قبل يومين فقط من التصويت البرلمانيّ على سحب الثقة من حكومة فرانسوا بايرو، تحبس فرنسا أنفاسها، حيث تقف البلاد على أعتاب أزمة سياسية هي الأقسى منذ عقود طويلة، إذ إنها لا تهدد بإسقاط حكومة بايرو فحسب، بل قد تعصف بدورها بالرئيس إيمانويل ماكرون.
وتشير كافة المؤشرات القادمة من باريس إلى أنّ المحادثات التي عقدها بايرو كلها باءت بالفشل، ولم تستطع إحداث شرخ في التوافق السياسي والبرلماني الواسع على إسقاطه في جلسة 8 سبتمبر.
ودخل حزب "فرنسا الأبية" أكبر أحزاب المعارضة اليسارية لماكرون على الخط، بالدعوة لا إلى إسقاط الحكومة فحسب في جلسة يوم 8 سبتمبر، بل إلى رحيل الرئيس إيمانويل ماكرون باعتباره "مسؤولا عن الأزمة".
وتتزامن هذه التحركات مع "أسبوع الغضب" المرتقب في فرنسا، مع تنظيم تحرك احتجاجي واسع وإضراب عام تحت شعار "لنغلق كل شيء" يوم 10 سبتمبر الجاري، وهو إضراب يؤكد حالة الاحتقان الاجتماعي والانسداد السياسي الذي وصلت له فرنسا في عهد الرئيس إيمانويل ماكرون.
واعتبر القيادي في حزب "فرنسا الأبية" جون لوك ميلونشون، في خطاب في مدينة ليل الفرنسية، أنّ فرنسا دخلت "موسم التخلّص"، وفق تعبيره.
وفي رسالة تهديد واضحة لماكرون، قال ميلينشون: "يوم العاشر من سبتمبر سنغلق كلّ شيء، من أجل دفع الرئيس ماكرون إلى التنحي؛ لأنه هو المسؤول عن الأزمة التي نعيشها".
مشاورات واسعة
وقد خصّص بايرو كافّة أيّام الأسبوع للمشاورات البرلمانية الواسعة مع الطيف السياسي الفرنسيّ، باستثناء أقصى اليسار المتشكل من حزب "فرنسا الأبية" والخضر.
كما ستكون له، الأحد، مقابلات إعلامية صحفية، للتشديد على موقفه "المبدئي" من ضرورة ترشيد الموازنة والتقشف في المصاريف والحدّ من المديونية.
ويبدو أنّ فرنسا ستطوي بعد غد الاثنين، صفحة حكومة فرانسوا بيرو بشكل كامل، إذ إنّ الخطاب السياسي للأحزاب السياسية الفرنسية بات يتحدث بكل وضوح عن ملامح الحكومة القادمة وعن شكل التحالفات الممكنة.
ما بعد بايرو
إذ أكّد الأمين العام لحزب الجمهوريين – وهو الحزب المؤيد لإيمانويل ماكرون ويمثل أهمّ أركان حزامه البرلماني- عثمان نصرو، أنّ حزبه لن يشارك في حكومة يشارك فيها اليسار، قائلا إنْ كان اليسار في ماتينيون (مقر رئاسة الحكومة)، فإنّ اليمين سيكون في المعارضة".
ويشار إلى أنّ اليمين في عُرف الأحزاب الفرنسية يعود إلى الأحزاب المتمسكة بالتراث السياسي لشارل ديغول، وللأحزاب المتباينة عن خطّ اليمين المتطرف وخيارات اليسار.
وفي تصريح لافت، اعتبر نصرو أنّ اليسار الفرنسي "هو الأكثر تخلفا في كل أوروبا"، وفق تعبيره، منتقدا التقارب الشديد بين الحزب الاشتراكي وحزب فرنسا الأبية.