في الولايات المتحدة.

إضافة إلى أن القيادات التي تشكل الحزب قادرة على ضمان استمرار سيطرته السياسية لعقود قادمة.

ترامب يذهب إلى أبعد من صورة الكونغرس الحالية عندما يقول إن رؤيته للانتخابات القادمة المقررة بعد عامين من الآن، والمخصصة لانتخابات التجديد النصفي في الكونغرس، والتي عادة ما تكون استفتاء على أداء الرئيس في العامين الأولين من ولايته الرئاسية، وتاريخيًا تكون خسارة الرئيس فيها مؤكدة.

لكن ترامب يرى أن حزبه يضمن الفوز بها في المرة القادمة، وهو تحدٍ علني للديمقراطيين وتعزيز لشعور السيطرة لدى المشرعين والمؤيدين للحزب الجمهوري.

تأكيدات ترامب وتطميناته للقيادات والقواعد الجمهورية تعمق، في المقابل، الأزمة العميقة التي يعيشها الديمقراطيون بسبب الشعور بالإخفاق في ضمان استمرارهم في البيت الأبيض لولاية ثانية ومنع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، كما كان شعارهم خلال سنوات إدارة بايدن السابقة.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC