أعلنت مجموعة واسعة من وسائل الإعلام الأمريكية، بما في ذلك "واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز" و"سي إن إن" و"نيوزماكس"، رفضها توقيع السياسة الجديدة للبنتاغون التي تقيد عمل الصحفيين داخل المؤسسة العسكرية؛ ما يفتح جدلًا متصاعدًا بشأن حرية الصحافة في البلاد.
وكشفت "واشنطن بوست"، أن القرار الذي جاء قبل موعد المهلة النهائية للتوقيع يوم الثلاثاء، أثار نقاشًا حادًا حول حرية الصحافة والدستور الأمريكي.
وتنص السياسة الجديدة على أن الصحفيين لا يمكنهم الحصول على أو طلب أي معلومات لم تُصرّح بها وزارة الدفاع صراحة، ومن لم يوقع بحلول الساعة الـ5 مساء يوم الثلاثاء، سيكون أمامه 24 ساعة لتسليم بطاقة الاعتماد الإعلامي ومغادرة مرافق البنتاغون.
من جهته وصف رئيس تحرير صحيفة "واشنطن بوست" مات موراي، هذه السياسة بأنها تقوض الحماية الدستورية للصحافة، قائلاً: "القيود المقترحة تقلل من حقوق الصحفيين في جمع ونشر المعلومات الضرورية حول سياسات ومسؤوليات الحكومة".
ويرى مراقبون أن هذا الرفض لم يقتصر على الصحف التقليدية، بل شمل أيضًا الشبكات الإخبارية اليمينية مثل "نيوزماكس" و"واشنطن تايمز"، وأوضح محرروهم أن توقيع مثل هذه السياسات يتناقض مع المبادئ الأساسية للعمل الصحفي، بينما لم توقِّع كذلك وسائل إعلامية أخرى مثل "رويترز" و"وول ستريت جورنال" و"أتلانتك".
وحتى وسائل الإعلام المحافظة كانت منقسمة؛ إذ إن "ون أمريكا نيوز" هي الوحيدة التي أعلنت توقيعها بعد مراجعة قانونية، بينما رفضت معظم المؤسسات المحافظة الأخرى المشاركة.
ويرى الخبراء أن هذه السياسات الحكومية تعكس محاولة متكررة من وزير الدفاع بيت هيغسيث لتقليص التغطية الإعلامية للبنتاغون، بعد تقليص عدد المؤتمرات الصحفية وحرمان المؤسسات الكبرى من المكاتب المخصصة لهم، وتقييد حركتهم داخل المباني.
بدوره وصف المتحدث السابق للبنتاغون في إدارة ترامب جون أليوت، هذه السياسة بأنها "قيود بأسلوب سوفيتي"، داعيًا إلى إعادة فتح قاعات المؤتمرات والتعامل مع الإعلام بوضوح وثقة.
ويحذر منتقدون من أن رفض الصحفيين والهيئات الصحفية قد يقود إلى نزاع قانوني؛ فقد استعانت رابطة الصحافة بالبنتاغون بمحامٍ، فيما شاركت فِرق قانونية من المؤسسات الإعلامية في مناقشات مكثفة حول توقيع السياسة أو رفضها، وسط توقعات بإمكانية رفع قضايا قانونية في الأيام المقبلة.
ومع استمرار الجدل، يبدو أن الصحافة الأمريكية، سواء اليسارية أو المحافظة، لا تزال متّحدة في الدفاع عن حقِّها في التغطية المستقلة، لكن في المقابل، تبدو وزارة الدفاع مصرّة على فرض ضوابط داخلية؛ ما يفتح فصلًا جديدًا من الصراع بين حرية الإعلام والأجهزة الحكومية.