تتصاعد الانتقادات الموجهة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من قبل المعارضة، التي تتهمه بمسؤوليته المباشرة عن زيادة الدين العام بأكثر من 1000 مليار يورو منذ توليه الرئاسة في أيار/مايو من عام 2017.
وتفاقمت الديون بعد سلسلة من التخفيضات الضريبية التي استفاد منها أصحاب الدخول العالية والشركات الكبرى، بحسب ما أوردت صحيفة "لو موند" الفرنسية.
وتشير الأرقام الرسمية إلى أن الدين العام الفرنسي كان يبلغ 2281 مليار يورو في حزيران/يونيو 2017، وارتفع إلى 3345 مليار يورو في آذار/مارس 2025، أي بزيادة قدرها 1064 مليار يورو أو بنسبة 47% تقريبًا، وهو ما استغلته المعارضة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الكثيرين غفلوا عن أن الناتج المحلي الإجمالي (GDP) للبلاد نما بنسبة 30% خلال الفترة نفسها، ما يخفف من حدة الدين مقارنة بالثروة الوطنية.
وذكر الخبير الاقتصادي كزافييه راغو، رئيس المرصد الفرنسي للظروف الاقتصادية (OFCE)، أن "الدول التي تسجل نموًا في ناتجها المحلي يمكنها تحمل مستوى أعلى من الدين لأنها تمتلك موارد أكبر لسداده".
وعند مقارنة الدين بالناتج المحلي الإجمالي، يُلاحظ أنه شكّل 101% من الناتج في عام 2017 مقابل 114% في عام 2025، أي بزيادة قدرها 13 نقطة مئوية، وفقًا للصحيفة.
وبيّنت أن تفسير الزيادة يعود لعدة عوامل، أولها، العجز المستمر في الميزانية، فقد تجاوزت النفقات الإيرادات سنويًا، كما أدت الأزمات الاستثنائية دورًا كبيرًا، مثل جائحة كورونا بين 2020 و2021، وخطة التعافي الاقتصادي، وأزمة الطاقة عام 2022، مع التدابير الخاصة بحماية المستهلك من ارتفاع الأسعار.
ونوهت الصحيفة أن تلك النفقات تمثل ما بين نصف وثلاثة أرباع زيادة الدين خلال الفترة 2017-2023، بينما يتعلق العامل الثاني بخفض الضرائب.
كما أسهمت الإجراءات الضريبية في بداية ولاية ماكرون، مثل إلغاء ضريبة الثروة وتطبيق الضريبة الموحدة على الدخل الرأسمالي وتقليل ضريبة الشركات، في تراجع موارد الدولة.
لكن أغلب الانخفاض في الإيرادات كان نتيجة الإجراءات التي اتخذت بعد احتجاجات "السترات الصفراء"، مثل تخفيض ضريبة الدخل وإلغاء الضريبة السكنية وتخفيض مساهمات اجتماعية للفئات المتوسطة، وهو ما يكلف الدولة نحو 132 مليار يورو بين 2019 و2023.
ولفتت الصحيفة إلى أنه على الرغم من تلك التحديات، استفاد ماكرون من ظروف اقتصادية مواتية، مع معدلات فائدة منخفضة ونمو ثابت، ما أسهم في الحد من تأثير الدين.
وذكرت الصحيفة أن الدين العام الفرنسي شهد ارتفاعًا ملحوظًا تحت رئاسة ماكرون، لكن قراءة الرقم 1000 مليار يورو بمفرده تبسيطية وتفتقد للسياق الاقتصادي والسياسي، إذ تتشابك العوامل الاقتصادية الطارئة مع الخيارات السياسية الضريبية في تفسير هذا التطور.