اتهمت فنزويلا الولايات المتحدة بارتكاب "عمل قرصنة صارخ" بعد أن استولى خفر السواحل الأمريكي على ناقلة نفط ثانية قبالة سواحل البلاد هذا الشهر.
يأتي هذا الحادث في سياق حملة أمريكية موسعة للضغط على حكومة الرئيس نيكولاس مادورو، الذي تصفه واشنطن بأنه "إرهابي مخدرات" وتعرض مكافأة قدرها 50 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقاله.
تتزامن الحملة مع تعزيز الوجود العسكري الأمريكي في جنوب البحر الكاريبي وشرق المحيط الهادئ، حيث أعلنت إدارة الرئيس دونالد ترامب عن فرض "حصار كامل وشامل على ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات" الداخلة إلى فنزويلا أو الخارجة منها، بحسب مجلة "نيوزويك".
ويعتبر هذا الحصار جزءا من استراتيجية أمريكية تهدف إلى مواجهة ما تصفه واشنطن بأنشطة تهريب النفط والمخدرات التي تمول النظام الفنزويلي.
أوضحت وزيرة الأمن الداخلي الأمريكية كريستي نويم أن السفينة المصادرة كانت تحمل نفطا خاضعا للعقوبات تابعا لشركة النفط المملوكة للدولة، بتروليوس دي فنزويلا (PDVSA)، مشيرة إلى أنها كانت تعمل كجزء من "الأسطول الفنزويلي الخفي" أو ما يعرف بـ"سفن الأشباح" التي تحايلت على العقوبات الأمريكية.
وتشير البيانات إلى أن الناقلة، المسماة "سينتشوريز"، رست آخر مرة في فنزويلا، ولم تكن مدرجة على قوائم العقوبات الرسمية، لكن واشنطن تؤكد أنها كانت تحمل نفطا مشبوها ويستخدم لتمويل نشاطات غير مشروعة، بما في ذلك دعم ميليشيات مرتبطة بحزب الله.
وتأتي هذه العملية بعد أن استولت الولايات المتحدة في العاشر من ديسمبر على أول ناقلة، "سكيبر"، والتي رُبطت سابقا بدعم شبكات إرهابية.
وتعكس هذه الخطوات مدى تصاعد استخدام الولايات المتحدة للأدوات البحرية لممارسة الضغط على حكومة مادورو، لا سيما في ظل الاحتياطيات النفطية الهائلة التي تمتلكها فنزويلا والتي تعتبر محركا أساسيا للصراع الاقتصادي والسياسي بين الطرفين.
ردت الحكومة الفنزويلية بالرفض المطلق لهذه العمليات، مؤكدة أنها "ستنقل القضية إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وهيئات دولية أخرى"، واصفة التصرفات الأمريكية بأنها "جرائم سيحاسب عليها القانون الدولي والتاريخ".
من جهته، شدد وزير الدفاع الأمريكي على استمرار الحصار على ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات، مؤكدا أن الإدارة الأمريكية لن تتراجع حتى تعيد فنزويلا ما وصفته بأصول أمريكية مسروقة.
على الرغم من التحركات الأمريكية المكثفة، يشير محللون إلى أن احتمال شن غزو بري مباشر على فنزويلا يبقى منخفضا، خصوصا بعد فشل الكونغرس في تمرير قرارات تهدف إلى تقييد الإجراءات الأمريكية.
ومع ذلك، يظل التوتر مستمرا، ويُتوقع أن تشهد المنطقة المزيد من الاشتباكات البحرية والسياسية، في ظل استمرار الولايات المتحدة في استخدام الحصار البحري والمضايقات ضد ناقلات النفط كأداة للضغط على نظام مادورو، بينما تسعى كاراكاس إلى تعزيز موقفها الدبلوماسي والدفاعي في مواجهة ما تعتبره "انتهاكا صارخا للسيادة الوطنية".