كان البيان المشترك الصادر عن قادة كندا وفرنسا والمملكة المتحدة، وإعلانات المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي بوقف المحادثات التجارية مع إسرائيل، أحدث الدلائل على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يقود بلاده نحو عزلة دولية غير مسبوقة.
ووصفت صحيفة "هآرتس" التصعيد الأوروبي الجديد ضدّ تل أبيب بأنه "تسونامي دبلوماسي" ضد "الجنون الإسرائيلي المطلق" في غزة، إلى حد أن نقلت عن دبلوماسي إسرائيلي بأن نتنياهو يتسبب بـ "كارثة" للبلاد، محذرًا من "عزلة ونبذ".
ونقلت الصحيفة العبرية عن مسؤول في الخارجية الإسرائيلية أنه رغم "ارتياح" تل أبيب لعدم إلغاء اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، إلا أنه أكد مجرّد "مراجعة" القرار يُمثّل تحذيرًا دبلوماسيًا خطيرًا، لم تعرفه إسرائيل من قبل.
كانت التحذيرات من عزلة إسرائيل مبكرة، وبعد أشهر قليلة فقط من حربها المدمّرة على قطاع غزة ردًا على هجوم شنته حماس على جنوبها في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
كتبت صحيفة "الغارديان" البريطانة "معزولة في الخارج وممزقة في الداخل"، بينما عنونت وكالة أسوشيتد برس "إسرائيل تزداد عزلة"، وعلى المنوال نفسه، استهلت وكالة رويترز تقريرًا لها، بأن إسرائيل تواجه عزلة متزايدة، ربما لم تعرفها منذ نشأتها.
قاد نتنياهو إسرائيل بعد أشهر من الحرب إلى "العزلة"، وكانت هناك مؤشرات واضحة، مثل الإجراءات القضائية ضدها في محكمة العدل الدولية، وإصدار مجلس الأمن قرارًا بوقف إطلاق النار في أواخر مارس ضدّ رغبة تل أبيب، بينما كان حلفاؤها يطلقون أيضًا إشارات تبرّم واستنكار.
أقدمت الولايات المتحدة، وهي أكبر حليف وراع لإسرائيل، على إجراءات "نادرة" ضد تل أبيب، امتنعت عن التصويت في مجلس الأمن، وفرضت عقوبات على بعض المستوطنين، وأصدرت في غير مرة بيانات غاضبة، لا سيما فيما يتعلق بالوضع الإنساني في غزة والهجوم الإسرائيلي الذي أودى بحياة سبعة من عمال الإغاثة في "وورلد سنترال كيتشن"، وصوّتت دولٌ منفردة والبرلمان الأوروبي على تدابير مُختلفة تدعو إسرائيل إلى تغيير مسارها.
قطعت أمريكا ودول أوروبية علاقاتها مع تل أبيب، وطردت سفراءها، كما واجهت العلامات التجارية لإسرائيل عزوفًا ومقاطعة في أوروبا، كل هذا وأكثر كان، بحسب "هآرتس" مؤشرًا على أن "العزلة العالمية" ستصيب مصالح إسرائيل لسنوات.
ترامب يفاقم العزلة
ويساهم ترامب الذي وصفه نتنياهو بعد عودته إلى البيت الأبيض بأنه "أعظم صديق لإسرائيل"، في تأزيم موقف نتنياهو، كما ترى صحيفة "التايمز" البريطانية.
وتقول "ترامب لم يكن يومًا يحب نتنياهو، واليوم ازداد نفاد صبره منه"، مضيفة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بات يدرك أن الرئيس الأمريكي الحالي ليس كغيره من أسلافه منذ عهد بيل كلينتون.
وأظهر ترامب تجاهلًا كبيرًا لنتنياهو عندما فاجأ إسرائيل بإعلانه عن محادثات مع إيران، ثم وقف إطلاق نار مع الحوثيين، ونُقل عن مبعوثه، ستيف ويتكوف، اتهامه إسرائيل بإطالة أمد الحرب، كل هذا شجّع الآخرين على انتقاد نتنياهو علنًا ومحاصرته بإجراءات عقابية، كما تفعل أوروبا الآن.