تستعد الحكومة الفرنسية لاتخاذ حزمة من الإجراءات الجديدة في إطار ما تصفه بـ"مواجهة المخاطر الأيديولوجية المتصاعدة" لجماعة الإخوان المسلمين، وذلك بعد صدور تقرير استخباري أثار جدلًا واسعًا، بشأن تمدد الجماعة في البلاد، بحسب خبير فرنسي متخصص في شؤون الشرق الأوسط.
وفي حوار خاص مع "إرم نيوز"، كشف الخبير الفرنسي رولان لومباردي أن التحذيرات التي جاء بها التقرير ليست بجديدة، بل تم التنبيه إليها منذ أكثر من عشر سنوات.
وقدمت السلطات الفرنسية التقرير المعنون "الإخوان المسلمون والإسلام السياسي في فرنسا" خلال اجتماع مجلس الدفاع الأربعاء الـ21 من مايو، وهو ما عُد نقطة تحول أمنية بالغة الأهمية؛ إذ يرصد التقرير استراتيجية الجماعة في "التسلل" إلى العديد من المنظمات الفرنسية.
ويؤكد التقرير أن جماعة الإخوان تتمتع بحضور قوي في قطاعات متعددة، مثل: التعليم والعمل الخيري والسياسة؛ ما يعزز قدرتها على التأثير الاجتماعي، واستغلال الأُطر القانونية لتحقيق أهدافها الأيديولوجية. ويُعد هذا التغلغل سبباً رئيساً للقلق لدى السلطات الفرنسية، التي تخشى أن يستمر هذا النفوذ في تهديد وحدة النسيج الاجتماعي والقيم الديمقراطية.
رغم تسليط التقرير، الذي يتألف من 73 صفحة، الضوء على الدور الخطير الذي تلعبه الجماعة في فرنسا، ورغبتها الواضحة في التسلل إلى المجتمع، فإنه لم يقترح حتى الآن أي تدابير ملموسة أو حاسمة، بحسب ما أشار الخبير في حواره مع "إرم نيوز".
بدايةً، ماذا يكشف لنا التقرير الأخير عن حضور جماعة الإخوان المسلمين في فرنسا؟
التقارير الأمنية الأخيرة ليست جديدة؛ فقد تم التحذير منذ أكثر من عشر سنوات من تزايد نفوذ جماعة الإخوان المسلمين في فرنسا. التقرير المقدم لمجلس الدفاع يوضح كيف تستغل الجماعة منظمات عدة، خاصة في قطاعات التعليم والعمل الخيري والسياسة، لبناء تأثير اجتماعي واسع يدعم أهدافها الأيديولوجية.
هل يمكن أن توضح لنا أكثر كيف تستغل الجماعة هذه القطاعات؟
الجماعة تملك حضوراً قوياً في مؤسسات تعليمية وجمعيات خيرية، وتستخدم الأُطر القانونية الفرنسية للاستفادة من التمويلات الأجنبية واستغلالها لتعزيز نفوذها. هذا التغلغل أصبح مصدر قلق كبير للسلطات بسبب تأثيره في وحدة المجتمع والقيم الديمقراطية.
التقرير لم يقدم إجراءات حاسمة حتى الآن، لماذا؟
التقرير يميل إلى تبني مقاربات وقائية ومراقبة تدريجية بدلاً من اتخاذ إجراءات صارمة مباشرة، وذلك نتيجة التوازن الحساس بين الضرورات الأمنية والسياسات الداخلية والدبلوماسية المعقدة، خاصة مع الدول التي تمول وتحمي الجماعة.
ما الإجراءات التي تتوقع أن تتخذها فرنسا قريباً؟
من المتوقع أن تقوم السلطات بحل جمعيات معينة بشكل انتقائي، وتجميد التمويلات الأجنبية المشبوهة، وتعزيز الرقابة الضريبية والجمركية، بالإضافة إلى تكثيف التنسيق الأوروبي في مجال تبادل المعلومات الاستخباراتية.
هل تعتقد أن هذه الإجراءات ستكون كافية؟
لا، هذه الإجراءات وحدها لن تحسم الموضوع، فهناك دول تمول وتدعم الجماعة، وستحاول ممارسة ضغوط لمنع فرض قيود صارمة جداً. لذا يجب أن تكون الاستراتيجية شاملة ومرنة.
كيف تتابع فرنسا هذه الظاهرة على المستوى الأوروبي والدولي؟
فرنسا تعتمد بشكل متزايد على التنسيق مع شركائها في الاتحاد الأوروبي والدول المجاورة لتبادل المعلومات ومكافحة الشبكات العابرة للحدود التي تدير أنشطة التمويل والتجنيد.
هل هناك أي دلالات خاصة لتوقيت نشر هذا التقرير؟
نعم، نشر التقرير قبل الانتخابات قد يكون محاولة لإظهار موقف أمني صارم دون تكبد تكاليف سياسية كبيرة. لكن في الوقت ذاته، هناك مؤشرات خطيرة على نفوذ متزايد للإخوان داخل المجتمع الفرنسي؛ ما قد يسبب انقسامات وصراعات تهدد استقرار البلاد على المدى المتوسط والبعيد.