في أكتوبر الماضي، دشّنت ألمانيا مركزًا جديدًا للقيادة البحرية لحلف شمال الأطلسي "الناتو" في مدينة "روستوك"، إحدى كبرى المدن على ساحل ألمانيا الشمالي الشرقي، وسيتولى أميرال ألماني إدارة فرقة القيادة في البلطيق "سي تي إف بالتيك"، المؤلفة من هيئة أركان من 11 بلدًا في الناتو.
وأخيرًا، افتتحت ألمانيا مركز القيادة البحرية للناتو، في خطوة أثارت استياء الكرملين، ووصفها المراقبون بـ"الخَطرة"، معتبرين أنها قد تنذر بعواقب وخيمة تؤدي إلى تصعيد الصراع المسلح بين الغرب وروسيا.
وفي تعليق على هذه الخطوة، قالت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن افتتاح مركز للناتو لتعزيز التدريب الأمني لأوكرانيا على الأراضي الألمانية يعني مشاركة الحلف المباشرة في دعم الجيش الأوكراني، وهو ما يعدّ دعمًا مباشرًا للنظام الأوكراني الذي تعده روسيا "إرهابيًا".
وأضافت زاخاروفا في مؤتمر صحفي أن الناتو أصبح منخرطًا بشكل متزايد في الصراع الأوكراني، من خلال إنشاء هياكل خاصة تتعامل مع المساعدة العسكرية لأوكرانيا، ما يعني أيضًا المشاركة في إمداد النظام الأوكراني، الذي تصنفه روسيا على أنه "نظام نازي".
تداعيات الخطوة
وأكد الخبراء العسكريون أن الغرب يسعى بكل الطرق لإيجاد بدائل في حال خسارة أوكرانيا، لمنع روسيا من تحقيق أهدافها العسكرية والسياسية على الأرض، مشيرين إلى أن محاولات أوروبا لافتتاح معمل لإنتاج الأسلحة في أوكرانيا أمر مستحيل، نظرًا إلى قدرات روسيا على استهداف هذه المنشآت.
من جانبه، قال محمود الأفندي، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، إن مراكز التدريب التي يفتتحها حلف الناتو في ألمانيا لتدريب الجيش الأوكراني تمثل "هيستيريا" غربية، ناتجة عن عدم وجود خطة بديلة في حال خسارة أوكرانيا.
وأضاف أن محاولات الناتو لافتتاح معامل أسلحة في أوكرانيا أمر غير مجدٍ، فروسيا ستستهدف هذه المعامل فورًا.
ولفت الأفندي في تصريحات لـ"إرم نيوز" إلى أن محاولات الناتو لم تقتصر على فتح مراكز تدريب، بل امتدت أيضًا إلى إدخال خبراء عسكريين لتدريب الجيش الأوكراني.
ووصف الأفندي تلك المحاولات بأنها تعبير عن عدم وجود توازنات استراتيجية، مشيرًا إلى أن خسارة أوكرانيا في الحرب ستؤدي إلى نهاية النخب السياسية في أوروبا.
وأوضح أن الأنظمة السياسية في الدول الأوروبية الفاعلة مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا قد وضعت مستقبلها السياسي على المحك من خلال دعمها لأوكرانيا، فإذا خسرت أوكرانيا، فإن هذه الدول ستخسر قوتها السياسية وتصبح خارج اللعبة السياسية العالمية.
وأشار الأفندي إلى أن الدول الغربية تحاول مساعدة أوكرانيا على أمل أن تقلب الموازين لصالحها ضد روسيا، لكن لا أمل أمام أوكرانيا إلا في وجود جيش مدرب قادر على الصمود.
التأثير في المعركة
من جانبه، قال رامي القليوبي، أستاذ زائر بكلية الاستشراق في المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو، إن افتتاح مراكز تدريب للناتو في ألمانيا لن يكون له تأثير كبير في سير المعركة بين روسيا وأوكرانيا، رغم أنه قد يساعد الجنود الأوكرانيين في بعض التدريبات التي قد تحقق لهم بعض الانتصارات التكتيكية.
وأضاف القليوبي في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن هذه الخطوة قد تثير استياء روسيا على المستوى السياسي، خاصة أن ألمانيا كانت تعد شريكًا براجماتيًا لها في الماضي، وكانت أكبر مشتري للغاز الروسي، إلا أن برلين تحولت الآن إلى أحد أبرز المواقف المتشددة ضد روسيا في الكتلة الغربية.
وأكد القليوبي أن خسارة أوكرانيا ستكون خسارة لحلف الناتو، مشيرًا إلى أن ذلك قد يؤدي إلى تفكك الحلف والاتحاد الأوروبي، إذ إن خسارة أوكرانيا قد تعني نهاية تحالفات الغرب في المنطقة.
وأشار إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية قاربت على الانتهاء، وأن الجيش الأوكراني أوشك على الانهيار، ولن تنفعه مراكز تدريب حلف الناتو في تغيير موازين المعركة. وأكد أن ما تبقى أمام أوكرانيا هو إعلان الهزيمة، بعد أن فقدت معظم إمكانياتها.